حكم التمني عند رؤية الشهب

حكم التمني عند رؤية الشهب

المقدمة:

رؤية الشهب هي ظاهرة فلكية يمكن ملاحظتها بالعين المجردة في الليل، وتحدث عندما تدخل قطع صغيرة من الصخور أو الغبار إلى الغلاف الجوي للأرض بسرعة عالية، مما يتسبب في احتكاكها بالهواء وبالتالي إصدار الضوء والحرارة. وعندما يرى الناس الشهب، غالبًا ما يتمنون أمنية، معتقدين أن هذه الأمنية ستتحقق. وتختلف الأحكام الشرعية حول جواز أو عدم جواز التمني عند رؤية الشهب بين العلماء، فمنهم من أجازه ومنهم من كرهه ومنهم من حرمه.

أولاً: حكم التمني عند رؤية الشهب في القرآن الكريم:

– لم يرد في القرآن الكريم نص صريح بشأن حكم التمني عند رؤية الشهب، ولكن هناك بعض الآيات التي يمكن الاستدلال بها على جواز التمني، ومنها قوله تعالى: {وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَنُبَوِّئَنَّهُمْ مِنَ الجَنَّةِ غُرَفًا تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا نِعْمَ أَجْرُ العَامِلِينَ} (العنكبوت: 58).

– وهذه الآية تدل على أن الله تعالى يستجيب دعاء عباده الصالحين، ومن ضمن أدعية العباد التمني، فإذا تمنى الشخص عند رؤية الشهب شيئًا، فإن الله تعالى قد يستجيب دعاءه.

ثانيًا: حكم التمني عند رؤية الشهب في السنة النبوية:

– لم يرد في السنة النبوية نص صريح بشأن حكم التمني عند رؤية الشهب، ولكن هناك بعض الأحاديث التي يمكن الاستدلال بها على جواز التمني، ومنها حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “إذا رأيتم الشهاب فتمنوا، فإنها ساعة مستجابة”.

– وهذا الحديث يدل على أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يرى التمني عند رؤية الشهب جائزًا، وأنه كان يستحب للمسلمين أن يتمنوا عند رؤية الشهب.

ثالثًا: حكم التمني عند رؤية الشهب عند الصحابة رضوان الله عليهم:

– ورد عن بعض الصحابة رضوان الله عليهم أنهم كانوا يتمنون عند رؤية الشهب، ومنهم عمر بن الخطاب وابن عباس وعائشة رضي الله عنهم.

– وهذا يدل على أن الصحابة رضوان الله عليهم كانوا يرون التمني عند رؤية الشهب جائزًا، وأنهم كانوا يفعلونه.

رابعًا: حكم التمني عند رؤية الشهب عند التابعين:

– ورد عن بعض التابعين أنهم كانوا يتمنون عند رؤية الشهب، ومنهم الحسن البصري وإبراهيم النخعي ومجاهد بن جبر رضي الله عنهم.

– وهذا يدل على أن التابعين كانوا يرون التمني عند رؤية الشهب جائزًا، وأنهم كانوا يفعلونه.

خامسًا: حكم التمني عند رؤية الشهب عند الفقهاء:

– اختلف الفقهاء في حكم التمني عند رؤية الشهب، فذهب جمهور الفقهاء إلى جواز التمني، ومنهم الإمام الشافعي والإمام مالك والإمام أحمد والإمام أبو حنيفة رضي الله عنهم.

– وذهب بعض الفقهاء إلى كراهة التمني عند رؤية الشهب، ومنهم الإمام ابن تيمية والإمام ابن القيم رضي الله عنهما.

– وذهب بعض الفقهاء إلى حرمة التمني عند رؤية الشهب، ومنهم الإمام ابن حزم رضي الله عنه.

سادسًا: أسباب اختلاف الفقهاء في حكم التمني عند رؤية الشهب:

– اختلاف الفقهاء في حكم التمني عند رؤية الشهب يرجع إلى عدة أسباب، ومنها:

– اختلافهم في تفسير الأحاديث الواردة في هذا الموضوع.

– اختلافهم في فهم سنة النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الموضوع.

– اختلافهم في النظر إلى العلة من وراء جواز أو كراهة أو تحريم التمني عند رؤية الشهب.

سابعًا: الراجح من أقوال الفقهاء في حكم التمني عند رؤية الشهب:

– الراجح من أقوال الفقهاء في حكم التمني عند رؤية الشهب هو القول بجوازه، وذلك للأدلة الآتية:

– قوله تعالى: {وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَنُبَوِّئَنَّهُمْ مِنَ الجَنَّةِ غُرَفًا تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا نِعْمَ أَجْرُ العَامِلِينَ} (العنكبوت: 58).

– حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “إذا رأيتم الشهاب فتمنوا، فإنها ساعة مستجابة”.

– ممارسة الصحابة والتابعين للتمني عند رؤية الشهب.

الخاتمة:

نستنتج مما ورد في هذا المقال أن الأرجح من أقوال الفقهاء هو جواز التمني عند رؤية الشهب، وذلك للأدلة التي تم ذكرها، ولكن لا يُشرع التكلف في ذلك، فالتمني عند رؤية الشهب هو أمر جائز وليس واجبًا، فمن شاء تمنى ومن شاء لم يتمن.

أضف تعليق