المقدمة:
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فإن من أعظم البلاء أن يجعل الإنسان الدنيا أكبر همه، وأن ينسى الآخرة وما فيها من النعيم المقيم، وأن يلهيه زينتها ومتاعها عن عبادة خالقه وذكره، وعن العمل الصالح الذي ينفعه في يوم القيامة.
فما هي عواقب جعل الدنيا أكبر همنا؟
1. ضياع الآخرة:
من جعل الدنيا أكبر همه ضيع الآخرة، وانشغل باللذة الحاضرة عن اللذة الباقية، وبالنفع العاجل عن النفع الآجل.
قال الله تعالى: “وَلا تَتَّبِعْ هَوَى نَفْسِكَ أَنْ تَضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا نَسُوا يَوْمَ الْحِسَابِ” (طه: 16).
2. الحرص والشره:
من جعل الدنيا أكبر همه صار حريصًا على جمع المال والمتاع، وشرهًا في طلبه، ولا يبالي من أين يأتيه المال، ولا كيف يكسبه، ولا يرحم من يحتاج إليه.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “لا يزال قلب ابن آدم متعلقًا بالدنيا حتى يضع خده على التراب” (الترمذي).
3. الكبر والتعالي:
من جعل الدنيا أكبر همه صار متكبرًا على الآخرين، ومتعاليًا عليهم، يرى نفسه أفضل منهم، ويحتقرهم ويستخف بهم.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “لا يدخل الجنة من في قلبه مثقال ذرة من كبر” (مسلم).
4. الحسد والحقد:
من جعل الدنيا أكبر همه صار حاسدًا لمن يتمتع بنعمة الدنيا، وحاقدًا عليه، يتمنى زوال نعمته، ويتمنى أن يراه في مثل حاله أو أدنى منها.
قال الله تعالى: “وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللَّهَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ” (البقرة: 204).
5. النفاق والرياء:
من جعل الدنيا أكبر همه صار منافقًا وريئًا، لا يفعل الخير إلا ليظهر للناس، ولا يترك الشر إلا خوفًا من الناس.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “ثلاثة لا ينظر الله إليهم يوم القيامة: العاق لوالديه، والمرأة المترجلة المتشبهة بالرجال، والديوث” (أحمد).
6. الخيانة والغش:
من جعل الدنيا أكبر همه صار خائنًا وغشاشًا، لا يوفي بعهوده، ولا يلتزم بعقوده، ولا يتورع عن الكذب والخداع.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “من غشنا فليس منا” (مسلم).
7. الظلم والعدوان:
من جعل الدنيا أكبر همه صار ظالمًا وعدوانيًا، لا يتورع عن ظلم الآخرين والتعدي عليهم، ولا يبالي بعواقب ظلمه وعدوانه.
قال الله تعالى: “وَاتَّقُوا فِتْنَةً لا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ” (الأنفال: 25).
الخلاصة:
إن جعل الدنيا أكبر همنا هو من أعظم البلاء، وهو سبب لضياع الآخرة، وحرماننا من نعيمها المقيم، وهو أيضًا سبب للشقاء في الدنيا والآخرة.