بسم الله الرحمن الرحيم
المقدمة
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فإن الاستغفار من الذنوب والمعاصي من أهم العبادات وأجلّها، وهو من أعظم أسباب مغفرة الله تعالى ورضاه، وقد أمرنا الله عز وجل بالاستغفار في مواطن كثيرة من كتابه الكريم، فقال تعالى: {استغفروا ربكم ثم توبوا إليه} [هود: 3]، وقال تعالى: {ومن يعمل سوءًا أو يظلم نفسه ثم يستغفر الله يجد الله غفورًا رحيمًا} [النساء: 110]، وقال تعالى: {فاستغفروا الله ثم توبوا إليه} [التحريم: 8].
فضل الاستغفار
للاستغفار فضل عظيم وثواب كبير، ومن ذلك:
1- مغفرة الذنوب والمعاصي: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “من قال: اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني، غفر له” [رواه الترمذي].
2- جلب الرزق: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “من أكثر الاستغفار فتح الله عليه أبواب الرزق من حيث لا يحتسب” [رواه ابن ماجه].
3- شفاء الأمراض: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “من أكثر الاستغفار جعل الله له من كل هم فرجًا، ومن كل ضيق مخرجًا، ورزقه من حيث لا يحتسب” [رواه أحمد].
4- زيادة الحسنات: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “من قال: استغفر الله العظيم الذي لا إله إلا هو، الحي القيوم، وأتوب إليه، غُفرت ذنوبه ولو كانت مثل زبد البحر” [رواه الترمذي].
5- دخول الجنة: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “من قال: أستغفر الله العظيم الذي لا إله إلا هو، الحي القيوم، وأتوب إليه، كتب له بكل كلمة حسنة عشر حسنات، ومحيت عنه عشر سيئات، ورفعت له عشر درجات، وكان له بكل كلمة نور يضيء له يوم القيامة، وبني له بكل كلمة بيت في الجنة” [رواه أحمد].
شروط الاستغفار
للاستغفار شروط يجب توافرها حتى يصح ويقبل من الله تعالى، ومن أهم هذه الشروط:
1- الإخلاص لله تعالى: فلا بد أن يكون الاستغفار لله وحده لا شريك له، قال تعالى: {وأنتم تستغفرون ربكم} [غافر: 5].
2- الندم على الذنب: فلا بد أن يندم الإنسان على ذنبه ويشعر بالأسف والحزن عليه، قال تعالى: {والذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم ذكروا الله فاستغفروا لذنوبهم} [آل عمران: 135].
3- العزم على عدم العودة إلى الذنب: فلا بد أن يعزم الإنسان على عدم العودة إلى الذنب الذي استغفر منه، قال تعالى: {وتوبوا إلى الله جميعًا أيها المؤمنون لعلكم تفلحون} [النور: 31].
4- رد المظالم إلى أهلها: إذا كان الذنب الذي استغفر منه الإنسان قد ظلم به أحدًا، فلا بد أن يرد إليه حقه، قال تعالى: {وإن تصدقوا فهو خير لكم} [البقرة: 280].
آداب الاستغفار
وللاستغفار آداب ينبغي مراعاتها، ومن ذلك:
1- الدعاء والتضرع: ينبغي للمستغفر أن يدعو الله تعالى ويضرع إليه أن يغفر له ذنوبه ويتوب عليه، قال تعالى: {ربنا اغفر لنا ذنوبنا وتجاوز عنا سيئاتنا وتوفنا مع الأبرار} [آل عمران: 193].
2- رفع اليدين: ينبغي للمستغفر أن يرفع يديه إلى السماء عند الدعاء، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “إذا دعا أحدكم فليرفع يديه، فإن الله حيي كريم، يستحي أن يرد عبدًا رفع إليه يديه” [رواه أبو داود].
3- الاستغفار في أوقات الفضيلة: ينبغي للمستغفر أن يستغفر الله تعالى في أوقات الفضيلة، مثل الثلث الأخير من الليل، ويوم الجمعة، وعند السجود، وبعد الصلاة، وعند تلاوة القرآن الكريم.
كيفية الاستغفار
هناك عدة طرق للاستغفار، ومن ذلك:
1- الاستغفار باللسان: ينبغي للمستغفر أن يستغفر الله تعالى بلسانه، فيقول: “أستغفر الله العظيم الذي لا إله إلا هو، الحي القيوم، وأتوب إليه”.
2- الاستغفار بالقلب: ينبغي للمستغفر أن يستغفر الله تعالى بقلبه، فيشعر بالندم والحزن على ذنبه، ويعزم على عدم العودة إليه.
3- الاستغفار بالعمل: ينبغي للمستغفر أن يستغفر الله تعالى بعمله، فيتوب إلى الله تعالى ويترك الذنوب والمعاصي، ويحسن العبادات ويؤدي الفرائض.
الاستغفار من الذنوب الكبيرة
الذنوب الكبيرة هي الذنوب التي توعد الله تعالى عليها بعقاب شديد، ومنها:
1- الشرك بالله تعالى: قال تعالى: {إن الشرك لظلم عظيم} [لقمان: 13].
2- قتل النفس: قال تعالى: {ومن يقتل مؤمنًا متعمدًا فجزاؤه جهنم خالدًا فيها وغضب الله عليه ولعنه وأعد له عذابًا عظيمًا} [النساء: 93].
3- الزنا: قال تعالى: {ولا تقربوا الزنا إنه كان فاحشة وساء سبيلًا} [الإسراء: 32].
4- الربا: قال تعالى: {الذين يأكلون الربا لا يقومون إلا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس