اللهم إني أستودعتك عيالي
مقدمة:
يعتبر الاستوداع من أهم أعمال العبادة التي يقوم بها المسلم، إذ يلجأ إلى الله تعالى ليحميه ويرعاه في كل أمور حياته، ويسأله بالدعاء أن يحفظه من كل سوء ومكروه، ويستودعه أولاده وأهله وأمواله وكل ما يملك، وهذا من باب حسن التوكل على الله، واليقين بأنه وحده هو القادر على حفظهم وحمايتهم من كل شر، فالله تعالى يقول في محكم تنزيله: {وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ ۖ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ} [ق: 16].
أولا: بر الوالدين
1. فضل بر الوالدين: لقد جعل الله تعالى بر الوالدين من أهم العبادات التي يتقرب بها العبد إليه، وجعله قرين توحيده سبحانه وتعالى، فقال عز وجل: {وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا} [النساء: 36]، وجعل عقوق الوالدين من كبائر الذنوب التي لا يغفرها الله تعالى إلا بالتوبة النصوح، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ألا أخبركم بأكبر الكبائر، الشرك بالله، وقتل النفس، وعقوق الوالدين».
2. صور بر الوالدين:
يتمثل بر الوالدين في طاعتهما وإكرامهما والإنفاق عليهما بالمال والقول الحسن، وأن يكون البر معهما في حال حياتهما وبعد مماتهما، بأن يدعو لهما ويصلي عليهما ويستغفر لهما، وبر الوالدين لا ينقطع إلا بالموت، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ مِنْ أَكْمَلِ النَّاسِ إِيمَانًا أَحْسَنُهُمْ خُلُقًا وَخَيْرُكُمْ خَيْرُكُمْ لأَهْلِهِ».
3. أجر بر الوالدين:
لبر الوالدين أجر عظيم عند الله تعالى، حيث وعد الله تعالى البررة من عباده بجنة النعيم، قال تعالى: {وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا ﴿23﴾ وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا} [الإسراء: 23-24].
ثانيا: رعاية الأبناء
1. أهمية رعاية الأبناء: تعتبر رعاية الأبناء من أهم وأعظم المسؤوليات التي تقع على عاتق الآباء والأمهات، وهي واجب شرعي وديني، ومسؤولية اجتماعية وإنسانية، فلابد من توفير الرعاية اللازمة للأبناء، وإشباع احتياجاتهم الأساسية من مأكل وملبس ومسكن وتعليم ورعاية صحية.
2. صور رعاية الأبناء:
تتعدد صور رعاية الأبناء وتختلف باختلاف أعمارهم واهتماماتهم، فعلى الآباء والأمهات توفير الرعاية الصحية اللازمة للأطفال، ومتابعة تحصيلهم الدراسي، وتعليمهم القيم والأخلاق الإسلامية، وتوجيههم نحو الخير وحمايتهم من الانحراف، وغرس حب الوطن في نفوسهم، وتنمية مواهبهم وقدراتهم، وتوفير جو أسري آمن ومستقر لهم.
3. ثمار رعاية الأبناء:
لرعاية الأبناء ثمار عظيمة تعود على الأسرة والمجتمع، حيث ينشأ الأبناء على القيم والأخلاق الفاضلة، ويصبحون مواطنين صالحين نافعين لأنفسهم ولأسرتهم ومجتمعهم، ويتمتعون بالصحة النفسية والجسدية، ويكونون قادرين على مواجهة تحديات الحياة المختلفة، ويساهمون في بناء المجتمع وتقدمه.
ثالثا: حفظ العرض
1. أهمية حفظ العرض: يعد حفظ العرض من أهم الأمور التي يجب على كل مسلم ومسلمة الحفاظ عليها، وذلك لأن العرض من أعظم النعم التي أنعم الله تعالى بها على عباده، وهو من أعظم الأمانات التي ائتمن الله تعالى عليها، والعرض هو شرف الإنسان وسمعته، وهو أمانة يجب المحافظة عليها وصيانتها من كل ما يخدشها أو ينتقص منها.
2. صور حفظ العرض:
يتمثل حفظ العرض في الالتزام بالضوابط الشرعية والأخلاقية التي تحفظ العرض من الانحراف والزنا، والابتعاد عن كل ما يؤدي إلى الإخلال به، مثل الاختلاط المحرم بين الجنسين، ومشاهدة الأفلام والصور الإباحية، والحديث عن الأعراض بصورة سيئة، والغيبة والنميمة والقذف، واللواط، والسرقة وغيرها من الأمور المحرمة التي تؤدي إلى الإخلال بالع عرض.
3. ثمار حفظ العرض:
ولحفظ العرض ثمار عظيمة تعود على الفرد والمجتمع، حيث ينعم الفرد بالطمأنينة والراحة النفسية، ويتمتع بالسمعة الطيبة بين الناس، وينال رضى الله تعالى، وينعم المجتمع بالأمن والاستقرار، وتنتشر فيه الأخلاق الفاضلة، ويقل فيه الفساد والانحراف.
رابعا: كسب الحلال
1. فضل كسب الحلال: يعتبر كسب الحلال من أهم العبادات التي يتقرب بها العبد إلى ربه، ويعتبر من أعظم الأعمال التي ينال بها العبد رضا الله تعالى، وهو من أهم دعائم الاقتصاد الإسلامي، وقد حثنا الإسلام على كسب الحلال، وحذرنا من التكسب بالحرام، فقال تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُوا مِمَّا فِي الْأَرْضِ حَلَالًا طَيِّبًا وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ} [البقرة: 168].
2. صور كسب الحلال:
يتمثل كسب الحلال في العمل في مهنة مشروعة، والالتزام بالضوابط الشرعية والأخلاقية في العمل، وعدم الغش أو النصب أو الاحتيال على الآخرين، وعدم استغلال منصب أو وظيفة للكسب غير المشروع، وعدم أخذ رشوة أو عمولة غير مشروعة، والابتعاد عن كل ما يؤدي إلى الإخلال بالقيم والأخلاق الإسلامية.
3. أجر كسب الحلال:
للعمل في الحلال أجر عظيم عند الله تعالى، حيث ينال العبد رضا الله تعالى، وينعم بالبركة في ماله ووقته وعمله، ويتمتع بالطمأنينة والراحة النفسية، ويكون عمله له ذخراً في الدنيا والآخرة، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أفضل الكسب كسب الرجل من يده، وكل بيع مبرور».
خامسا: الابتعاد عن الحرام
1. خطورة الحرام: يعتبر الحرام من أعظم الذنوب التي نهى الله تعالى عنها، وحذر من ارتكابها، وذلك لأن الحرام يؤدي إلى الإفساد في الأرض، وينشر الفساد والانحراف، ويدمر المجتمعات، ويزرع العداوة والبغضاء بين الناس، وقد توعد الله تعالى مرتكبي الحرام بالعذاب الشديد في الدنيا والآخرة، قال تعالى: {وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْف