النهي عن الاستغفار لِلْمُشْرِكِينَ

No images found for النهي عن الاستغفار لِلْمُشْرِكِينَ

المقدمة

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد،

فإن الله تعالى نهى المؤمنين عن الاستغفار للمشركين، وإن كانوا من الأقربين، وذلك في قوله تعالى: {مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُوْلِي قُرْبَى مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ} [التوبة: 113].

وهذا النهي مبني على حكمة عظيمة، وهي أن المشركين قد كفروا بالله تعالى، وأشركوا به غيره، وهذا من أعظم الذنوب عند الله تعالى، وقد استحقوا بذلك عذاب النار، فليس من المعقول أن يستغفر لهم المؤمنون، وهم يعلمون أنهم مستحقون للعذاب.

أدلة النهي عن الاستغفار للمشركين

ورد في القرآن الكريم والسنّة النبوية العديد من الأدلة على النهي عن الاستغفار للمشركين، ومن هذه الأدلة:

القرآن الكريم

1. قال تعالى: {وَلَا تَسْأَلْ لَهُمْ مَغْفِرَةً إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ لِمَنْ يُشْرِكُ بِهِ} [المجادلة: 14].

2. قال تعالى: {مَا كَانَ لِلْنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُوْلِي قُرْبَى مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ} [التوبة: 113].

3. قال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَمَاتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْ أَحَدِهِمْ مِلْءُ الْأَرْضِ ذَهَبًا وَلَوْ افْتَدَى بِهِ إِنَّ أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ وَمَا لَهُمْ مِنْ نَاصِرِينَ} [آل عمران: 91].

السنّة النبوية

1. روى مسلم في صحيحه عن عائشة رضي الله عنها قالت: “أن رجلاً من المشركين مات فحزن عليه المسلمون، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: “ألا تحزنون عليه، فإنه لو مات على الإسلام لاستغفرتم له”.

2. روى البخاري في صحيحه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: “كان المشركون إذا مات أحدهم ذهب إليه أقرباؤه من المسلمين، فقالوا: اللهم إنه كان يصل رحمه، ويحسن إلى جاره، فاستغفر له، فأنزل الله تعالى: {مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُوْلِي قُرْبَى مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ}”.

3. روى النسائي في سننه عن أبي أمامة رضي الله عنه قال: “أن رجلاً من المشركين مات، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “لا تصلوا عليه، فصلى عليه رجل واحد، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: “إنك لم تشفع له شيئًا”.

علة النهي عن الاستغفار للمشركين

إن علة النهي عن الاستغفار للمشركين هي أنهم قد كفروا بالله تعالى، وأشركوا به غيره، وهذا من أعظم الذنوب عند الله تعالى، وقد استحقوا بذلك عذاب النار، فليس من المعقول أن يستغفر لهم المؤمنون، وهم يعلمون أنهم مستحقون للعذاب.

المشركون مخالفون لأهل التوحيد

المشركون مخالفون لأهل التوحيد في أصول الدين، فهم لا يؤمنون بالله تعالى وحده، ويشركون به غيره، وهذا من أعظم الذنوب عند الله تعالى، قال تعالى: {إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ} [لقمان: 13].

المشركون محاربون لرسول الله صلى الله عليه وسلم والمؤمنين

المشركون محاربون لرسول الله صلى الله عليه وسلم والمؤمنين، وقد قاتلوا المسلمين في غزوات عديدة، وسفكوا دماءهم، قال تعالى: {وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ} [الأنفال: 39].

المشركون مستحقون لعذاب النار

المشركون مستحقون لعذاب النار، قال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَمَاتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْ أَحَدِهِمْ مِلْءُ الْأَرْضِ ذَهَبًا وَلَوْ افْتَدَى بِهِ إِنَّ أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ وَمَا لَهُمْ مِنْ نَاصِرِينَ} [آل عمران: 91].

حكم الاستغفار للمشركين في بعض الحالات

يجوز الاستغفار للمشركين في بعض الحالات، ومن هذه الحالات:

الاستغفار للمشركين قبل موتهم

يجوز الاستغفار للمشركين قبل موتهم، وذلك لعل الله تعالى يهديهم إلى الإسلام قبل أن يموتوا، قال تعالى: {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِلَّ قَوْمًا بَعْدَ إِذْ هَدَاهُمْ حَتَّى يُبَيِّنَ لَهُمْ مَا يَتَّقُونَ} [التوبة: 115].

الاستغفار للمشركين غير المحاربين

يجوز الاستغفار للمشركين غير المحاربين، وذلك لأنهم ليسوا كفارًا حربيين، قال تعالى: {لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ} [الممتحنة: 8].

الاستغفار للمشركين الذين لم يبلغهم الإسلام

يجوز الاستغفار للمشركين الذين لم يبلغهم الإسلام، وذلك لأنهم معذورون في كفرهم، قال تعالى: {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِلَّ قَوْمًا بَعْدَ إِذْ هَدَاهُمْ حَتَّى يُبَيِّنَ لَهُمْ مَا يَتَّقُونَ} [التوبة: 115].

الرد على من يقول بجواز الاستغفار للمشركين

يقول بعض الناس أنه يجوز الاستغفار للمشركين، ولا بأس بذلك، وهذا القول باطل من وجوه كثيرة، ومن هذه الوجوه:

مخالفة القرآن الكريم والسنّة النبوية

القول بجواز الاستغفار للمشرك

أضف تعليق