**اللهم دبرني فإني لا أحسن التدبير**
**مقدمة**
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فإن الله تعالى هو المدبر الحكيم الذي يدبر شؤون الكون بأسره، وهو الذي بيده الخير كله، وهو الذي يقلب القلوب ويصرفها كيف يشاء، وهو الذي يوفق من يشاء ويهدي من يشاء، وهو الذي يعز من يشاء ويذل من يشاء، وهو الذي يرفع من يشاء ويخفض من يشاء.
**أسباب اللجوء إلى الله تعالى في التدبير**
1. علم الله تعالى بكل شيء: يعلم الله تعالى كل شيء في الكون، يعلم السر والعلن، يعلم ما كان وما يكون وما سيكون، يعلم الغيب والشهادة، يعلم ما في الصدور، يعلم ما في الأرض وما في السماء، يعلم كل شيء لا يعزب عن علمه مثقال ذرة في الأرض ولا في السماء.
2. حكمة الله تعالى في التدبير: الله تعالى حكيم في كل أفعاله وتدبيراته، لا يفعل شيئًا عبثًا، ولا يترك شيئًا سدى، كل شيء عنده بمقدار، كل شيء عنده بحكمة، كل شيء عنده له غاية ومقصد، كل شيء عنده له سبب وحكمة.
3. قدرة الله تعالى على التدبير: الله تعالى قادر على كل شيء، لا يعجزه شيء في الأرض ولا في السماء، يفعل ما يشاء متى شاء وكيف شاء، لا يسأله أحد عن شيء مما يفعل وهم يسألون، قادر على أن يفعل ما لا نستطيع نحن أن نفعله، قادر على أن يقلب الأمور رأسًا على عقب، قادر على أن يغير مجرى الأحداث، قادر على أن يحول بين المرء وقلبه، قادر على أن يجعل من العدو صديقًا ومن الصديق عدوًا.
**كيفية اللجوء إلى الله تعالى في التدبير**
1. الدعاء والتضرع: الدعاء هو مناجاة الله تعالى والتوجه إليه بالطلب والرجاء، وهو من العبادات العظيمة التي يحبها الله تعالى ويستجيب لها، ومن أفضل ما يدعو به المرء ربه أن يقول: “اللهم دبرني فإني لا أحسن التدبير”.
2. التوكل على الله تعالى: التوكل على الله تعالى هو الاعتماد عليه وحده والثقة به في كل الأمور، وهو من صفات المؤمنين الذين قال الله تعالى فيهم: “وعلى الله فتوكلوا إن كنتم مؤمنين”، ومن أفضل ما يتوكل به المرء على ربه أن يقول: “حسبي الله ونعم الوكيل”.
3. الاستخارة: الاستخارة هي طلب الخير من الله تعالى في أمر من الأمور، وهي من السنن النبوية التي كان يفعلها النبي صلى الله عليه وسلم في كل أمر مهم، ومن أفضل ما يستخير به المرء ربه أن يقول: “اللهم إن كنت تعلم أن هذا الأمر خير لي في ديني ودنياي وآخرتي فاقدره لي ويسره لي ثم بارك لي فيه، وإن كنت تعلم أن هذا الأمر شر لي في ديني ودنياي وآخرتي فاصرفه عني واصرفني عنه واقدر لي الخير حيث كان ثم رضني به”.
**أثار اللجوء إلى الله تعالى في التدبير**
1. راحة البال والطمأنينة: من يلجأ إلى الله تعالى في تدبير أموره يجد راحة البال والطمأنينة في قلبه, لأنه يعلم أن الله تعالى هو المدبر الحكيم الذي لا يضيع عنده شيء, وهو الذي يعلم ما فيه الخير له, فهو مطمئن إلى ما يصيبه من خير أو شر, لأنه يعلم أن ذلك من عند الله تعالى, وأن الله تعالى يريد به الخير.
2. التوفيق والسداد: من يلجأ إلى الله تعالى في تدبير أموره يوفق في أقواله وأفعاله, لأن الله تعالى يهديه إلى سواء السبيل, ويسدده في أقواله وأفعاله, ويوفقه لما فيه الخير له, لأن الله تعالى هو ولي الذين آمنوا, وهو الذي يهديهم إلى الصراط المستقيم.
3. العزة والتمكين: من يلجأ إلى الله تعالى في تدبير أموره يعزه الله تعالى وينصره, وينصره على أعدائه, ويعطيه العزة والتمكين, لأن الله تعالى هو القوي العزيز, وهو الذي ينصر عباده المؤمنين, ويهزم أعداءهم.
**أمثلة من حياة الصحابة والتابعين على اللجوء إلى الله تعالى في التدبير**
1. أبو بكر الصديق رضي الله عنه: كان أبو بكر الصديق رضي الله عنه يلجأ إلى الله تعالى في تدبير أموره, وكان دائمًا ما يستخير الله تعالى في كل أمر مهم, وكان يقول: “اللهم إن كنت تعلم أن هذا الأمر خير لي في ديني ودنياي وآخرتي فاقدره لي ويسره لي ثم بارك لي فيه, وإن كنت تعلم أن هذا الأمر شر لي في ديني ودنياي وآخرتي فاصرفه عني واصرفني عنه واقدر لي الخير حيث كان ثم رضني به”.
2. عمر بن الخطاب رضي الله عنه: كان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يلجأ إلى الله تعالى في تدبير أموره, وكان دائمًا ما يستشير الصحابة رضي الله عنهم في الأمور المهمة, وكان يقول: “شاوروا أهل الذكر في الأمور”.
3. عثمان بن عفان رضي الله عنه: كان عثمان بن عفان رضي الله عنه يلجأ إلى الله تعالى في تدبير أموره, وكان دائمًا ما يتوكل على الله تعالى في كل أمر, وكان يقول: “توكلت على الله وحسبي الله ونعم الوكيل”.
**الخلاصة**
اللجوء إلى الله تعالى في التدبير من الأمور العظيمة التي يجب على المسلم أن يحرص عليها, لأن الله تعالى هو المدبر الحكيم الذي يعلم ما فيه الخير لعباده, وهو الذي يوفقهم لما فيه الخير لهم, وهو الذي يعزهم وينصرهم, وهو الذي يهديهم إلى الصراط المستقيم.