اللهم ابعد عنا الفتن

اللهم ابعد عنا الفتن

بسم الله الرحمن الرحيم

اللَّهُمَّ أَبْعِدْ عَنَّا الْفِتَن

المُقَدِّمَة:

الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، أما بعد:

أيها المؤمنون، لقد حذرنا الله تعالى من الفتن ما ظهر منها وما بطن، فهي من أشد الأمور خطرًا على النفوس والأرواح، وقد جعل الله الفتن امتحانًا لعباده، ليميز الخبيث من الطيب، قال تعالى: {وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ} [البقرة: 155].

وإن من أعظم الفتن، الفتن التي تكون بين المسلمين أنفسهم، فإنها أشد فتكًا وأعظم ضررًا، قال النبي صلى الله عليه وسلم: “ما ذئبان جائعان أرسلا في غنم بأفسد لها من حرص المرء على المال والشرف”.

ولقد تعددت الآيات والأحاديث التي تحذر من الفتن، وتبين عواقبها الوخيمة، فقد ورد في القرآن الكريم: {فَاتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ} [الحشر: 18].

وقال النبي صلى الله عليه وسلم: “لا يأتي عليكم زمان إلا والذي بعده شر منه، حتى تلقوا ربكم، فمن أدرك منكم ذلك فليلزمْ مسجده، وليكثر من تلاوة القرآن”.

أساليب الوقاية من الفتن:

1. التمسك بالكتاب والسنة:

ينبغي للمسلم أن يتمسك بالكتاب والسنة، وأن يجعلهما دستوره في الحياة، فإن فيهما الهداية والرشاد، قال تعالى: {وَأَنَّهُ تَوْلَى الْقُرْآنَ فَأْتِنَا بِقُرْآنٍ مِثْلِهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} [يونس: 38].

وقال النبي صلى الله عليه وسلم: “تركت فيكم أمرين لن تضلوا ما تمسكتم بهما: كتاب الله وسنة نبيه”.

2. الدعاء إلى الله تعالى:

ينبغي للمسلم أن يدعو الله تعالى أن يبعد عنه الفتن ما ظهر منها وما بطن، قال الله تعالى: {وَقُلْ رَبِّ أَعُوذُ بِكَ مِنْ هَمَزَاتِ الشَّيَاطِينِ وَأَعُوذُ بِكَ رَبِّ أَنْ يَحْضُرُونِ} [المؤمنون: 97].

وقال النبي صلى الله عليه وسلم: “اللهم إني أعوذ بك من أن أشرك بك وأنا أعلم، وأستغفرك لما لا أعلم”.

3. الحرص على الوحدة والتماسك:

ينبغي للمسلمين أن يكونوا حريصين على وحدتهم وتماسكهم، وأن يتجنبوا كل ما يفرقهم ويشتتهم، فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “المؤمن للمؤمن كالبنيان المرصوص، يشد بعضه بعضًا”.

وقال عليه الصلاة والسلام: “مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد الواحد، إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى”.

4. التعاون على الخير والتقوى:

ينبغي للمسلمين أن يتعاونوا على الخير والتقوى، وأن يتكاتفوا من أجل نشر الخير ومحاربة الشر، قال تعالى: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ} [المائدة: 2].

وقال النبي صلى الله عليه وسلم: “المؤمن للمؤمن كالبنيان المرصوص، يشد بعضه بعضًا”.

5. محاربة المنكرات والفساد:

ينبغي للمسلمين أن يحاربوا المنكرات والفساد، وأن يتصدوا لكل من يحاول نشرها أو الترويج لها، قال تعالى: {وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} [آل عمران: 104].

وقال النبي صلى الله عليه وسلم: “من رأى منكم منكرًا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان”.

6. التربية الصالحة للأبناء:

ينبغي للآباء والأمهات أن يربوا أبناءهم على الأخلاق الحميدة والقيم الفاضلة، وأن يحصنوهم من الفتن والمنكرات، قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلائِكَةٌ غِلاظٌ شِدَادٌ لا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ} [التحريم: 6].

وقال النبي صلى الله عليه وسلم: “كل مولود يولد على الفطرة، فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه”.

7. الوعظ والإرشاد:

ينبغي للدعاة والمرشدين أن يبذلوا جهدهم في وعظ الناس وإرشادهم، وتبيين عواقب الفتن وخطورتها، قال تعالى: {فَذَكِّرْ إِنْ نَفَعَتِ الذِّكْرَى} [الأعلى: 9].

وقال النبي صلى الله عليه وسلم: “بلغوا عني ولو آية”.

الخاتمة:

أيها المؤمنون، إن الفتن من أشد الأمور خطورة على النفوس والأرواح، وقد حذرنا الله تعالى منها ما ظهر منها وما بطن، وإن من أعظم الفتن، الفتن التي تكون بين المسلمين أنفسهم، فإنها أشد فتكًا وأعظم ضررًا. وقد بينا في هذا المقال أساليب الوقاية من الفتن، والله تعالى نسأل أن يحفظنا من الفتن ما ظهر منها وما بطن، إنه سميع مجيب.

أضف تعليق