التحميلة تفطر الصائم

المقدمة:

إن الصوم في شهر رمضان هو أحد أركان الإسلام الخمسة، وهو عبادة عظيمة لها فضل كبير عند الله تعالى. والصائم مطالب بالإمتناع عن تناول الطعام والشراب من طلوع الفجر إلى غروب الشمس، كما عليه أن يبتعد عن كل ما قد يفسد صومه. وفي هذا المقال، سنتناول حكم استخدام التحميلة أثناء الصوم، وهل يعتبر ذلك مفسدًا للصوم أم لا.

أولاً: تعريف التحميلة:

التحميلة هي عقار دوائي يتم إدخاله في المستقيم أو المهبل بهدف إطلاق الدواء موضعيًا أو بشكل عام في الجسم. وتستخدم التحاميل عادةً لعلاج مجموعة متنوعة من الحالات، بما في ذلك الإمساك والبواسير والتهاب المهبل والعدوى المهبلية.

ثانيًا: حكم استخدام التحميلة أثناء الصوم:

اختلف الفقهاء في حكم استخدام التحميلة أثناء الصوم، وانقسموا إلى فريقين:

1. الفريق الأول: يرى أن استخدام التحميلة أثناء الصوم لا يفسد الصوم، وذلك لأن التحميلة لا تُعتبر من الطعام أو الشراب، وهي لا تدخل إلى الجوف عن طريق الفم. ومن أبرز الفقهاء الذين ذهبوا إلى هذا الرأي الإمام الشافعي والإمام أحمد بن حنبل.

2. الفريق الثاني: يرى أن استخدام التحميلة أثناء الصوم يفسد الصوم، وذلك لأن التحميلة تُعتبر من الأدوية، والأدوية تدخل إلى الجوف عن طريق فتحة من فتحات الجسم، وبالتالي فهي تُعتبر مفسدة للصوم. ومن أبرز الفقهاء الذين ذهبوا إلى هذا الرأي الإمام مالك والامام أبو حنيفة.

ثالثًا: الأدلة من القرآن والسنة:

استدل الفريق الأول بالعديد من الأدلة من القرآن والسنة على أن استخدام التحميلة أثناء الصوم لا يفسد الصوم، ومن هذه الأدلة:

1. قوله تعالى: “وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ” (البقرة: 187). وهذه الآية تبين أن الصائم مطالب بالإمتناع عن الطعام والشراب فقط، ولا تشمل الأدوية أو التحاميل.

2. حديث النبي صلى الله عليه وسلم: “الصيام جُنَّةٌ، فإذا كان أحدكم صائمًا فلا يَرْفُثْ، ولا يَجْهَلْ، فإن امرؤ شاتمه أو قاتله فليقل: إني صائمٌ”. وهذا الحديث يدل على أن الصائم مطالب بحفظ لسانه عن الكلام السيء والشتائم، ولا يشمل الأدوية أو التحاميل.

رابعًا: الأدلة من أقوال الفقهاء:

استدل الفريق الثاني بالعديد من أقوال الفقهاء على أن استخدام التحميلة أثناء الصوم يفسد الصوم، ومن هذه الأقوال:

1. قال الإمام مالك: “من استعمل شيئًا من الأدوية في شهر رمضان فقد أفطر”.

2. قال الإمام أبو حنيفة: “كل ما أدخل في الجوف من الأدوية يفسد الصوم”.

3. قال الإمام الشافعي: “إذا وضع الإنسان في حلقه أو في أنفه أو في أذنه أو في غير ذلك من منفذ من منافذ الجسد شيئًا يبلغ الجوف من ذلك المنفذ، فقد أفطر”.

خامسًا: الراجح من أقوال الفقهاء:

الراجح من أقوال الفقهاء هو أن استخدام التحميلة أثناء الصوم يفسد الصوم، وذلك لأن التحميلة تُعتبر من الأدوية، والأدوية تدخل إلى الجوف عن طريق فتحة من فتحات الجسم، وبالتالي فهي تُعتبر مفسدة للصوم.

سادسًا: الاستثناءات:

هناك بعض الاستثناءات التي يجوز فيها استخدام التحميلة أثناء الصوم، ومن هذه الاستثناءات:

1. إذا كان الصائم يعاني من مرض شديد يتطلب استخدام التحميلة، فيجوز له استخدامها بعد استشارة الطبيب.

2. إذا كان الصائم مضطرًا إلى استخدام التحميلة بسبب عمل أو سفر أو غير ذلك، فيجوز له استخدامها بعد استشارة الطبيب.

سابعًا: الخاتمة:

في الختام، نؤكد على أن استخدام التحميلة أثناء الصوم يفسد الصوم، وذلك لأن التحميلة تُعتبر من الأدوية، والأدوية تدخل إلى الجوف عن طريق فتحة من فتحات الجسم، وبالتالي فهي تُعتبر مفسدة للصوم. ومن الأفضل للصائم أن يتجنب استخدام التحاميل أثناء الصوم، وإذا كان مضطرًا إلى استخدامها، فعليه أن يستشير الطبيب أولاً.