هل عقد الزواج في المحكمة شرعي

هل عقد الزواج في المحكمة شرعي

المقدمة:

الزواج هو رابطة مقدسة بين رجل وامرأة، وهو أحد أهم الأركان الأساسية لبناء المجتمع والحفاظ على استقراره، وقد شرع الله الزواج في جميع الشرائع السماوية، وأحاطه بالكثير من الأحكام والضوابط التي تحفظ حقوق الزوجين وتحمي الأسرة من التفكك والانهيار.

وقد اختلف الفقهاء حول جواز عقد الزواج في المحكمة، فمنهم من أجازه ومنهم من حرمه، وفي هذا المقال سوف نستعرض آراء الفقهاء في هذه المسألة، وندلل على الرأي الصحيح بالأدلة الشرعية.

آراء الفقهاء في عقد الزواج في المحكمة:

اختلف الفقهاء في حكم عقد الزواج في المحكمة إلى ثلاثة أقوال:

القول الأول: وهو جواز عقد الزواج في المحكمة، لاسيما إذا تعذر العقد أمام المأذون الشرعي، وهذا هو مذهب الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة.

القول الثاني: وهو حرمة عقد الزواج في المحكمة، وهذا هو مذهب الظاهرية.

القول الثالث: وهو التفصيل بين عقد الزواج في المحكمة الإسلامية وعقد الزواج في المحكمة المدنية، فالأول جائز والثاني حرام، وهذا هو مذهب بعض المعاصرين.

أدلة القائلين بجواز عقد الزواج في المحكمة:

استدل القائلون بجواز عقد الزواج في المحكمة بالعديد من الأدلة الشرعية، منها:

قوله تعالى: {وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ} [الطلاق: 2]، وقد قال الفقهاء إن الشهود في عقد الزواج لا يشترط فيهم أن يكونوا من المأذونين الشرعيين.

حديث الرسول صلى الله عليه وسلم: {إذا خطب أحدكم امرأة، فلا جناح عليه أن ينظر إليها إن كان يرجو أن يعقد عليها} [رواه أحمد والترمذي]، وهذا الحديث يدل على أن الزواج لا يتم إلا بالعقد، والعقد لا يصح إلا بعد الخطبة.

إجماع الفقهاء على جواز عقد الزواج في المحكمة: فقد أجمع الفقهاء على جواز عقد الزواج في المحكمة، وهذا الإجماع حجة شرعية تدل على صحة هذا القول.

أدلة القائلين بحرمة عقد الزواج في المحكمة:

استدل القائلون بحرمة عقد الزواج في المحكمة بالعديد من الأدلة الشرعية، منها:

قوله تعالى: {وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ والصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ} [النور: 32]، وقد قال الفقهاء إن هذه الآية تدل على أن النكاح من شعائر الإسلام، ولا يجوز إجراؤه إلا من خلال الجهات المختصة بذلك، وهي المحاكم الشرعية.

حديث الرسول صلى الله عليه وسلم: {لا نكاح إلا بولي وشاهدي عدل} [رواه ابن حبان والحاكم]، وهذا الحديث يدل على أن النكاح لا يتم إلا بحضور الولي والشاهدي عدل، وهذا الشرط لا يتوافر في عقد الزواج في المحكمة.

إجماع الفقهاء على حرمة عقد الزواج في المحكمة المدنية: فقد أجمع الفقهاء على حرمة عقد الزواج في المحكمة المدنية، وهذا الإجماع حجة شرعية تدل على صحة هذا القول.

التفصيل بين عقد الزواج في المحكمة الإسلامية وعقد الزواج في المحكمة المدنية:

ذهب بعض الفقهاء المعاصرين إلى التفصيل بين عقد الزواج في المحكمة الإسلامية وعقد الزواج في المحكمة المدنية، فقالوا إن الأول جائز والثاني حرام، واستدلوا على ذلك بالعديد من الأدلة الشرعية، منها:

قوله تعالى: {وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ} [الطلاق: 2]، وقد قال الفقهاء إن الشهود في عقد الزواج لا يشترط فيهم أن يكونوا من المأذونين الشرعيين، وهذا يدل على أن عقد الزواج في المحكمة الإسلامية جائز.

حديث الرسول صلى الله عليه وسلم: {إذا خطب أحدكم امرأة، فلا جناح عليه أن ينظر إليها إن كان يرجو أن يعقد عليها} [رواه أحمد والترمذي]، وهذا الحديث يدل على أن الزواج لا يتم إلا بالعقد، والعقد لا يصح إلا بعد الخطبة، وهذا يدل على أن عقد الزواج في المحكمة المدنية حرام.

إجماع الفقهاء على حرمة عقد الزواج في المحكمة المدنية: فقد أجمع الفقهاء على حرمة عقد الزواج في المحكمة المدنية، وهذا الإجماع حجة شرعية تدل على صحة هذا القول.

شروط عقد الزواج في المحكمة:

إذا أردنا عقد الزواج في المحكمة، فعلينا أن نستوفي الشروط التالية:

حضور الزوجين الراغبين في الزواج.

حضور الولي الشرعي للمرأة، أو وكيله.

حضور شاهدي عدل.

إثبات شخصية الزوجين والولي والشهود.

دفع الرسوم المقررة.

إجراءات عقد الزواج في المحكمة:

بعد استيفاء الشروط اللازمة لعقد الزواج في المحكمة، تتم الإجراءات التالية:

يقدم الزوجان والولي والشهود أوراقهم الثبوتية إلى المحكمة.

يدفع الزوجان الرسوم المقررة.

يكتب المأذون الشرعي عقد الزواج ويوقعه الزوجان والولي والشهود.

يسلم المأذون الشرعي للزوجين وثيقة الزواج.

خاتمة:

عقد الزواج في المحكمة جائز شرعًا، إذا تعذر العقد أمام المأذون الشرعي، بشرط استيفاء الشروط والإجراءات اللازمة، وقد استدل القائلون بجوازه بالعديد من الأدلة الشرعية، منها قوله تعالى: {وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ} [الطلاق: 2]، وحديث الرسول صلى الله عليه وسلم: {إذا خطب أحدكم امرأة، فلا جناح عليه أن ينظر إليها إن كان يرجو أن يعقد عليها} [رواه أحمد والترمذي].

أضف تعليق