اللهم إني عبدك بن عبدك
مقدمة
الحمد لله الذي خلقنا لعبادته وجعلنا من خير خلقه، والصلاة والسلام على محمد سيد الخلق وإمام المتقين، وعلى أصحابه المنتجبين وتابعيهم بإحسان إلى يوم الدين.
أما بعد، فإن العبد الفقير إلى رحمة ربه الكريم، الراجي عفو ربه الرحيم، يتضرع إلى الله تعالى بأن يقبله في عباده الصالحين، وأن يجعله من عتقائه من النار، وأن يمن عليه برحمته الواسعة.
عبودية الله تعالى
في هذا الدعاء العظيم، يتضرع العبد إلى ربه بأن يقبله في عباده، وأن يجعله من عتقائه من النار، وأن يمن عليه برحمته الواسعة.
– العبودية لله تعالى هي أعلى مراتب العبودية، وهي غاية الخلق، وقد أمرنا الله تعالى أن نعبده وحده لا شريك له، فقال تعالى: {وَاعْبُدُواْ اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا} [النساء: 36].
– العبودية لله تعالى هي الدرجة التي ينال بها العبد السعادة والفلاح في الدنيا والآخرة، فهي عبادة القلب والروح والجسد، وهي عبادة الظاهر والباطن، وهي عبادة الفرد والجماعة، وهي عبادة العمر كله.
– العبد الصالح هو الذي يعبد الله تعالى على الوجه الذي يرضاه، وهو الذي يطيع أوامر الله تعالى وينتهي عن نواهيه، وهو الذي يتوكل على الله تعالى في كل أموره، وهو الذي يصبر على أقدار الله تعالى، وهو الذي يشكر الله تعالى على نعمه.
عتق الله تعالى من النار
في هذا الدعاء العظيم، يتضرع العبد إلى ربه بأن يعتقه من النار، وأن يجعله من الفائزين برحمته الواسعة.
– النار هي عذاب الله تعالى الذي أعده للكافرين والمنافقين والظالمين، وهي دار الخلود التي لا ينجو منها إلا من رحم الله تعالى.
– العتق من النار هو نجاة العبد من عذاب الله تعالى، وهو منحة عظيمة من الله تعالى لا ينالها إلا من تفضل الله عليه بها.
– الفوز برحمة الله تعالى هو غاية كل مؤمن، وهو أعظم ما يتمناه العبد في الدنيا والآخرة، وهو النجاة من عذاب الله تعالى والفوز بجنة الله تعالى.
رحمة الله تعالى
في هذا الدعاء العظيم، يتضرع العبد إلى ربه بأن يمن عليه برحمته الواسعة، وأن يشمله برحمته التي وسعت كل شيء.
– رحمة الله تعالى هي من صفاته العظيمة التي تقتضي منه أن يتفضل على عباده بالنعم والخيرات، وأن يعفو عنهم ويغفر لهم ذنوبهم، وأن يهديهم إلى الصراط المستقيم.
– رحمة الله تعالى هي من أسماء الله الحسنى، وقد أمرنا الله تعالى أن نعبده ونرجوه ونتوكل عليه، فقال تعالى: {وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ} [الأعراف: 156].
– رحمة الله تعالى هي من نعم الله تعالى العظيمة على عباده، وهي منحة عظيمة لا ينالها إلا من تفضل الله عليه بها.
شروط قبول الدعاء
هناك شروط يجب أن تتوفر في الدعاء حتى يكون مقبولاً عند الله تعالى، ومن هذه الشروط:
– الإخلاص لله تعالى في الدعاء، فلا يدعو العبد إلا الله تعالى وحده لا شريك له، ولا يدعو أحدًا سواه.
– حضور القلب عند الدعاء، فلا يدعو العبد وهو ساهٍ أو غافل، بل يدعو بقلب حاضر متوجه إلى الله تعالى.
– اليقين بالإجابة، فلا يدعو العبد وهو متردد في إجابة الله تعالى لدعائه، بل يدعو وهو موقن بالإجابة.
– الدعاء بما هو خير للعبد في دينه ودنياه وآخرته، فلا يدعو العبد بما فيه ضرر عليه أو بما فيه معصية لله تعالى.
– عدم الاستعجال في الإجابة، فلا يدعو العبد ثم يستعجل الإجابة، بل يصبر وينتظر حتى يستجيب الله تعالى لدعائه.
آداب الدعاء
هناك آداب ينبغي أن يتحلى بها العبد عند الدعاء، ومن هذه الآداب:
– رفع اليدين عند الدعاء، فإن رفع اليدين عند الدعاء من السنن المؤكدة، وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يرفع يديه عند الدعاء.
– استقبال القبلة عند الدعاء، فإن استقبال القبلة عند الدعاء من السنن المؤكدة، وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يستقبل القبلة عند الدعاء.
– التضرع والخشوع عند الدعاء، فلا يدعو العبد وهو متكبر أو جبار، بل يدعو وهو متضرع خاشع لله تعالى.
– الدعاء بصوت خافت، فلا يدعو العبد بصوت مرتفع، بل يدعو بصوت خافت لا يسمعه إلا من حوله.
– الدعاء بالأسماء الحسنى وصفات الله العلى، فإن الدعاء بالأسماء الحسنى وصفات الله العلى من أسباب قبول الدعاء.
فضل الدعاء
الدعاء من أفضل العبادات، وقد حثنا الله تعالى على الدعاء، فقال تعالى: {وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ} [غافر: 60].
– الدعاء سبب لنيل العبد ما يريد، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: “الدعاء سلاح المؤمن وعمود الدين ونور السماوات والأرض” [رواه أحمد].
– الدعاء سبب لرفع البلاء عن العبد، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: “ما من مسلم يدعو الله بدعوة ليس فيها إثم ولا قطيعة رحم إلا استجابها الله له” [رواه الترمذي]
– الدعاء سبب لزيادة إيمان العبد، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: “الدعاء عبادة” [رواه الترمذي].
خاتمة
الدعاء هو عبادة عظيمة، وهو سبب لنيل العبد ما يريد، وهو سبب لرفع البلاء عن العبد، وهو سبب لزيادة إيمان العبد.
نسأل الله تعالى أن يقبل دعاءنا وأن يرحمنا ويغفر لنا وأن يعتقنا من النار وأن يمن علينا برحمته الواسعة.