هل كل دعاء مستجاب

هل كل دعاء مستجاب

المقدمة:

الدعاء هو من أهم العبادات التي أمرنا بها الله عز وجل، وهو وسيلة للتواصل بين العبد وربه، وطلب الحاجات منه. وقد ورد في القرآن الكريم والسنة النبوية الكثير من الأدلة التي تحث على الدعاء وتبين فضله وأهميته. وفي هذا المقال، سنتناول مسألة هل كل دعاء مستجاب؟ وما هي الشروط التي يجب توافرها حتى يستجاب الدعاء؟

شروط استجابة الدعاء:

1. الإخلاص لله عز وجل:

يجب أن يكون الدعاء خالصًا لله عز وجل، ولا يُشرك معه أحدًا في الدعاء. قال تعالى: {وَمَنْ يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ لَا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِنْدَ رَبِّهِ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ} [غافر: 18].

2. اتباع السُّنَّة النبوية في الدعاء:

يجب أن يتبع المسلم السُّنَّة النبوية في الدعاء، وأن يدعو بما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “الدعاء مخ العبادة” [سنن الترمذي].

3. الدعاء بأسماء الله الحسنى وصفاته العلى:

يجب أن يدعو المسلم الله عز وجل بأسمائه الحسنى وصفاته العلى، وأن يتضرع إليه ويتوسل إليه بها. قال تعالى: {وَلِلَّهِ الأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا} [الأعراف: 180].

4. الدعاء بقلب حاضر وصادق:

يجب أن يكون الدعاء بقلب حاضر وصادق، وأن يكون المتضرع متيقنًا من إجابة الله عز وجل لدعائه. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “إن الله تعالى حيي كريم يستحي أن يرد عبدًا إذا رفع إليه يديه” [سنن أبي داود].

5. الدعاء في الأوقات والأماكن المستجابة:

هناك أوقات وأماكن مستجابة للدعاء، وردت فيها أحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم تبين فضل الدعاء فيها. ومن هذه الأوقات: ليلة القدر، ويوم عرفة، والثلث الأخير من الليل، وساعة الإجابة يوم الجمعة. ومن هذه الأماكن: المسجد الحرام، والمسجد النبوي، وبين الركن والمقام، وعلى الصفا والمروة.

6. الدعاء بإلحاح وتكرار:

يجب أن يدعو المسلم بإلحاح وتكرار، ولا يمل من الدعاء. قال تعالى: {وَادْعُوهُ خَوْفًا وَطَمَعًا إِنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ} [الأعراف: 56].

7. الدعاء مع حسن الظن بالله عز وجل:

يجب أن يدعو المسلم مع حسن الظن بالله عز وجل، وأن يتيقن من إجابة الله تعالى لدعائه. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “ادعوا الله وأنتم موقنون بالإجابة، واعلموا أن الله لا يستجيب دعاء من قلب غافل لاه” [سنن الترمذي].

الحكمة في عدم استجابة بعض الأدعية:

هناك أسباب كثيرة قد تؤدي إلى عدم استجابة بعض الأدعية، منها:

1. عدم توافر شروط استجابة الدعاء:

إذا لم يتوفر في الدعاء الشروط التي ذكرناها سابقًا، فمن المحتمل ألا يستجيب الله تعالى له.

2. ارتكاب الذنوب والمعاصي:

قد يؤدي ارتكاب الذنوب والمعاصي إلى عدم استجابة الدعاء، قال تعالى: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ} [البقرة: 186].

3. الدعاء بمعصية أو قطيعة رحم:

لا يستجيب الله تعالى لدعاء العبد إذا كان يدعو بمعصية أو قطيعة رحم، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “لا يزال يستجاب للعبد ما لم يدع بإثم أو قطيعة رحم” [سنن أبي داود].

4. الدعاء على الغير بالشر:

لا يستجيب الله تعالى لدعاء العبد إذا كان يدعو على الغير بالشر، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “لا تدعوا على أنفسكم ولا تدعوا على أولادكم ولا تدعوا على أموالكم ولا تدعوا على خدمكم، لا توافقوا من الله ساعة سخط فيستجيب لكم” [سنن أبي داود].

5. التعجل في الإجابة:

قد لا يستجيب الله تعالى لدعاء العبد لأنه يتعجل في الإجابة، ولم ينتظر الوقت المناسب لإجابة دعائه. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “يستجاب للعبد ما لم يعجل، يقول: دعوت ربي فلم يستجب لي” [سنن الترمذي].

فضل الدعاء وثمراته:

1. استجابة الدعاء:

أعظم ثمرة للدعاء هي استجابته من الله عز وجل، قال تعالى: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ} [البقرة: 186].

2. رفع البلاء والضر:

الدعاء سبب لرفع البلاء والضر عن العبد، قال تعالى: {وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ} [الأنفال: 33].

3. جلب الرزق والبركة:

الدعاء سبب لجلب الرزق والبركة للعبد، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “من وسع على نفسه في الدعاء وسع الله عليه في الرزق” [سنن الترمذي].

4. دفع شر الأعداء:

الدعاء سبب لدفع شر الأعداء عن العبد، قال تعالى: {وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ} [فصلت: 36].

5. الشفاعة يوم القيامة:

الدعاء سبب للشفاعة يوم القيامة، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “كل دعوة مستجابة ما لم يدع بإثم أو قطيعة رحم، أو يسأل مالا ينبغي له” [سنن أبي داود].

الخاتمة:

الدعاء من أعظم العبادات وأفضلها، وهو وسيلة للتواصل بين العبد وربه، وطلب الحاجات منه. وقد أوضحنا في هذا المقال شروط استجابة الدعاء، والحكمة في عدم استجابة بعض الأدعية، وفضل الدعاء وثمراته. نسأل الله عز وجل أن يوفقنا إلى الدعاء إليه، وأن يستجيب لدعائنا، وأن يرزقنا ما نتمنى.

أضف تعليق