القرآن الكريم: اسم من أسمائه وأسراره
المقدمة:
يُعتبر القرآن الكريم الكتاب المقدس للإسلام، وهو المصدر الرئيسي للتشريع والتعاليم الدينية لدى المسلمين. ويتمتع هذا الكتاب الكريم بمكانة عظيمة لدى المسلمين، حيث يرون فيه كلام الله المنزل على نبيه محمد (صلى الله عليه وسلم) لتبليغه للناس. ولقد أُطلق على القرآن الكريم العديد من الأسماء، والتي تحمل دلالات ومعاني عميقة ترتبط بمضمونه وخصائصه الفريدة. وفي هذا المقال، سوف نستعرض واحداً من أسماء القرآن الكريم، وهو “الفرقان”، ونلقي الضوء على معانيه وأسراره.
1. الفرقان: التمييز بين الحق والباطل:
يشير اسم “الفرقان” إلى قدرة القرآن الكريم على التمييز بين الحق والباطل، والفصل بينهما بشكل واضح. ويأتي هذا الاسم من الفعل “فرق”، والذي يعني الفصل والتمييز بين شيئين. وفي هذا الإطار، يرى المفسرون أن القرآن الكريم يميز بين الحق والباطل في العديد من المجالات، بما في ذلك:
العقيدة: يوضح القرآن الكريم العقائد الإسلامية الصحيحة، ويدحض العقائد الشركية والضالة، ويوضح الفرق بين الإيمان والكفر.
الأخلاق: يحدد القرآن الكريم القيم الأخلاقية الصحيحة، ويرشد الناس إلى سلوكيات الخير والتقوى، ويزجرهم عن سلوكيات الشر والفساد.
الأحكام: يضع القرآن الكريم الأحكام الشرعية التي تنظم حياة المسلمين، ويحدد الحقوق والواجبات، ويقسم الناس إلى فئات لها حقوقها وواجباتها.
2. الفرقان: فصل بين المسلمين والكافرين:
يعتبر القرآن الكريم فاصلاً بين المسلمين والكافرين، حيث يبين الفرق بينهما في العقيدة والأخلاق والأحكام. ويظهر هذا الفصل جلياً في العديد من الآيات القرآنية، والتي تؤكد على ضرورة الابتعاد عن الكافرين ومحاربتهم، والدخول في حلف مع المسلمين. ومن الأمثلة على ذلك:
قوله تعالى: “يا أيها الذين آمنوا قاتلوا الذين يلونكم من الكفار وليجدوا فيكم غلظة” (سورة التوبة، الآية 123).
قوله تعالى: “يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا الكافرين أولياء من دون المؤمنين” (سورة النساء، الآية 144).
قوله تعالى: “وإذ قال عيسى ابن مريم يا بني إسرائيل إني رسول الله إليكم مصدقاً لما بين يدي من التوراة ومبشراً برسول يأتي من بعدي اسمه أحمد” (سورة الصف، الآية 6).
3. الفرقان: الحجة على الناس:
يُعتبر القرآن الكريم حجة على الناس، حيث لا يمكن لأحد أن يدحض حجته أو ينكر صدقه. ويأتي هذا الاسم من الفعل “حج”، والذي يعني إقامة الدليل وإثبات صحة الشيء. وفي هذا الإطار، يرى المفسرون أن القرآن الكريم يمثل دليلاً واضحاً على صدق نبوة محمد (صلى الله عليه وسلم)، حيث يحمل في طياته العديد من المعجزات اللغوية والبلاغية والعلمية. ومن الأمثلة على ذلك:
بلاغة القرآن الكريم وفصاحته، والتي لا يمكن لأحد أن يضاهيها.
احتواء القرآن الكريم على العديد من المعارف العلمية التي لم تكن معروفة في ذلك الوقت، مثل حركة الأرض حول الشمس، ووجود الجبال لتثبيت الأرض، وغيرها.
تحدي القرآن الكريم للناس أن يأتوا بمثله، وهو تحدٍ لم ينجح أحد في تحقيقه على مدار التاريخ.
4. الفرقان: نور وهداية:
يُعتبر القرآن الكريم نوراً وهدايةً للناس، حيث يرشدهم إلى الطريق الصحيح ويخلصهم من الظلام. ويأتي هذا الاسم من الفعل “نور”، والذي يعني الإضاءة والبيان. وفي هذا الإطار، يرى المفسرون أن القرآن الكريم ينير قلوب المؤمنين ويبصّرهم بالحقائق، ويرشدهم إلى الطريق الصحيح في الحياة. ومن الأمثلة على ذلك:
قوله تعالى: “لقد أنزلنا إليكم نوراً مبيناً” (سورة المائدة، الآية 15).
قوله تعالى: “يا أيها الناس قد جاءكم من ربكم برهان و أنزلنا إليكم نوراً مبيناً” (سورة النساء، الآية 174).
قوله تعالى: “الله ولي الذين آمنوا يخرجهم من الظلمات إلى النور” (سورة البقرة، الآية 257).
5. الفرقان: رحمة ومغفرة:
يُعتبر القرآن الكريم رحمة ومغفرة للمؤمنين، حيث يغفر لهم ذنوبهم ويرحمهم. ويأتي هذا الاسم من الفعل “رحم”، والذي يعني الشفقة والإحسان. وفي هذا الإطار، يرى المفسرون أن القرآن الكريم يبعث بالرحمة على المؤمنين ويغفر لهم ذنوبهم إذا تابوا وأصلحوا. ومن الأمثلة على ذلك:
قوله تعالى: “قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعاً” (سورة الزمر، الآية 53).
قوله تعالى: “ثم توبوا إلى ربكم وأسلموا له من قبل أن يأتيكم العذاب ثم لا تنصرون” (سورة فُصِّلت، الآية 13).
قوله تعالى: “وإذ قال موسى لقومه يا قوم إنكم ظلمتم أنفسكم باتخاذكم العجل فتوبوا إلى بارئكم فاقتلوا أنفسكم ذلكم خير لكم عند بارئكم فتاب عليكم إنه هو التواب الرحيم” (سورة البقرة، الآية 54).