الساكت عن الحق شيطان أخرس
مقدمة
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “الساكت عن الحق شيطان أخرس”، هذا الحديث الشريف يحمل في طياته الكثير من المعاني والدروس المهمة، فالسكوت عن الحق فيه إقرار للباطل، وهو أمر مذموم لا يرضى عنه الله تعالى، فالحق يجب أن يُقال وأن يُدافع عنه، ولا يجوز السكوت عنه مهما كانت الظروف والأحوال.
الفقرة الأولى: أهمية قول الحق
إن قول الحق من أهم الأمور التي يجب على المسلم أن يحرص عليها، فالحق هو ما أمر الله تعالى به ورسوله صلى الله عليه وسلم، وهو ما فيه صلاح العباد في الدنيا والآخرة، ولقد أمر الله تعالى عباده بقول الحق قال تعالى: {وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى}، وقال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً}، فقول الحق واجب على المسلم في كل مناحي حياته، وفي جميع الظروف والأحوال.
الفقرة الثانية: فضل قول الحق
لقول الحق فضل عظيم عند الله تعالى، فعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “إن الصدق يهدي إلى البر، والبر يهدي إلى الجنة، وإن الكذب يهدي إلى الفجور، والفجور يهدي إلى النار”، فقول الحق يهدي صاحبه إلى طريق الخير والهدى، ويُبعده عن طريق الشر والضلال، ويدخله الجنة في الآخرة، كما أنه ينشر العدل والمساواة بين الناس، ويحفظ حقوقهم ويصونها.
الفقرة الثالثة: عقوبة السكوت عن الحق
إن السكوت عن الحق من الأمور المذمومة التي لا يرضى عنها الله تعالى، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “من رأى منكم منكراً فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان”، فالسكوت عن الحق فيه إقرار للباطل، وهو أمر مذموم لا يرضى عنه الله تعالى، وقد حذر النبي صلى الله عليه وسلم من السكوت عن الحق فقال: “الساكت عن الحق شيطان أخرس”، فالساكت عن الحق أشبه ما يكون بالشيطان الأخرس الذي لا ينطق بالحق، ولا يدافع عنه.
الفقرة الرابعة: أسباب السكوت عن الحق
هناك العديد من الأسباب التي قد تدفع المرء إلى السكوت عن الحق، منها الخوف من بطش الظالمين، أو الطمع في منافع دنيوية، أو الرغبة في كسب ود الناس، أو الجبن والضعف، فمن خاف من بطش الظالمين فقد خان الله تعالى، ومن طمع في منافع دنيوية فقد باع دينه بدنيا غيره، ومن رغب في كسب ود الناس فقد أشرك مع الله شريكاً، ومن جبن وضعف فقد خان نفسه وأهله ووطنه.
الفقرة الخامسة: آثار السكوت عن الحق
للسكوت عن الحق آثار وخيمة على الفرد والمجتمع، فالسكوت عن الحق يؤدي إلى انتشار الظلم والفساد، ويضعف العدل والمساواة، ويحرم الناس من حقوقهم، ويؤدي إلى ذهاب هيبة الدولة، وانهيار الأمن والاستقرار، كما يؤدي السكوت عن الحق إلى موت الضمير، وفقدان الإحساس بالمسؤولية، وانتشار الجهل والتخلف.
الفقرة السادسة: كيفية قول الحق
يجب على المسلم أن يقول الحق بحكمة وموعظة حسنة، قال تعالى: {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ}، فالحكمة هي وضع الشيء في موضعه المناسب، والموعظة الحسنة هي الكلام الطيب الذي يلين القلوب ويؤثر فيها، والجدال بالتي هي أحسن هو إقامة الحجة على المخالف بالدليل والبرهان، قال تعالى: {وَلا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ}، فالمسلم يجب عليه أن يختار الوقت المناسب والمكان المناسب والأسلوب المناسب لقول الحق.
الفقرة السابعة: شجاعة قول الحق
إن قول الحق يحتاج إلى شجاعة وإقدام، قال تعالى: {وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِباً أَوْ كَذَّبَ بِالصِّدْقِ إِذْ جَاءَهُ أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوًى لِلْكَافِرِينَ}، فالكافر هو الذي يكذب بالحق ويعاند الحق، وهو الذي يفتري على الله الكذب، والكافر مصيره جهنم وبئس المصير، لذلك يجب على المسلم أن يكون شجاعاً في قول الحق، ولا يخشى في الله لومة لائم، قال تعالى: {فَلا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ}، فالمؤمن لا يخاف إلا الله تعالى، ولا يخشى في الله لومة لائم.
الخاتمة
إن السكوت عن الحق من الأمور المذمومة التي لا يرضى عنها الله تعالى، فالحق يجب أن يُقال وأن يُدافع عنه، ولا يجوز السكوت عنه مهما كانت الظروف والأحوال، فالساكت عن الحق شيطان أخرس، والشيطان الأخرس هو الذي لا ينطق بالحق، ولا يدافع عنه، فالمسلم يجب عليه أن يكون شجاعاً في قول الحق، وأن لا يخشى في الله لومة لائم، وأن يختار الوقت المناسب والمكان المناسب والأسلوب المناسب لقول الحق، فقول الحق فضل عظيم وله آثار طيبة على الفرد والمجتمع، أما السكوت عن الحق فهو من الأمور المذمومة التي لها آثار وخيمة على الفرد والمجتمع.