اللهم لا شماتة
المقدمة:
بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على أشرف المرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد، فيا عباد الله، إن الله سبحانه وتعالى جعل الحياة الدنيا دار ابتلاء وامتحان، فنعم الله تعالى علينا كثيرة لا تُعد ولا تُحصى، ومن هذه النعم نعمة العافية والصحة، فمن منا يستطيع أن يتخيل حياته بدون نعمة العافية؟ إنها نعمة عظيمة جدًا لا يشعر بقيمتها إلا من افتقدها، فمن ابتُلي بمصيبة أو مرض أو فقدان عزيز، فإنه يعلم جيدًا قيمة الصحة والعافية، ومن هنا جاء قول النبي صلى الله عليه وسلم: (نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس: الصحة والفراغ).
أقسام الشامتين:
تنقسم الشامتين إلى قسمين:
القسم الأول: وهم الشامت الحقيقي الذي ينتظر أن يحل البلاء بالآخرين حتى يشمت بهم، فهذا هو الشامت الحقير الذي يستحق اللعن والبعاد.
القسم الثاني: وهم الشامت الكاذب الذي يدعي الشماتة وهو في الحقيقة متألم لما أصاب أخاه المسلم، فهذا هو الشامت المظلوم الذي يستحق العذر والشفقة.
الآثار السلبية للشماتة:
للشماتة العديد من الآثار السلبية على الفرد والمجتمع، ومنها:
1. تولد الشماتة الكراهية والحقد في قلب الشامت، مما يؤدي إلى تدمير علاقاته الاجتماعية.
2. الشامتون دائمًا يكونون مكتئبين وحزينين، وذلك لأنهم ينظرون إلى الحياة من زاوية سلبية، فلا يرون إلا الجانب المظلم منها.
3. الشماتة تجعل الشامت عرضة للإصابة بالأمراض النفسية والجسدية، وذلك لأنها تضعف مناعته وتجعله أكثر عرضة للإصابة بالقلق والاكتئاب والأمراض الأخرى.
الآثار الإيجابية لعدم الشماتة:
لعدم الشماتة العديد من الآثار الإيجابية على الفرد والمجتمع، ومنها:
1. يولد عدم الشماتة المحبة والرحمة في قلب الإنسان، مما يقوي علاقاته الاجتماعية ويجعله أكثر محبوبًا من الآخرين.
2. عدم الشماتة يجعل الإنسان أكثر إيجابية وتفاؤلًا، وذلك لأنه ينظر إلى الحياة من زاوية إيجابية، فلا يرى إلا الجانب المشرق منها.
3. عدم الشماتة يحمي الإنسان من الإصابة بالأمراض النفسية والجسدية، وذلك لأنه يقوي مناعته ويجعله أقل عرضة للإصابة بالقلق والاكتئاب والأمراض الأخرى.
حكم الشماتة في الإسلام:
حرم الإسلام الشماتة وحذر منها ولعن الشامتين، وذلك للأسباب التالية:
1. الشماتة تدل على سوء الظن بالله تعالى، وذلك لأن الشامت يعتقد أن الله تعالى قد ظلم أخاه المسلم وأصابها بمصيبة.
2. الشماتة تدل على الحقد والكراهية، وذلك لأن الشامت لا يريد الخير لأخيه المسلم ويريد أن يراه في مصيبة.
3. الشماتة تدل على الشماتة والاستهزاء، وذلك لأن الشامت يسخر من أخيه المسلم ويستهزئ به.
كيفية التخلص من الشماتة:
إذا كنت تشعر بالشماتة تجاه الآخرين، فهناك بعض الخطوات التي يمكنك اتخاذها للتخلص من هذا الشعور، ومنها:
1. ادع الله تعالى أن يطهر قلبك من الشماتة والحقد والكراهية.
2. حاول أن تتخيل نفسك في مكان أخيك المسلم الذي حل به البلاء، فهل تحب أن يشمت بك أحد؟
3. فكر في الآثار السلبية للشماتة على الفرد والمجتمع، وتذكر دائمًا أن الشماتة لا تجلب لك إلا الحزن والاكتئاب.
الشماتة في الكتاب والسنة:
نهى الله تعالى عن الشماتة وحذر منها ولعن الشامتين، وذلك في قوله تعالى: {وَلا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمُ اللَّهُ وَلا تَعْتَوْا فِي الْأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ} [لقمان: 18].
وشدد رسول الله صلى الله عليه وسلم على تحريم الشماتة، وذلك في قوله: (لا تَشْمَتُوا بِالْمُصِيبَاتِ فَإِنَّ اللَّهَ أَشَدُّ شَمَاتَةً) [رواه البخاري].
الخاتمة:
وفي الختام، فإن الشماتة صفة مذمومة حرمها الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم، ولها آثار سلبية كثيرة على الفرد والمجتمع، ولهذا فإن المسلم يجب عليه أن يتجنب الشماتة وأن يدعو الله تعالى أن يطهر قلبه منها، وأن يحسن الظن بالله تعالى وبرحمته، وأن يتذكر دائمًا أن ما يصيب الإنسان من مصائب وبلاء هو ابتلاء من الله تعالى، وأن الله تعالى يبتلي عباده ليمتحنهم وليخرج ما في قلوبهم من خير وشر، وأن الله تعالى هو الذي يُعطي ويمنع، وهو الذي يُعز ويُذل، وهو الذي يُفرح ويُحزن، وهو الذي يُمرض ويُعافي، وهو الذي يُميت ويُحيي، فاللهم لا شماتة ولا فرحة بمصائب الآخرين، اللهم ارحمنا برحمتك وأعنا على أنفسنا.