اللَّهُمَّ صَبْرًا اللَّهُمَّ جَبْرًا
مقدمة:
الحياة مليئة بالتحديات والشدائد، ويمر المرء في حياته بلحظات صعبة وقاسية، يتعرض فيها لأزمات ومصائب تكون فوق طاقته، فينسى حينها نفسه ويصبح ضعيفاً لا يقوى على مواجهة الحياة، ويبحث عن ملجأ يلجأ إليه في هذه الأوقات الصعبة، فيجد ضالته في اللجوء إلى الله سبحانه وتعالى، إذ لا ملجأ ولا منجا من هذه الشدائد إلا باللجوء إلى الله تعالى، والدعاء إليه أن يفرج كربه ويصبر قلبه على هذه الشدائد، وأن يمن عليه بالجبر من لدنه.
1. الصبر في الإسلام:
الصبر عبادة عظيمة أمر الله بها عباده، وقد جعلها من صفات المؤمنين، حيث يقول الله تعالى في كتابه العزيز: “وبشر الصابرين الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون”.
والصبر هو أن يملك الإنسان نفسه عند وقوع المكاره، وأن يتحملها بصبر وثبات، دون أن يجزع أو يضطرب، وهو أن يثبت على الطاعة ويصبر على المعصية.
كما أن الصبر من أهم صفات المؤمنين، وهو دليل على إيمانه بالله تعالى وتوكله عليه، فالمؤمن الصابر لا يجزع ولا ييأس عند وقوع المصائب والشدائد، بل يصبر عليها ويحتسب الأجر والثواب عند الله تعالى.
2. جبر الله تعالى:
جبر الله تعالى لعبده هو أن يعوضه عن المصيبة التي ألمت به، وأن يمن عليه بنعمة أخرى تعوضه عن النعمة التي فقدها.
كما أن جبر الله تعالى لعبده هو أن يمن عليه بالصبر والسلوان، وأن يجعله يرضى بقضائه وقدره، وأن يعينه على تحمل المصيبة التي ألمت به.
وجبر الله تعالى لعبده هو أن ينقذه من المصيبة التي ألمت به، وأن يفرج كربه، وأن ينعم عليه بالصحة والعافية والأمن والأمان.
3. صبر الأنبياء والرسل عليهم السلام:
لقد مر الأنبياء والرسل عليهم السلام بالكثير من الشدائد والابتلاءات، ولكنهم صبروا عليها جميعاً، ولم يجزعوا ولم يضطربوا.
فمثلاً، صبر سيدنا نوح عليه السلام على قومه الذين كذبوه وأذوه، كما صبر سيدنا إبراهيم عليه السلام على النار التي ألقاه فيها قومه، وصبر سيدنا موسى عليه السلام على فرعون وجنوده الذين طاردوه.
كما صبر سيدنا عيسى عليه السلام على اليهود الذين كذبوه وآذوه، وصبر سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم على المشركين الذين آذوه وأخرجوه من مكة.
4. أنواع الصبر:
الصبر على طاعة الله تعالى: وهو أن يثبت الإنسان على طاعة الله تعالى، ويتمسك بدينه، ويصبر على العبادات والطاعات، ولا يتركها مهما كانت الظروف.
الصبر على معصية الله تعالى: وهو أن يترك الإنسان معصية الله تعالى، ويصبر على نفسه، ولا يفعل ما يغضب الله تعالى، مهما كانت الظروف.
الصبر على أقدار الله تعالى: وهو أن يرضى الإنسان بقضاء الله وقدره، ولا يعترض على ما يصيبه من مصائب وشدائد، بل يصبر عليها ويحتسب الأجر والثواب عند الله تعالى.
5. ثمار الصبر:
الصبر يثمر السعادة والطمأنينة: فالصابر لا يجزع ولا يضطرب عند وقوع المصائب والشدائد، بل يصبر عليها ويحتسب الأجر والثواب عند الله تعالى، فيشعر بالسعادة والطمأنينة في قلبه.
الصبر يثمر النصر والفرج: فالصابر الذي يصبر على المصائب والشدائد، ويحتسب الأجر والثواب عند الله تعالى، يفرج الله كربه، وينصره على أعدائه، ويمن عليه بالنصر والفرج.
الصبر يثمر الجنة: فالصابر الذي يصبر على المصائب والشدائد، ويحتسب الأجر والثواب عند الله تعالى، يدخله الله تعالى جنته، وينعم عليه فيها بنعيم لا يزول.
6. دعاء الصبر والجبر:
من الأدعية المأثورة في الصبر والجبر، قول الله تعالى: “ربنا أفرغ علينا صبراً وثبت أقدامنا وانصرنا على القوم الكافرين”.
كما ورد في السنة النبوية، عن النبي صلى الله عليه وسلم، أنه كان يقول: “اللهم إني أسألك الصبر على ما قضيت، والجبر على ما قدر”.
ومن الأدعية المأثورة في الصبر والجبر، قول الله تعالى: “يا أيها الذين آمنوا اصبروا وصابروا ورابطوا واتقوا الله لعلكم تفلحون”.
7. خاتمة:
في النهاية، فإن الصبر من أهم الصفات التي ينبغي أن يتحلى بها المؤمن، وهو دليل على إيمانه بالله تعالى وتوكله عليه، فالمؤمن الصابر لا يجزع ولا ييأس عند وقوع المصائب والشدائد، بل يصبر عليها ويحتسب الأجر والثواب عند الله تعالى، فالصبر مفتاح الفرج، والصبر مفتاح النصر، والصبر مفتاح الجنة، فطوبى للصابرين الذين يصبرون على المصائب والشدائد، ويحتسبون الأجر والثواب عند الله تعالى.