أمي وأبي
المقدمة:
يعتبر الوالدان من أهم الأشخاص في حياة كل إنسان، فهم من يربينا ويرعانا منذ أن نولد، وهم من يعلّمنا القيم والمبادئ، وهم من يدعمنا في حياتنا، كما أن لهم دورًا أساسيًا في تشكيل شخصيتنا وفي تحديد مستقبلنا.
1. فضل الوالدين علينا:
لقد حملتنا أمهاتنا في بطونهن تسعة أشهر، وتحمّلن مشقة الحمل والولادة، وأرضعتنا من صدورهن، وسهروا على راحتنا لسنوات طويلة.
أما آباؤنا فقد عملوا جاهدين لإعالة أسرهن، وتحملوا مشاق الحياة وصعوباتها، وضحّوا كثيرًا من أجمل سنوات شبابهم من أجل توفير حياة كريمة لنا.
إن فضل الوالدين علينا لا يمكن أن يُحصى، ولا يمكن أن نُوفيهم حقهم مهما فعلنا.
2. أهمية بر الوالدين:
بر الوالدين هو أحد أهم الفرائض الدينية، وقد أمرنا الله تعالى بالإحسان إليهما في كثير من آيات القرآن الكريم، مثل قوله تعالى: “وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا” (الإسراء: 23).
كما أن بر الوالدين هو أحد أهم أسباب سعادة الإنسان في الدنيا والآخرة، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “بِرُّ الْوَالِدَيْنِ أَحَبُّ الْأَعْمَالِ الَّتِي يَحِبُّهَا اللَّهُ ثُمَّ الْجِهَادُ…” (سنن الترمذي).
إن بر الوالدين هو دليلٌ على أخلاق الإنسان الحميدة، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “أَكْمَلُ الْإِيمَانِ إِحْسَانُ الْمُرْءِ إِلَى أَهْلِهِ” (سنن ابن ماجه).
3. كيف نُبر والدينا:
من أهم طرق بر الوالدين هو طاعتهما في كل شيء إلا ما كان فيه معصية لله تعالى، فإذا أمرنا الوالدان بشيء يخالف أمر الله تعالى، فلا يجوز لنا طاعتهما.
كما أن من أهم طرق بر الوالدين هو الإحسان إليهما، وذلك من خلال تقديم المساعدة لهما في كل ما يحتاجان إليه، ومن خلال توفير الراحة لهما، ومن خلال إكرامهما في كل مناسبة.
ومن طرق بر الوالدين أيضًا الدعاء لهما والاستغفار لهم، فذلك من أفضل ما يمكن أن نقدمه لهما، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “الدُّعاءُ لِلْوَالِدَيْنِ مِنْ بِرِّ الْوَالِدَيْنِ” (سنن أبي داود).
4. نماذج من بر الصحابة لوالديهم:
هناك العديد من النماذج المشرفة من الصحابة الكرام الذين برّوا بوالديهم، ومن أبرز هذه النماذج الصحابي الجليل عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، فقد كان يقدم لوالديه أفضل الطعام والشراب، وكان يحملهما على ظهره ويطوف بهما حول الكعبة، وكان يقول لهما: “أنتم أهلي في الدنيا والآخرة”.
ومن النماذج المشرفة أيضًا الصحابي الجليل عثمان بن عفان رضي الله عنه، فقد كان يبر والدته برًا شديدًا، وكان يقدم لها أفضل ما يقدر عليه من الطعام والشراب والثياب، وكان يقول لها: “والله لأنتِ أحب إليَّ من كل شيء إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم”.
وقد كان الصحابة الكرام يحرصون كل الحرص على بر والديهما، وكانوا يعتبرون ذلك من أهم الفرائض الدينية.
5. بر الوالدين في ضوء القرآن والسنة:
لقد حثّنا القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة على بر الوالدين، وأكدا على أهمية ذلك، وبيّنا فضل الوالدين علينا، وذكرا لنا نماذج مشرفة من الصحابة الكرام الذين برّوا بوالديهم.
وقد قال الله تعالى في كتابه الكريم: “وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا” (الإسراء: 23)، وقال تعالى: “وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ لَا تَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا” (البقرة: 83).
وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “بِرُّ الْوَالِدَيْنِ أَحَبُّ الْأَعْمَالِ الَّتِي يَحِبُّهَا اللَّهُ ثُمَّ الْجِهَادُ…” (سنن الترمذي)، وقال صلى الله عليه وسلم: “أَكْمَلُ الْإِيمَانِ إِحْسَانُ الْمُرْءِ إِلَى أَهْلِهِ” (سنن ابن ماجه).
6. بر الوالدين في ضوء التقاليد والعادات:
تعتبر تقاليد وعادات المجتمعات العربية والإسلامية من أهم العوامل التي تحثّ على بر الوالدين، ففي هذه المجتمعات يعتبر بر الوالدين من أهم القيم الاجتماعية، ومن أهم الفرائض الدينية.
وقد دأب العرب والمسلمون على بر والديهم منذ القدم، وقد كان هذا من أهم أسباب تماسك الأسرة العربية والإسلامية، ومن أهم أسباب استقرار المجتمع العربي والإسلامي.
وقد حثّت تقاليد وعادات المجتمعات العربية والإسلامية على احترام الوالدين وتوقيرهم، وعلى طاعتهما في كل شيء إلا ما كان فيه معصية لله تعالى.
7. بر الوالدين في ضوء الواقع المعاصر:
للأسف، فإن بر الوالدين في الواقع المعاصر قد تراجع كثيرًا، وذلك بسبب العديد من العوامل، منها:
تغيّر نمط الحياة وتزايد الضغوط الاجتماعية والاقتصادية.
ضعف الوازع الديني والأخلاقي.
انتشار وسائل الإعلام السلبية التي تحثّ على العصيان والإلحاد.
جمود بعض العادات والتقاليد التي لا تتماشى مع العصر الحاضر.
ومن أجل معالجة هذه المشكلة، يجب علينا أن نعمل على:
تعزيز الوازع الديني والأخلاقي لدى الأفراد.
محاربة وسائل الإعلام السلبية التي تحثّ على العصيان والإلحاد.
تطوير العادات والتقاليد التي لا تتماشى مع العصر الحاضر.
إن بر الوالدين هو من أهم الواجبات الدينية والأخلاقية التي يجب أن نلتزم بها، فبر الوالدين هو السبيل إلى رضا الله تعالى، وهو السبيل إلى سعادة الإنسان في الدنيا والآخرة.
الخاتمة:
إن بر الوالدين هو من أهم الواجبات الدينية والأخلاقية التي يجب أن نلتزم بها، فبر الوالدين هو السبيل إلى رضا الله تعالى، وهو السبيل إلى سعادة الإنسان في الدنيا والآخرة. وقد بيّنا في هذا المقال فضل الوالدين علينا، وأهمية برهما، وكيفية برهما، وذكرنا نماذج مشرفة من الصحابة الكرام الذين برّوا بوالديهم، وبيّنا بر الوالدين في ضوء القرآن والسنة والتقاليد والعادات، وفي ضوء الواقع المعاصر.