اللهم احفظنا بحفظك

اللَّهُمَّ احْفَظْنَا بِحِفْظِكَ

مقدمة

الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، أما بعد:

فإن من أهم الأدعية التي نرددها في حياتنا اليومية هي “اللهم احفظنا بحفظك”، فالحفظ من الله تعالى هو أعظم ما نرجوه ونتمناه، وهو من أعظم النعم التي أنعم الله بها علينا، فالله تعالى هو الحافظ سبحانه، وهو الذي يحفظنا من كل شر ومكروه، وهو الذي يحفظنا من أعدائنا ومن أنفسنا، وهو الذي يحفظنا من الفتن والضلالات، وهو الذي يحفظنا من كل ما يضرنا في ديننا ودنيانا.

أولاً: معنى الحفظ

الحفظ في اللغة يعني المنع والحراسة، وفي الاصطلاح الشرعي يعني حماية الشيء من الزوال والتلف. والحفظ من الله تعالى هو حماية العبد من كل ما يضره في دينه ودنياه، وهو حفظ شامل وكامل، يشمل حفظ الجوارح من المعاصي، وحفظ القلب من الغفلة والضلال، وحفظ البدن من الأمراض والأسقام، وحفظ المال من الضياع والسرقة، وحفظ العرض من الانتهاك والفضيحة.

ثانيًا: أنواع الحفظ

الحفظ من الله تعالى ينقسم إلى قسمين:

1- الحفظ العام: وهو حفظ الله تعالى لجميع خلقه، وهو حفظ شامل وكامل يشمل حفظ السموات والأرض والجبال والأنهار والبحار والحيوانات والنباتات، وهو حفظ يشمل حفظ المؤمن والكافر والطائع والعاصي.

2- الحفظ الخاص: وهو حفظ الله تعالى لعباده المؤمنين الذين يتقونه ويطيعونه، وهو حفظ خاص ومميز، وهو حفظ يشمل حفظ دينهم ودنياهم وصحتهم وأموالهم وأعراضهم.

ثالثًا: أسباب الحفظ

هناك أسباب عديدة للحفظ من الله تعالى، من أهمها:

1- الإيمان بالله تعالى والإخلاص له: فالمؤمن بالله تعالى المخلص له هو أقرب الناس إلى حفظه ورعايته، قال تعالى: “وَالَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَأَنْبِيَائِهِ أُولَئِكَ هُمُ الصِّدِّيقُونَ وَالشُّهَدَاءُ عِنْدَ رَبِّهِمْ لَهُمْ أَجْرُهُمْ وَنُورُهُمْ”.

2- التقوى وطاعة الله تعالى: فالمتقون لله تعالى المطيعون له هم أقرب الناس إلى حفظه ورعايته، قال تعالى: “إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَهَرٍ فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِنْدَ مَلِيكٍ مُقْتَدِرٍ”.

3- الدعاء إلى الله تعالى: فالدعاء إلى الله تعالى من أهم أسباب الحفظ من الله تعالى، قال تعالى: “وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ”.

رابعًا: مظاهر الحفظ

الحفظ من الله تعالى يتجلى في مظاهر عديدة، من أهمها:

1- حفظ العبد من شر نفسه ومن شر أعدائه: فالله تعالى يحفظ عبده المؤمن من شر نفسه ومن شر أعدائه، قال تعالى: “وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ”.

2- حفظ العبد من الفتن والضلالات: فالله تعالى يحفظ عبده المؤمن من الفتن والضلالات، قال تعالى: “وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ”.

3- حفظ العبد من الأمراض والأسقام: فالله تعالى يحفظ عبده المؤمن من الأمراض والأسقام، قال تعالى: “إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ أَنْ تَزُولا وَلَئِنْ زَالَتَا إِنْ أَمْسَكَهُمَا مِنْ أَحَدٍ مِنْ بَعْدِهِ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا”.

خامسًا: فضل الحفظ

الحفظ من الله تعالى من أعظم النعم التي أنعم الله بها على عباده، وهو فضل كبير وعظيم، قال تعالى: “وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ”.

سادسًا: الحفظ في السنة النبوية

وقد وردت في السنة النبوية أحاديث كثيرة تحث على الدعاء إلى الله تعالى بالحفظ، ومن ذلك:

1- عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “دعوة ذي النون إذ دعا وهو في بطن الحوت لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين فما كان إلا أن استجاب الله له”.

2- عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “إذا أويت إلى فراشك فقل: بسم الله ربي وضعت جنبي وإذا أردت أن تنقلب فاضطجع على جنبك الأيمن وقل: اللهم أسلمت نفسي إليك ووجهت وجهي إليك وفوضت أمري إليك وألجأت ظهري إليك، رغبة ورهبة منك، لا ملجأ ولا منجا منك إلا إليك، آمنت بكتابك الذي أنزلت وبنبيك الذي أرسلت”.

سابعًا: خاتمة

الحفظ من الله تعالى من أعظم النعم التي أنعم الله بها على عباده، وهو فضل كبير وعظيم، وهو من أهم الأمور التي يجب أن نسألها الله تعالى في دعائنا، قال تعالى: “وَقُلْ رَبِّ أَنْزِلْنِي مُنْزَلًا مُّبَارَكًا وَأَنْتَ خَيْرُ الْمُنْزِلِينَ”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *