مقدمة:
الوسطية في الإسلام مبدأ معتدل يدعو إلى التسامح والتعايش السلمي بين جميع الناس، بغض النظر عن عقائدهم أو معتقداتهم أو انتماءاتهم العرقية أو اللغوية أو الجنسية. كما يدعو إلى التوازن في جميع مناحي الحياة، من العبادات إلى المعاملات إلى السلوكيات.
مفهوم الوسطية:
الوسطية هي الاعتدال في كل شيء، وعدم الإفراط أو التفريط، فالمسلم المعتدل هو الذي لا يغلو في دينه ولا يفرط، بل يتبع منهج الوسطية الذي أمرنا به الله تعالى ورسوله الكريم صلى الله عليه وسلم.
أدلة الوسطية في القرآن:
هناك العديد من الآيات القرآنية التي تدعو إلى الوسطية، ومنها:
– قال تعالى: (وكذلك جعلناكم أمةً وسطًا لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدًا) (البقرة: 143).
– وقال تعالى: (ولا تجعل يدك مغلولة إلى عنقك ولا تبسطها كل البسط فتقعد ملومًا محسورًا) (الإسراء: 29).
– وقال تعالى: (وكلوا واشربوا ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين) (الأعراف: 31).
أدلة الوسطية في السنة النبوية:
هناك العديد من الأحاديث النبوية التي تدعو إلى الوسطية، ومنها:
– عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “خير الأمور أوسطها” (رواه البخاري ومسلم).
– وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “إياكم والغلو في الدين، فإنما أهلك من كان قبلكم الغلو في الدين” (رواه أحمد والترمذي).
– وعن عائشة رضي الله عنها قالت: “كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أحسن الناس خُلقًا، وكان من خلقه أنه كان لا يُفرط في شيء ولا يُفرط” (رواه البخاري ومسلم).
مجالات الوسطية في الإسلام:
الوسطية في الإسلام شاملة لجميع مناحي الحياة، ومن أهم مجالاتها:
1. العبادات: يدعو الإسلام إلى الوسطية في العبادات، فلا إفراط ولا تفريط، فمثلاً لا يجب على المسلم أن يصلي أكثر من خمس صلوات في اليوم، ولا يجب عليه أن يصوم أكثر من شهر رمضان في السنة.
2. المعاملات: يدعو الإسلام إلى الوسطية في المعاملات، فلا ظلم ولا غش ولا احتكار، فمثلاً يجب على المسلم أن يدفع ثمن السلعة التي يشتريها، ولا يجوز له أن يخدع البائع أو المشتري.
3. السلوكيات: يدعو الإسلام إلى الوسطية في السلوكيات، فلا غلو ولا إفراط، فمثلاً يجب على المسلم أن يكون معتدلاً في ملبسه ومأكله ومشربه، ولا يجوز له أن يكون مسرفًا أو مبذرًا.
4. الدعوة إلى الله: يدعو الإسلام إلى الوسطية في الدعوة إلى الله، فلا إكراه ولا عنف، فمثلاً لا يجب على المسلم أن يجبر أحدًا على اعتناق الإسلام، ولا يجوز له أن يستخدم العنف أو الإكراه في الدعوة إلى الله.
5. التعامل مع الآخرين: يدعو الإسلام إلى الوسطية في التعامل مع الآخرين، فلا تمييز ولا عنصرية ولا كراهية، فمثلاً لا يجوز للمسلم أن يميز بين الناس على أساس العرق أو اللون أو الجنس أو الدين، ولا يجوز له أن يكره أحدًا بسبب معتقداته أو انتماءاته.
6. التوازن بين الدنيا والآخرة: يدعو الإسلام إلى الوسطية في التوازن بين الدنيا والآخرة، فلا إفراط في التعلق بالدنيا ولا تفريط في الاستعداد للآخرة، فمثلاً يجب على المسلم أن يعمل ويكسب الرزق الحلال، ولكن لا يجب عليه أن ينسى الآخرة ويغفل عن العبادات.
7. الحفاظ على الصحة: يدعو الإسلام إلى الوسطية في الحفاظ على الصحة، فلا إفراط في الرياضة أو الحمية الغذائية ولا تفريط في العناية بالصحة، فمثلاً يجب على المسلم أن يمارس الرياضة ويحافظ على نظافة جسمه، ولكن لا يجب عليه أن يرهق نفسه بالرياضة أو الحمية الغذائية القاسية.
الوسطية والاعتدال:
الوسطية والاعتدال مترادفان، وكلاهما يدعو إلى التوازن وعدم الإفراط أو التفريط. والاعتدال في الإسلام يشمل جميع جوانب الحياة، من العبادات إلى المعاملات إلى السلوكيات.
الوسطية والتطرف:
التطرف هو عكس الوسطية، وهو الغلو في الدين والإفراط في العبادات والمعاملات والسلوكيات. والتطرف يؤدي إلى التشدد والتعصب والعنف، وهو من أخطر الأمراض التي تصيب المجتمعات الإسلامية.
خاتمة:
الوسطية مبدأ معتدل يدعو إلى التسامح والتعايش السلمي بين جميع الناس، بغض النظر عن عقائدهم أو معتقداتهم أو انتماءاتهم العرقية أو اللغوية أو الجنسية. كما يدعو إلى التوازن في جميع مناحي الحياة، من العبادات إلى المعاملات إلى السلوكيات. والوسطية هي منهج الإسلام الذي أمرنا به الله تعالى ورسوله الكريم صلى الله عليه وسلم، وهي السبيل الوحيد لتحقيق السعادة والسلام في الدنيا والآخرة.