اللهم اقسم لنا من خشيتك ما يهدي به قلوبنا
المقدمة:
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فالخشية من الله تعالى من أعظم مقامات العبودية وأسمى درجات التقوى، وهي نور القلب الذي يهدي صاحبه إلى صراط الله المستقيم، ويجنبه السير في دروب الضلال والغواية، ولذلك كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكثر من الدعاء في طلبها من ربه. فعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: “كان النبي صلى الله عليه وسلم يدعو يقول: اللهم اقسم لنا من خشيتك ما يهدي به قلوبنا، وتقشِّر به جلودنا، وتدمع به أعيننا، اللهم ارزقنا خشيتك في القلوب، وتقواك في النفوس، وإخلاص العمل في السر والعلانية، واجعلنا من المتقين”.
1. خشية الله تعالى:
الخشية من الله تعالى هي حالة نفسية وجدانية تنتاب القلب عند التفكر في عظمة الله تعالى وجلاله، وفي قدرته وقوته، وفي علمه الشامل بكل شيء، وفي عدله وحكمته، وفي رحمته ورأفته، وفي غضبه وعذابه، وفي ثوابه وجزائه.
2. أهمية خشية الله تعالى:
تتجلى أهمية خشية الله تعالى في أنها:
– تمنع صاحبها من الوقوع في المعاصي والذنوب، فهو يخشى أن يعصي الله تعالى فيرتكب ما حرم، أو يترك ما أمر به.
– تحفظه من الوقوع في الكفر والضلال، فهو يخشى أن يخرج عن دين الله تعالى ويتبع غيره.
– تدفعه إلى طاعة الله تعالى وعبادته حق العبادة، فهو يخشى أن يعصي الله تعالى فيفقد محبته ورضاه.
– تدفعه إلى الإحسان إلى الناس والإحسان إلى نفسه، فهو يخشى أن يظلم الناس أو يؤذيهم أو يفسد في الأرض.
3. مظاهر خشية الله تعالى:
تتجلى مظاهر خشية الله تعالى في:
– الخوف من الله تعالى: هو الخوف من عقابه وعذابه، وهذا الخوف محمود لأنه يمنع صاحبه من الوقوع في المعاصي والذنوب.
– الرجاء في رحمة الله تعالى: هو الأمل في ثواب الله تعالى وجزائه، وهذا الرجاء محمود لأنه يحفز صاحبه على طاعة الله تعالى وعبادته.
– المحبة لله تعالى: هي محبة القلب والإرادة لله تعالى، وهذا الحب محمود لأنه يدفع صاحبه إلى طاعة الله تعالى وعبادته حق العبادة.
4. أسباب خشية الله تعالى:
تتعدد أسباب خشية الله تعالى، ومن أهمها:
– معرفة الله تعالى: فكلما ازدادت معرفة الإنسان بالله تعالى ازدادت خشيته منه.
– الإيمان بالله تعالى: فكلما كان إيمان الإنسان بالله تعالى أقوى كانت خشيته منه أشد.
– تدبر القرآن الكريم: فإن القرآن الكريم يزخر بالآيات التي تدعو إلى خشية الله تعالى وتخوّف من عقابه.
– ذكر الموت والبرزخ والحساب: فإن ذكر الموت والبرزخ والحساب يذكر المرء بأن الدنيا دار فانية وأن الآخرة هي دار البقاء.
– مجالس العلماء: فإن مجالس العلماء تزود الإنسان بالعلم والمعرفة وتذكره بالله تعالى وتخشيته.
5. فوائد خشية الله تعالى:
تتعدد فوائد خشية الله تعالى، ومن أهمها:
– تقوى الله تعالى: فخشية الله تعالى هي أساس التقوى، وكلما كانت خشية المرء شديدة كانت تقواه أقوى.
– محبة الله تعالى: فخشية الله تعالى هي الطريق إلى محبة الله تعالى، وكلما كانت خشية المرء شديدة كانت محبته لله تعالى أقوى.
– الفلاح والفوز بالجنة: فخشية الله تعالى هي السبيل إلى الفلاح والفوز بالجنة، وكلما كانت خشية المرء شديدة كان فلاحه وفوزه بالجنة أعظم.
6. كيف نكتسب خشية الله تعالى:
هناك أمور كثيرة يمكن أن نفعلها لاكتساب خشية الله تعالى، ومن أهمها:
– الإكثار من ذكر الله تعالى: فالإكثار من ذكر الله تعالى يلين القلب ويخشّعه ويلهمه خشية الله تعالى.
– تلاوة القرآن الكريم: فإن القرآن الكريم يزخر بالآيات التي تدعو إلى خشية الله تعالى وتخوّف من عقابه.
– التأمل في مخلوقات الله تعالى: فإن التأمل في مخلوقات الله تعالى يكشف عن عظمته وقدرته وحكمته، وهذا يبعث في القلب خشية الله تعالى.
– التضرع إلى الله تعالى: فالتضرع إلى الله تعالى والدعاء إليه أن يرزقنا خشية يفتح لنا باب الخشية.
7. الخاتمة:
وفي الختام نسأل الله تعالى أن يرزقنا خشية من يخشاه حق خشيتة، وأن يجعلنا من المتقين الذين يخافونه في السر والعلن، وأن يجنبنا الوقوع في المعاصي والذنوب، وأن يعيذنا من النار ويدخلنا الجنة بفضله ورحمته.