التوكل على الله
مقدمة
التوكل على الله هو الاعتماد عليه وحده في كل الأمور، والثقة به بأنه سيكفي عباده، وسييسر لهم أمورهم، وسيحملهم على ما فيه صلاحهم، قال تعالى: (وعلى الله فتوكلوا إن كنتم مؤمنين) [المائدة: 23]، وقال تعالى: (ومن يتوكل على الله فهو حسبه) [الطلاق: 3]، وقال تعالى: (ومن يتوكل على الله يهديه) [الطلاق: 3].
أقسام التوكل على الله
ينقسم التوكل على الله إلى ثلاثة أقسام:
التوكل في الاعتقاد: وهو الاعتقاد بأن الله وحده هو المدبر للأمور، وهو وحده القادر على جلب النفع ودفع الضر، فلا يجوز الاعتماد على أحد سواه.
التوكل في القول: وهو أن يقول العبد: “توكلت على الله”، أو “أفوض أمري إلى الله”، أو “حسبنا الله ونعم الوكيل”.
التوكل في العمل: وهو أن يعمل العبد بما يرضي الله تعالى، ويسعى في أسباب النجاح، ولا يعتمد على غير الله في تحقيق أهدافه.
ثمار التوكل على الله
للتوكل على الله ثمار كثيرة في الدنيا والآخرة، منها:
الراحة النفسية: يتخلص المتوكل على الله من القلق والتوتر، ويشعر بالسكينة والطمأنينة، لأنٌّه وضع ثقته فيمن لا يخلف وعده.
قوة الإيمان: يزداد إيمان المتوكل على الله بالقضاء والقدر، ويعلم أن كل شيء بيد الله تعالى، وأن ما أصابه لم يكن ليخطئه، وما أخطأه لم يكن ليصيبه.
استجابة الدعاء: يستجيب الله تعالى دعاء المتوكلين عليه، لأنهم صدقوا الله ووعده، فقال تعالى: (وقال ربكم ادعوني أستجب لكم) [غافر: 60].
النجاح والتوفيق: يوفق الله تعالى المتوكلين عليه في أمورهم، ويسهل لهم سبل النجاح، لأنهم لجأوا إليه وحده، ولم يعتمدوا على غيره.
كسب محبة الله تعالى: يحب الله تعالى المتوكلين عليه، لأنهم عباده المخلصين الذين وضعوا ثقتهم فيه وحدهم، فقال تعالى: (والمتوكلون على ربهم) [الزمر: 23].
شروط التوكل على الله
للتوكل على الله شروط، منها:
الإيمان بالله تعالى: لا يمكن للإنسان أن يتوكل على الله إلا إذا كان مؤمنًا به، وبأسمائه وصفاته، وب وحدانيته في الربوبية والعبادة.
الإخلاص لله تعالى: يجب أن يكون التوكل على الله خالصًا لوجهه الكريم، لا يريد المتوكل به ثناء الناس أو مدحهم.
الاعتماد على الله تعالى: يجب أن يعتمد المتوكل على الله وحده، ولا يعتمد على غيره من الخلق، لأن الله تعالى هو وحده القادر على جلب النفع ودفع الضر.
السعي في الأسباب: يجب على المتوكل على الله أن يسعى في أسباب النجاح، ولا يكتفي بالاعتماد على الله وحده، لأن السعي في الأسباب من مقتضيات التوكل على الله.
موانع التوكل على الله
هناك بعض الموانع التي تحول بين العبد وبين التوكل على الله، منها:
الشرك بالله تعالى: لا يمكن للإنسان أن يتوكل على الله إذا كان مشركًا به، أي إذا كان يعتقد أن هناك إلهًا آخر غير الله تعالى.
التعلق بالدنيا: إذا تعلق العبد بالدنيا وشهواتها، فإن هذا التعلق يمنعه من التوكل على الله، لأن قلبه يكون متعلقًا بغير الله.
الإعجاب بالنفس: إذا أعجب العبد بنفسه وبعمله، فإن هذا الإعجاب يمنعه من التوكل على الله، لأن الاعتماد يكون على النفس لا على الله تعالى.
اليأس من رحمة الله تعالى: من ييأس من رحمة الله تعالى لا يمكنه أن يتوكل عليه، لأن اليأس من رحمة الله تعالى كفر بالله تعالى.
كيفية التوكل على الله
يمكن للإنسان أن يتوكل على الله تعالى من خلال اتباع الخطوات التالية:
التفكر في قدرة الله تعالى: يتأمل المتوكل على الله في قدرة الله تعالى وعظمته، ويعلم أنه قادر على كل شيء، ولا يعجزه شيء.
التفكر في رحمة الله تعالى: يتأمل المتوكل على الله في رحمة الله تعالى وفضله، ويعلم أنه أرحم الراحمين، وأنه يرحم عباده ويعطف عليهم.
التفكر في حكمة الله تعالى: يتأمل المتوكل على الله في حكمة الله تعالى، ويعلم أنه حكيم في أفعاله، وأنه لا يفعل شيئًا إلا لحكمة بالغة.
التسليم لله تعالى: يسلم المتوكل على الله لأمره وقضائه، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، وما أخطأه لم يكن ليصيبه.
الفرق بين التوكل على الله والاعتماد على النفس
هناك فرق كبير بين التوكل على الله والاعتماد على النفس، فالمتوكل على الله يعتمد على الله وحده في كل أموره، ويسعى في الأسباب، ولا يتكل على غير الله، أما المعتمد على النفس فيعتمد على قوته وجهده، ولا يعتمد على غير نفسه في تحقيق أهدافه.
خاتمة
التوكل على الله هو من أهم العبادات التي يتقرب بها العبد إلى ربه، وهو من أعظم أسباب النجاح والتوفيق في الحياة الدنيا والآخرة، وقد حثنا الله تعالى في كتابه الكريم وفي سنة نبيه محمد صلى الله عليه وسلم على التوكل عليه، وأخبرنا بالثواب العظيم الذي ينتظر المتوكلين عليه.