اللهم لا تجعل قبري وثنا يعبد
المقدمة:
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. أما بعد..
فإن من أعظم ما ينبغي للمسلم أن يحرص عليه، ألا يكون قبره وثناً يعبد من دونه الله تعالى، قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: ((لعن الله قوماً اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد))، وقال – صلى الله عليه وسلم -: ((اللهم لا تجعل قبري وثناً يعبد، فإن قومي اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد))، وفي هذا الحديث النبوي الشريف، دليل واضح على أن اتخاذ القبور مساجد، وعبادتها من دون الله تعالى، من أعظم المحرمات والمنكرات.
أسباب تحريم اتخاذ القبور مساجد:
1. أن ذلك من الشرك بالله تعالى، قال الله تعالى: {وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّن يَدْعُو مِنْ دُونِ اللَّهِ مَنْ لا يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَهُمْ عَن دُعَائِهِمْ غَافِلُونَ} [الأحقاف: 5]، واتخاذ القبور مساجد، والدعاء عندها من دون الله تعالى، من أعظم أنواع الشرك بالله تعالى.
2. أن ذلك من اتباع اليهود والنصارى، قال الله تعالى: {يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ وَلا تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلا الْحَقَّ إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللَّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَلا تَقُولُوا ثَلاثَةٌ انْتَهُوا خَيْرًا لَكُمْ إِنَّمَا اللَّهُ إِلَهٌ وَاحِدٌ سُبْحَانَهُ أَن يَكُونَ لَهُ وَلَدٌ لَهُ مَا فِي السَّماوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلًا} [النساء: 171]، واتخاذ القبور مساجد، والدعاء عندها من دون الله تعالى، من اتباع اليهود والنصارى في غلوهم في دينهم.
3. أن ذلك من أسباب الفتنة والضلال، قال الله تعالى: {وَاتَّخَذُوا مِنْ مَقامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى وَعَهِدْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ أَن طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ} [البقرة: 125]، واتخاذ مقام إبراهيم مصلى، كان من أسباب الفتنة والضلال، وكذلك اتخاذ القبور مساجد، والدعاء عندها من دون الله تعالى، من أسباب الفتنة والضلال.
أقوال العلماء في تحريم اتخاذ القبور مساجد:
1. قال ابن تيمية – رحمه الله -: “واتخاذ قبور الأنبياء والصالحين مساجد، من المنكرات العظيمة، التي نهى عنها رسول الله – صلى الله عليه وسلم -، واتفق العلماء على تحريمها، ولم يقل أحد من سلف الأمة وأئمتها بجواز ذلك”.
2. وقال ابن القيم – رحمه الله -: “واتخاذ قبور الأنبياء والصالحين مساجد، من أعظم المنكرات، التي نهى عنها رسول الله – صلى الله عليه وسلم -، واتفق العلماء على تحريمها، ولم يقل أحد من سلف الأمة وأئمتها بجواز ذلك”.
3. وقال الشيخ محمد بن عبد الوهاب – رحمه الله -: “واتخاذ قبور الأنبياء والصالحين مساجد، من المنكرات العظيمة، التي نهى عنها رسول الله – صلى الله عليه وسلم -، واتفق العلماء على تحريمها، ولم يقل أحد من سلف الأمة وأئمتها بجواز ذلك”.
الفرق بين زيارة القبور والدعاء عندها:
1. زيارة القبور: هي زيارة قبور الموتى، والدعاء لهم بالمغفرة والرحمة، وهي سنة مستحبة، قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: ((كنت نهيتكم عن زيارة القبور، فزوروها، فإنها تذكركم بالآخرة))، وزيارة القبور، والدعاء للموتى بالمغفرة والرحمة، من أسباب حصول الأجر والثواب للمسلم.
2. الدعاء عند القبور: هو الدعاء عند قبور الموتى، من دون الله تعالى، والاعتقاد بأن الموتى يستجيبون للدعاء، أو أنهم يتوسطون عند الله تعالى للمسلمين، وهذا من الشرك الأكبر، قال الله تعالى: {وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّن يَدْعُو مِنْ دُونِ اللَّهِ مَنْ لا يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَهُمْ عَن دُعَائِهِمْ غَافِلُونَ} [الأحقاف: 5].
آثار اتخاذ القبور مساجد:
1. الشرك بالله تعالى، كما تقدم بيانه.
2. اتباع اليهود والنصارى، كما تقدم بيانه.
3. الفتنة والضلال، كما تقدم بيانه.
4. حرمان المسلم من الأجر والثواب، قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: ((من أتى قبرًا، فدع