حكم التاتو المؤقت

حكم التاتو المؤقت

الحكم الشرعي للوشم المؤقت

مقدمة:

الوشم المؤقت هو نوع من أشكال تزيين الجسم، والذي ينطوي على وضع حبر أو صبغة مؤقتة على الجلد، والتي تزول بعد فترة زمنية معينة. وعلى الرغم من أن الوشم المؤقت لا يُعتبر وشمًا دائمًا، إلا أنه قد يثير بعض التساؤلات حول حكمه الشرعي، خاصةً في ظل وجود خلافات بين الفقهاء حول حكم الوشم الدائم. ومن خلال هذا المقال، سنتناول حكم الوشم المؤقت وأدلة الفقهاء في هذا الشأن، مع ذكر بعض الآراء والفتاوى الصادرة في هذا الصدد.

أولاً: تعريف الوشم المؤقت:

الوشم المؤقت هو نوع من أنواع تزيين الجلد، والذي يتم من خلال وضع حبر أو صبغة مؤقتة على الجلد، والتي تزول بعد فترة زمنية معينة، تتراوح بين يومين إلى أسبوعين، اعتمادًا على نوع الحبر المستخدم. ويتم وضع الوشم المؤقت عادةً باستخدام أداة خاصة تسمى “ماكينة الوشم المؤقت”، والتي تُستخدم لحقن الحبر في طبقات الجلد العليا. وعادةً ما يكون الوشم المؤقت غير مؤلم، ولا يسبب أي ضرر دائم للجلد.

ثانيًا: حكم الوشم المؤقت في الشريعة الإسلامية:

لم يرد في القرآن الكريم أي نص صريح يحرم أو يحلل الوشم المؤقت، إلا أن هناك بعض الأحاديث النبوية الشريفة التي ذُكرت في هذا الصدد، وأبرزها:

1- ما رواه البخاري ومسلم عن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “لعن الله الواشمات والمستوشمات، والمتنمصات والمتفلجات للحسن، المغيرات خلق الله”.

2- ما رواه أبو داود والترمذي عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “إن الله لعن الواشمات والمستوشمات، والنامصات والمتنمصات، والمتفلجات للحسن، المغيرات خلق الله”.

3- ما رواه أحمد وأبو داود والترمذي عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم الواشمات والمستوشمات والنامصات والمتفلجات والواصلات، والمتبرجات من النساء اللاتي يفعلن ذلك تغيير خلق الله”.

ثالثًا: دلالات الأحاديث النبوية على حكم الوشم:

من خلال دراسة الأحاديث النبوية الشريفة الواردة في حكم الوشم، يمكن استنباط بعض الدلالات، وهي:

1- أن الوشم بجميع أنواعه، سواء كان دائمًا أو مؤقتًا، محرم في الشريعة الإسلامية.

2- أن تحريم الوشم يشمل كل من يفعله، سواء كان وشمًا ذاتيًا أو وشمًا يُفعله شخص آخر.

3- أن تحريم الوشم يشمل أيضًا من يتعرض للوشم، سواء كان رجلاً أو امرأة.

4- أن تحريم الوشم يستند إلى أنه تغيير لخلق الله، وهو أمر محرم في الشريعة الإسلامية.

رابعًا: أقوال العلماء في حكم الوشم المؤقت:

اختلف الفقهاء في حكم الوشم المؤقت، فمنهم من قال بحرمته استنادًا إلى الأحاديث النبوية الشريفة الواردة في ذلك، ومنهم من قال بجوازه استنادًا إلى أن التحريم مقصود به الوشم الدائم وليس المؤقت. ومن أبرز أقوال العلماء في هذا الصدد:

1- مذهب الحنفية: قال الحنفية بحرمة الوشم المؤقت، استنادًا إلى الأحاديث النبوية الشريفة التي تحرم الوشم بصفة عامة.

2- مذهب المالكية: قال المالكية بحرمة الوشم المؤقت أيضًا، استنادًا إلى الأحاديث النبوية الشريفة والآثار المروية عن الصحابة والتابعين في هذا الشأن.

3- مذهب الشافعية: قال الشافعية بحرمة الوشم المؤقت، استنادًا إلى الأحاديث النبوية الشريفة، وبناءً على أن الوشم المؤقت هو نوع من تغيير خلق الله، وهو أمر محرم في الشريعة الإسلامية.

4- مذهب الحنابلة: قال الحنابلة بحرمة الوشم المؤقت، استنادًا إلى الأحاديث النبوية الشريفة، وبناءً على أن الوشم المؤقت هو نوع من أنواع التشويه للجسم، ومحرم في الشريعة الإسلامية.

خامسًا: فتاوى العلماء المعاصرين في حكم الوشم المؤقت:

أصدر العديد من العلماء المعاصرين فتاوى في حكم الوشم المؤقت، ومن أبرز هذه الفتاوى:

1- فتوى الشيخ عبد الله بن جبرين: أفتى الشيخ ابن جبرين بتحريم الوشم المؤقت، استنادًا إلى الأحاديث النبوية الشريفة والآثار المروية عن الصحابة والتابعين في هذا الشأن.

2- فتوى الشيخ محمد بن صالح العثيمين: أفتى الشيخ ابن عثيمين بتحريم الوشم المؤقت، استنادًا إلى أن الوشم المؤقت هو نوع من أنواع تغيير خلق الله، وهو أمر محرم في الشريعة الإسلامية.

3- فتوى الشيخ يوسف القرضاوي: أفتى الشيخ القرضاوي بجواز الوشم المؤقت، استنادًا إلى أن التحريم مقصود به الوشم الدائم وليس المؤقت، وأن الوشم المؤقت لا يعتبر تغييرًا لخلق الله لأنه يزول بعد فترة قصيرة من الزمن.

سادسًا: رأي الطب في الوشم المؤقت:

أشارت بعض الدراسات الطبية إلى أن الوشم المؤقت قد يسبب بعض المخاطر الصحية، منها:

1- الحساسية: قد يعاني بعض الأشخاص من حساسية تجاه الحبر المستخدم في الوشم المؤقت، مما قد يتسبب في احمرار الجلد والحكة والالتهاب.

2- الندبة: في بعض الحالات، قد يتسبب الوشم المؤقت في حدوث ندبة دائمة على الجلد، خاصة إذا تم وضعه على منطقة حساسة أو إذا تم استخدام إبرة غير معقمة.

3- العدوى: إذا لم يتم استخدام الأدوات المعقمة في وضع الوشم المؤقت، فقد يزداد خطر الإصابة بالعدوى البكتيرية أو الفيروسية.

سابعًا: الخاتمة:

من خلال ما سبق، يمكن القول بأن الوشم المؤقت محرم في الشريعة الإسلامية، استنادًا إلى الأحاديث النبوية الشريفة التي تحرم الوشم بصفة عامة، بالإضافة إلى أقوال العلماء والفتاوى الصادرة في هذا الشأن. ويرى بعض العلماء المعاصرين أن الوشم المؤقت جائز، استنادًا إلى أن التحريم مقصود به الوشم الدائم وليس المؤقت، وأن الوشم المؤقت لا يعتبر تغييرًا لخلق الله لأنه يزول بعد فترة قصيرة من الزمن. ومع ذلك، فإن الرأي الراجح هو تحريم الوشم المؤقت، استنادًا إلى الأحاديث النبوية الشريفة وآراء جمهور العلماء.

أضف تعليق