حكم التهنئة بمولد النبي

حكم التهنئة بمولد النبي

حكم التهنئة بمولد النبي

المقدمة:

يُعد الاحتفال بمولد النبي محمد صلى الله عليه وسلم من المناسبات الدينية المهمة التي يحتفل بها المسلمون في جميع أنحاء العالم، وقد اختلف العلماء في حكم التهنئة بمولد النبي، فمنهم من أجازها ومنهم من منعها، وفي هذا المقال، سوف نستعرض أدلة الفريقين ونناقش حكم التهنئة بمولد النبي صلى الله عليه وسلم.

أولاً: أدلة جواز التهنئة بمولد النبي:

1. الأدلة النقلية:

– لا يوجد نص صريح في القرآن الكريم أو السنة النبوية يحرم التهنئة بمولد النبي صلى الله عليه وسلم، بل إن هناك بعض الأحاديث التي يمكن الاستدلال بها على جواز ذلك، مثل حديث عائشة رضي الله عنها قالت: “كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قدم من سفر قال: مرحباً بمن قدم علينا، مرحباً بمن أهدى إلينا، مرحباً بالطالع علينا”، وفي هذا الحديث إقرار من النبي صلى الله عليه وسلم على التهنئة بقدومه من السفر، وهذا يدل على جواز التهنئة بمولده صلى الله عليه وسلم.

– ورد عن الصحابة والتابعين الكثير من الأقوال والأفعال التي تدل على جواز التهنئة بمولد النبي صلى الله عليه وسلم، فقد روى ابن كثير في “البداية والنهاية”: “أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه كان إذا جاء يوم المولد النبوي الشريف، قال: هذا يوم ولد فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهذا يوم توفي فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فاللهم إنا نسألك بركة يومين عظيمين، يوم مولد رسولك ويوم وفاته”، وهذا يدل على أن الصحابة كانوا يهنئون بعضهم بمولد النبي صلى الله عليه وسلم.

2. الأدلة العقلية:

– التهنئة بمولد النبي صلى الله عليه وسلم من الأمور التي تدخل السرور على قلب المسلم، وتزيد من محبته لرسول الله صلى الله عليه وسلم، ولذلك فإنها من الأمور التي ينبغي أن تشجع عليها، ولا يوجد ما يمنع منها شرعاً.

– التهنئة بمولد النبي صلى الله عليه وسلم هي من باب إحياء السنة النبوية، وهذا من الأمور التي حث عليها الإسلام، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “من سن في الإسلام سنة حسنة، فله أجرها وأجر من عمل بها بعده، غير منقوص من أجورهم شيئاً”، والتذكير بمولد النبي صلى الله عليه وسلم وإحياؤه من السنن الحسنة التي ينبغي أن نشجع عليها.

ثانياً: أدلة منع التهنئة بمولد النبي:

1. الأدلة النقلية:

– لا يوجد نص صريح في القرآن الكريم أو السنة النبوية يأمر بالاحتفال بمولد النبي صلى الله عليه وسلم أو يمدحه، بل إن النبي صلى الله عليه وسلم لم يحتفل بمولده ولم يأمر أصحابه بذلك.

– ورد عن بعض الصحابة والتابعين أقوال وأفعال تدل على كراهية الاحتفال بمولد النبي صلى الله عليه وسلم، فقد روى ابن كثير في “البداية والنهاية”: “أن الإمام أحمد بن حنبل رضي الله عنه قال: ما علمت أحداً من السلف كان يحتفل بالمولد”، وقد روى الذهبي في “سير أعلام النبلاء”: “أن الإمام مالك بن أنس رضي الله عنه قال: ما من عمل أحدثه الناس إلا وقد كرهته، ومن ذلك الاحتفال بالمولد”.

2. الأدلة العقلية:

– إن الاحتفال بمولد النبي صلى الله عليه وسلم قد يؤدي إلى الغلو فيه والاعتقاد بأنه فوق البشر، وهذا من الأمور التي نهى عنها الإسلام، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “لا تطروني كما أطرت النصارى ابن مريم، فإنما أنا عبد، فقولوا عبد الله ورسوله”.

– إن الاحتفال بمولد النبي صلى الله عليه وسلم قد يؤدي إلى الشرك به، وذلك من خلال تخصيص يوم مولده بالعبادات والطقوس الدينية، وهذا من الأمور التي حذر منها الإسلام، فقد قال الله تعالى: “فلا تدعوا مع الله أحداً”.

ثالثاً: الرد على أدلة الفريقين:

1. الرد على أدلة جواز التهنئة بمولد النبي:

– الأحاديث التي استدل بها الفريق الأول على جواز التهنئة بمولد النبي صلى الله عليه وسلم لا تدل صراحة على ذلك، بل هي عامة في التهنئة بقدوم أي شخص، ولا يمكن تخصيصها بمولد النبي صلى الله عليه وسلم.

– الأقوال والأفعال التي ذكرها الفريق الأول عن الصحابة والتابعين تدل على جواز التهنئة بمولد النبي صلى الله عليه وسلم، ولكنها ليست حجة قطعية، لأنها صادرة عن أفراد وليس عن الجماعة كلها.

2. الرد على أدلة منع التهنئة بمولد النبي:

– عدم وجود نص صريح في القرآن الكريم أو السنة النبوية يأمر بالاحتفال بمولد النبي صلى الله عليه وسلم أو يمدحه لا يعني أنه حرام، فالإسلام لم يأت بتفاصيل كل شيء، بل ترك للناس حرية التصرف في كثير من الأمور.

– الأقوال والأفعال التي ذكرها الفريق الثاني عن الصحابة والتابعين تدل على كراهية الاحتفال بمولد النبي صلى الله عليه وسلم، ولكنها ليست حجة قطعية، لأنها صادرة عن

أضف تعليق