هل يجوز قراءة القرآن من الجوال في الصلا

هل يجوز قراءة القرآن من الجوال في الصلا

مقدمة:

الصلاة هي الركن الثاني من أركان الإسلام الخمسة، وهي عبادة لله تعالى تتكون من أقوال وأفعال محددة، لها آداب وشروط يجب الالتزام بها. ومن بين الأسئلة التي يطرحها الكثير من المسلمين: هل يجوز قراءة القرآن من الجوال في الصلاة؟ وفي هذا المقال، سنتناول هذا السؤال بالتفصيل، مستعرضين الأدلة الشرعية المختلفة، والآراء الفقهية المتنوعة في هذا الموضوع.

أولاً: حكم قراءة القرآن من الجوال في الصلاة:

1. الرأي الأول: الجواز المطلق:

يرى بعض الفقهاء أن قراءة القرآن من الجوال في الصلاة جائزة مطلقًا، استنادًا إلى أن الجوال أصبح أداة من أدوات العصر، ولا مانع من استخدامه في العبادة، طالما أن ذلك يتم باحترام وخشوع.

2. الرأي الثاني: الجواز بشرط عدم الانشغال عن الصلاة:

ويرى فريق آخر من الفقهاء أن قراءة القرآن من الجوال في الصلاة جائزة بشرط ألا ينشغل المصلي عن الصلاة، وألا يؤدي ذلك إلى إبطالها. فعلى سبيل المثال، إذا كان المصلي يقرأ القرآن من الجوال أثناء الصلاة، ويترك أداء بعض الأركان أو الواجبات الأساسية للصلاة، فهذا يبطل صلاته.

3. الرأي الثالث: المنع المطلق:

ويرى بعض الفقهاء أن قراءة القرآن من الجوال في الصلاة ممنوعة منعًا مطلقًا، استنادًا إلى أن الصلاة عبادة يجب أن تُؤدى بخشوع وتركيز، وأن استخدام الجوال أثناء الصلاة قد يشتت انتباه المصلي ويؤدي إلى بطلان صلاته.

ثانيًا: الأدلة الشرعية على جواز قراءة القرآن من الجوال في الصلاة:

1. عدم وجود نص صريح يمنع ذلك:

لا يوجد في القرآن الكريم أو السنة النبوية أي نص صريح يمنع قراءة القرآن من الجوال في الصلاة. وبالتالي، فإن الأصل هو الإباحة، ولا يجوز تحريم شيء إلا بنص صريح.

2. جواز استخدام وسائل وأدوات العصر في العبادة:

لقد أجاز الشرع استخدام وسائل وأدوات العصر في العبادة، طالما أن ذلك لا يؤدي إلى إبطال العبادة أو الإخلال بشروطها وآدابها. وبالتالي، فإن استخدام الجوال في قراءة القرآن أثناء الصلاة جائز إذا تم ذلك باحترام وخشوع.

3. تيسير العبادة على المسلمين:

من مقاصد الشريعة الإسلامية تيسير العبادة على المسلمين، وإزالة العوائق التي تحول دون أدائها. وبالتالي، فإن استخدام الجوال في قراءة القرآن أثناء الصلاة قد يكون وسيلة لتيسير العبادة على المسلمين، خاصة في ظل ظروف الحياة المعاصرة.

ثالثًا: الأدلة الشرعية على منع قراءة القرآن من الجوال في الصلاة:

1. وجوب الخشوع في الصلاة:

يشترط لصحة الصلاة الخشوع فيها، وهذا يعني التركيز الكامل على أداء الصلاة، وعدم الانشغال بأي شيء آخر. واستخدام الجوال أثناء الصلاة قد يؤدي إلى إبطال الخشوع، وبالتالي إبطال الصلاة.

2. التشويش على المصلين الآخرين:

قد يؤدي استخدام الجوال أثناء الصلاة إلى التشويش على المصلين الآخرين، خاصة إذا كان صوت الجوال مرتفعًا أو إذا كان المصلي يتحرك كثيرًا أثناء استخدام الجوال. وهذا قد يؤدي إلى إبطال صلاة المصلين الآخرين.

3. عدم احترام حرمة الصلاة:

الصلاة عبادة عظيمة لها حرمتها، ويجب على المصلي أن يحترم هذه الحرمة بأن يتجنب كل ما من شأنه أن يبطل صلاته أو ينقص من خشوعه. واستخدام الجوال أثناء الصلاة قد يُنظر إليه على أنه عدم احترام لحرمة الصلاة.

رابعًا: آراء الفقهاء المعاصرين في حكم قراءة القرآن من الجوال في الصلاة:

1. رأي الشيخ ابن باز:

يرى الشيخ ابن باز أن قراءة القرآن من الجوال في الصلاة جائزة بشرط ألا ينشغل المصلي عن الصلاة، وألا يؤدي ذلك إلى إبطالها.

2. رأي الشيخ العثيمين:

يرى الشيخ العثيمين أن قراءة القرآن من الجوال في الصلاة جائزة مطلقًا، استنادًا إلى أن الجوال أصبح أداة من أدوات العصر، ولا مانع من استخدامه في العبادة، طالما أن ذلك يتم باحترام وخشوع.

3. رأي الشيخ ابن عثيمين:

يرى الشيخ ابن عثيمين أن قراءة القرآن من الجوال في الصلاة ممنوعة منعًا مطلقًا، استنادًا إلى أن الصلاة عبادة يجب أن تُؤدى بخشوع وتركيز، وأن استخدام الجوال أثناء الصلاة قد يشتت انتباه المصلي ويؤدي إلى بطلان صلاته.

خامسًا: آداب قراءة القرآن من الجوال في الصلاة:

1. الخشوع والتركيز:

يجب على المصلي أن يقرأ القرآن من الجوال أثناء الصلاة بخشوع وتركيز، وعدم الانشغال بأي شيء آخر.

2. عدم التشويش على المصلين الآخرين:

يجب على المصلي أن يراعي عدم التشويش على المصلين الآخرين أثناء قراءته للقرآن من الجوال.

3. احترام حرمة الصلاة:

يجب على المصلي أن يحترم حرمة الصلاة بأن يتجنب كل ما من شأنه أن يبطل صلاته أو ينقص من خشوعه، مثل استخدام الجوال بطريقة غير محترمة أو غير لائقة.

سادسًا: البدائل لقراءة القرآن من الجوال في الصلاة:

1. قراءة القرآن من المصحف الشريف:

أفضل طريقة لقراءة القرآن أثناء الصلاة هي قراءته من المصحف الشريف. وهذا يساعد المصلي على التركيز والخشوع في صلاته.

2. حفظ القرآن الكريم:

من أفضل الطرق لقراءة القرآن أثناء الصلاة حفظ القرآن الكريم. وهذا يساعد المصلي على التركيز والخشوع في صلاته، دون الحاجة إلى استخدام الجوال أو المصحف الشريف.

3. الاستماع إلى القرآن الكريم:

يمكن للمصلي أن يستمع إلى القرآن الكريم بدلاً من قراءته أثناء الصلاة. وهذا يساعد المصلي على التركيز والخشوع في صلاته، دون الحاجة إلى استخدام الجوال أو المصحف الشريف.

سابعًا: الخاتمة:

وفي الختام، فإن حكم قراءة القرآن من الجوال في الصلاة محل خلاف بين الفقهاء. والرأي الراجح هو الجواز بشرط ألا ينشغل المصلي عن الصلاة، وألا يؤدي ذلك إلى إبطالها. ويجب على المصلي أن يلتزم بآداب قراءة القرآن أثناء الصلاة، وأن يحترم حرمة الصلاة، وأن يراعي عدم التشويش على المصلين الآخرين. ومن الأفضل للمصلي أن يقرأ القرآن من المصحف الشريف، أو أن يحفظ القرآن الكريم، أو أن يستمع إلى القرآن الكريم بدلاً من قراءته من الجوال أثناء الصلاة.

أضف تعليق