اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْتَوْدِعُكَ أَهْلِي
هذا هو الدعاء الذي يرد على لسان أي مؤمن يريد أن يترك أهله خلفه ويغيب عنهم، إن هذا الدعاء إنما جاء ليعبر عن مدى حبه وحرصه على أهله، ومدى حاجته إلى حمايتهم والحرص عليهم، وحاجة البيت إلى رب البيت الذي يمسك بأطرافه ويسير الأمور فيه بالشكل المطلوب.
وإن نظرة سريعة إلى هذا الدعاء تجعلنا نلحظ أنه يشتمل على ثلاثة أمور:
1- اقرار بكون الأهل ملكٌ لله، واستوداع له تعالى ذلك الملك.
2- ثقة كاملة في قدرة الله على حماية هذا الملك، وقيامه على رعايته.
3- تأكيد على عدم استطاعة أي مخلوق على أن يحفظ هذا الملك، أو أن يقي حامله من أي مكروه.
التفكر في معنى الدعاء ومقاصده
1- إن الدعاء يشتمل على عنصر الاستوداع، والاستوداع هو أن يضع الإنسان عند شخص شيئاً يكون نفيساً بالنسبة له، ويعلم أنه في أمان معه، وأنه سيكون موضع حفظ وعناية منه، وهذا الشخص لابد أن يتوفر فيه ثلاثة شروط:
أن يكون حسن المعاملة.
أن يكون قوياً قادراً على الحماية.
أن يكون أميناً لا يتصرف في الوديعة بعكس ما يريده صاحبها.
2- إن الدعاء يعتبر تعبيراً واضحاً عن التوحيد والإقرار بأن الله تعالى هو المتحكم في كل شيء، وهو وحده القادر على الحماية والرعاية، وبالتالي فهو وحده الذي يستحق أن يستودع الإنسان عنده ما غلا عنده، أما غير الله من المخلوقات فهم عاجزون عن تقديم الحماية المطلوبة، حتى لو بذلوا ما في وسعهم.
3- إن الدعاء يعتبر اعترافاً ضمنياً بعجز الإنسان عن حماية أهله بنفسه، ومدى حاجته إلى من يقوم على رعايتهم والحفاظ عليهم، وبالتالي فهو دليل على تواضع الإنسان واعترافه بضعفه.
سبعة دروس من دعاء اللهم إني أستودعك أهلي
1- التوكل على الله: إن هذا الدعاء يعتبر تعبيراً واضحاً عن التوكل على الله، والثقة الكاملة في قدرته على الحماية والرعاية، وهذا التوكل يجب أن يكون مصحوباً بالأخذ بالأسباب، فالمؤمن لا يترك أهله في مهب الريح ثم يدعو الله بحمايتهم، بل عليه أن يتخذ كل الاحتياطات اللازمة لحمايتهم.
2- الإحسان إلى الأهل: إن هذا الدعاء يعتبر تذكيراً للمؤمن بضرورة الإحسان إلى أهله، ومعاملتهم بالمعروف، وذلك لأن من أساء إلى أهله وفرط في حقهم، لا يمكن أن يطلب من الله أن يحفظهم له ويصونهم.
3- الدعاء لأهلنا: إن هذا الدعاء يعتبر دعوة للمؤمنين بأن يدعوا الله لأهلهم بالخير والبركة، وأن يرزقهم الصحة والعافية والسلامة، وأن يحفظهم من كل مكروه.
4- الصبر على ابتلاءات الدنيا: إن هذا الدعاء يعتبر تذكيراً للمؤمنين بأن الدنيا دار ابتلاءات، وأن المؤمن لا بد أن يصاب فيها بالمصائب والابتلاءات، ولكن عليه أن يصبر على هذه الابتلاءات ويثبت على إيمانه، وأن يعلم أن الله تعالى هو الذي رزقه هذه الابتلاءات، وأنه هو الذي بيده أن يرفعها عنه متى شاء.
5- اليقين بأن الله تعالى هو الحافظ: إن هذا الدعاء يعتبر تذكيراً للمؤمنين بأن الله تعالى هو الحافظ لعباده، وأنه هو الذي يحميهم من كل مكروه، وبالتالي فإن على المؤمن أن يطمئن إلى أن الله تعالى سيحفظ أهله ويرعاهم، وأن يبتعد عن القلق والتوتر.
6- الثقة الكاملة في الله: إن هذا الدعاء يعتبر تذكيراً للمؤمنين بأن عليهم أن يثقوا بالله تعالى ثقة كاملة، وأن يعلموا أن الله تعالى هو الذي يدبر أمرهم، وأنه هو الذي سيسخر لهم الأسباب التي تؤدي إلى حفظهم ورعايتهم.
7- الاستمرار في الدعاء لله: إن هذا الدعاء يعتبر دعوة للمؤمنين بأن يستمروا في الدعاء لله تعالى بحماية أهلهم ورعايتهم، وأن لا يتركوا الدعاء لهم في أي وقت من الأوقات.
الخاتمة
إن دعاء اللهم إني أستودعك أهلي هو دعاء عظيم، يشتمل على معاني عميقة ودروس عظيمة، وهذا الدعاء يجب أن يكون على لسان كل مؤمن يريد أن يترك أهله خلفه ويغيب عنهم، وهذا الدعاء يعتبر تعبيراً واضحاً عن مدى حب المؤمن لأهله، ومدى حرصه عليهم، ومدى ثقته بالله تعالى في أنه سيحفظهم ويرعاهم.