اللهم ارزقني الصبر
مقدمة:
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. أما بعد، فإن الصبر من أهم الفضائل التي حث عليها الإسلام، وهو صفة المحسنين الذين ينالون رضوان الله تعالى. والصبر هو كظم الغيظ عند الغضب، وحبس اللسان عن الشكوى عند الشدائد، والرضا بقضاء الله تعالى والقدر. والصبر من أهم أسباب النجاح في الدنيا والآخرة، وهو دليل على قوة الإيمان واليقين بالله تعالى.
الأولى: فضل الصبر في الإسلام:
إن الصبر من الفضائل العظيمة التي حث عليها الإسلام، وقد ذكر الله تعالى فضل الصبر في القرآن الكريم في مواضع كثيرة، منها قوله تعالى: ﴿وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ﴾، وقوله تعالى: ﴿إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ﴾. كما ورد في الحديث الشريف عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: “الصبر نصف الإيمان”.
وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم خير مثال للصبر، فقد صبر على أذى المشركين واضطهادهم، وصبر على فراق الأحبة، وصبر على الجوع والفقر، وصبر على المرض والألم، حتى قال فيه أبو بكر الصديق رضي الله عنه: “ما رأيت أحدًا أشد صبرًا على الأذى من رسول الله صلى الله عليه وسلم”.
الثانية: أنواع الصبر:
الصبر أنواع كثيرة، منها:
الصبر على طاعة الله تعالى: وهو أن يصبر المرء على أداء العبادات المفروضة والواجبات الدينية، وأن يجتنب المحرمات والمنهيات، وأن يصبر على مشاق العبادة ولمتاعبها.
الصبر على المصائب والشدائد: وهو أن يصبر المرء على المصائب التي تصيبه في حياته، مثل المرض والفقر والموت، وأن يحتسب الأجر والثواب عند الله تعالى.
الصبر على البلاء والابتلاءات: وهو أن يصبر المرء على البلاء الذي يصيبه من الله تعالى، مثل الفقر والمرض والموت، وأن يصبر على ألم البلاء وشدته.
الصبر على أذى الناس: وهو أن يصبر المرء على أذى الناس وظلمهم له، وأن لا يرد الأذى بالأذى، وأن يصبر على ظلم الناس وجورهم.
الثالثة: فوائد الصبر:
للصبر فوائد كثيرة في الدنيا والآخرة، منها:
الصبر يورث محبة الله تعالى: فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “إن الله يحب الصابرين”.
الصبر سبب النصر والظفر: فقد قال الله تعالى: ﴿وَاصْبِرُوا إِنَّ النَّصْرَ مَعَ الصَّابِرِينَ﴾.
الصبر سبب الفوز بالجنة: فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “الجنة لا يدخلها إلا الصابرون”.
الصبر سبب رفع الدرجات في الجنة: فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “إن الله يرفع الدرجات بالصبر”.
الرابعة: كيف نتحلى بالصبر؟
هناك عدة طرق يمكننا من خلالها أن نتحلى بالصبر، منها:
التوكل على الله تعالى: فعندما يتوكل المرء على الله تعالى ويحسن الظن به، فإن ذلك يعينه على الصبر والتحمل.
اللجوء إلى الله تعالى: عندما يصاب المرء بمصيبة أو شدة، فعليه أن يلجأ إلى الله تعالى ويدعوه أن يعينه على الصبر والتحمل.
التأسي برسول الله صلى الله عليه وسلم: فعندما يتذكر المرء صبر رسول الله صلى الله عليه وسلم على المصائب والشدائد، فإن ذلك يعينه على الصبر والتحمل.
التفكر في عاقبة الصبر: فعندما يتفكر المرء في عاقبة الصبر وأنها النصر والظفر والفوز بالجنة، فإن ذلك يعينه على الصبر والتحمل.
الخامسة: الصبر في القرآن الكريم:
ورد ذكر الصبر في القرآن الكريم في مواضع كثيرة، منها:
قال تعالى: ﴿وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ﴾ [الأنفال: 46].
قال تعالى: ﴿إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ﴾ [الزمر: 10].
قال تعالى: ﴿وَلَنَبْلُوَنَّكُم بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ، الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ، أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ﴾ [البقرة: 155-157].
السادسة: الصبر في السنة النبوية:
ورد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أحاديث كثيرة تحث على الصبر، منها:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “الصبر نصف الإيمان”.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “ما أعطي أحد من الصبر أفضل مما أعطي محمد صلى الله عليه وسلم”.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “الصبر عند الصدمة الأولى”.
السابعة: قصص عن الصبر:
هناك العديد من القصص عن الصبر في التاريخ الإسلامي، منها:
قصة الصبر: قصة سيدنا أيوب عليه السلام الذي ابتلاه الله تعالى بالمرض والفقر وفقدان الأهل والمال، فصبر على بلائه حتى عافاه الله تعالى.
قصة الصبر: قصة سيدنا يوسف عليه السلام الذي ابتلاه الله تعالى بالسجن والرق، فصبر على بلائه حتى رد الله تعالى له حقه.
قصة الصبر: قصة سيدنا موسى عليه السلام الذي ابتلاه الله تعالى بفرعون وجنوده، فصبر على بلائه حتى نجاه الله تعالى.
الخاتمة:
الصبر من أهم الفضائل التي حث عليها الإسلام، وهو صفة المحسنين الذين ينالون رضوان الله تعالى. والصبر هو كظم الغيظ عند الغضب، وحبس اللسان عن الشكوى عند الشدائد، والرضا بقضاء الله تعالى والقدر. والصبر من أهم أسباب النجاح في الدنيا والآخرة، وهو دليل على قوة الإيمان واليقين بالله تعالى. نسأل الله تعالى أن يرزقنا الصبر وأن يعيننا على تحمله.