حسبي الله ونعم الوكيل على كل ظالم ومفتر

حسبي الله ونعم الوكيل على كل ظالم ومفتر

بسم الله الرحمن الرحيم

المقدمة:

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فإن الظلم من الأمور الشنيعة التي حرمها الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم، وهو من أكبر الكبائر التي يجب على المسلم اجتنابها، وذلك لما له من آثار وخيمة على الفرد والمجتمع، وقد وردت العديد من الآيات القرآنية الكريمة والأحاديث النبوية الشريفة التي تحذر من الظلم وتوعد الظالمين بأشد العذاب، وفي هذا المقال سنتحدث عن حسبي الله ونعم الوكيل على كل ظالم ومفتر، وسنتناول هذا الموضوع من خلال عدة عناوين فرعية، فإلى ذلك.

1. معنى حسبي الله ونعم الوكيل:

حسبي الله ونعم الوكيل: هو دعاء وتضرع إلى الله تعالى بأن يكفي المسلم ظلم الظالمين ومفتريات المفترين، وأن ينصره عليهم وينتقم منهم، وهو من الأدعية التي قالها سيدنا إبراهيم عليه السلام عندما ألقاه قومه في النار، فقال: “حسبي الله ونعم الوكيل”، وقد ورد هذا الدعاء في القرآن الكريم في سورة المائدة الآية 38، حيث قال تعالى: “وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ”.

ويتكون هذا الدعاء من جملتين: “حسبي الله” و”نعم الوكيل”، فجملة “حسبي الله” تعني أن الله تعالى يكفي المسلم ظلم الظالمين ومفتريات المفترين، وجملة “نعم الوكيل” تعني أن الله تعالى هو خير من يتولى أمر المسلم وينصره على الظالمين والمفترين.

ويجوز للمسلم أن يقول: “حسبي الله ونعم الوكيل” عند وقوع أي ظلم أو افتراء عليه، وذلك من أجل أن يتوجه إلى الله تعالى ويدعوه بأن يكفيه شر الظالمين والمفترين وأن ينصره عليهم.

2. فضل قول حسبي الله ونعم الوكيل:

لقول حسبي الله ونعم الوكيل فضل عظيم وثواب كبير، وذلك لما ورد في الأحاديث النبوية الشريفة من فضل هذا الدعاء، فقد روى الإمام أحمد في مسنده عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “من قال حين يُظلم: حسبي الله ونعم الوكيل، قال الله تعالى: كفيتك وأوفيت، وانصرت وانتقمت”.

كما روى الإمام الترمذي في سننه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “ما من مظلوم يقول عند ظلمه: حسبي الله ونعم الوكيل، إلا قال الله تعالى: قد وكلتك إلى نفسك، فانتصر كيف شئت”.

وهذه الأحاديث وغيرها تدل على الفضل العظيم لقول حسبي الله ونعم الوكيل، وأن هذا الدعاء من الأدعية المأثورة التي يجب على المسلم أن يقولها عند وقوع أي ظلم أو افتراء عليه.

3. حقيقة توكيل الله تعالى لعباده:

عندما يقول المسلم: “حسبي الله ونعم الوكيل”، فهذا يعني أنه وكَّل الله تعالى في أمره، وتوكل عليه في نصره على الظالمين والمفترين، والتوكُّل على الله تعالى هو من أعظم العبادات التي يتقرب بها المسلم إلى ربه، وهو من صفات المؤمنين الصادقين، وقد وردت العديد من الآيات القرآنية الكريمة والأحاديث النبوية الشريفة التي تحث على التوكل على الله تعالى، ومن ذلك قوله تعالى في سورة آل عمران الآية 122: “وَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ عَلَى اللَّهِ”.

والتوكُّل على الله تعالى لا يعني ترك الأسباب وعدم العمل، بل يعني بذل الجهد والعمل بكل ما يستطيع المسلم، ثم التوكل على الله تعالى في النتيجة، وذلك لأن الله تعالى هو وحده القادر على النصر والظفر، وهو وحده القادر على دفع الظلم والافتراء عن عباده المؤمنين.

وقد قال سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه: “لو أن العباد توكلوا على الله حق توكله لرزقهم كما يرزق الطير، تغدو خماصًا وتروح بطانًا”.

4. أقوال العلماء في فضل قول حسبي الله ونعم الوكيل:

قال الإمام ابن القيم رحمه الله في كتابه “مدارج السالكين”: “قول: حسبي الله ونعم الوكيل، من أقوى الأدعية وأعظمها نفعًا، وهو من جوامع الكلم التي جمعت معاني كثيرة من التوحيد والتوكل والتفويض والرضا والتسليم لله تعالى، وهو من أجل الأدعية التي يُدعى بها عند النوازل والشدائد”.

وقال الإمام النووي رحمه الله في كتابه “الأذكار”: “قول: حسبي الله ونعم الوكيل، من الأدعية المأثورة التي وردت في السنة النبوية المطهرة، وهو من الأدعية التي يجب على المسلم أن يقولها عند وقوع أي ظلم أو افتراء عليه”.

وقال الإمام ابن حجر الهيتمي رحمه الله في كتابه “الفتاوى الحديثية”: “قول: حسبي الله ونعم الوكيل، من الأدعية المباركة التي يُدعى بها عند وقوع أي ظلم أو افتراء، وهو من الأدعية التي يستجاب فيها الدعاء بإذن الله تعالى”.

أضف تعليق