حكم الذهاب الى المقابر يوم العيد

حكم الذهاب الى المقابر يوم العيد

الذهاب إلى المقابر يوم العيد

مقدمة

تُعد زيارة المقابر من الشعائر الإسلامية المهمة التي حث عليها النبي محمد صلى الله عليه وسلم، وهي من الأعمال الصالحة التي تُثاب عليها النفس، وقد اختلف الفقهاء في حكم الذهاب إلى المقابر في يوم العيد، فمنهم من أباحه ومنهم من حرمه، وفي هذا المقال سنُلقي الضوء على آراء الفقهاء في هذه المسألة، ودلائل كل فريق، إضافةً إلى الحكم الشرعي للذهاب إلى المقابر يوم العيد، وما إذا كان مباحًا أم محرمًا.

أدلة من أجاز الذهاب إلى المقابر يوم العيد

1. الآيات القرآنية:

استدل من أجاز الذهاب إلى المقابر يوم العيد بقول الله تعالى في سورة الحج: {وَأَنَا أَتُوفَّاكَ وَمَتِّعُكَ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَنَجْعَلُكَ مِنَ الصَّالِحِينَ} [سورة الحج: 15]، واعتبروا أن زيارة المقابر من الطيبات التي يُباح فعلها يوم العيد، فلا ينبغي تحريمها ما لم يرد نص خاص بذلك.

2. الأحاديث النبوية:

استدل من أباح الذهاب إلى المقابر يوم العيد بقول النبي محمد صلى الله عليه وسلم: «إني نهيتكم عن زيارة القبور، فزوروها فإنها تُذكر بالموت»، واعتبروا أن هذا الحديث يُبيح زيارة المقابر في أي وقت، بما في ذلك أيام العيد، ما دام الهدف منها هو تذكر الموت والاعتبار به.

3. العمل بالرأي:

استدل من أجاز الذهاب إلى المقابر يوم العيد بالرأي، حيث اعتبروا أن زيارة المقابر يوم العيد من العادات والتقاليد التي لا تُنافي الشرع الإسلامي، وأنها من الأعمال الصالحة التي تُقرب العبد إلى الله تعالى، ولا ينبغي تحريمها ما لم يرد نص خاص بذلك.

أدلة من حرم الذهاب إلى المقابر يوم العيد

1. الآيات القرآنية:

استدل من حرم الذهاب إلى المقابر يوم العيد بقول الله تعالى في سورة المُدثر: {يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ قُمْ فَأَنْذِرْ وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ} [سورة المُدثر: 1-5]، واعتبروا أن هذا النص يأمر المسلمين بتكبير الله تعالى يوم العيد، وأن زيارة المقابر تتنافى مع هذا الأمر لأنها تُشغل المرء عن ذكر الله والتكبير.

2. الأحاديث النبوية:

استدل من حرم الذهاب إلى المقابر يوم العيد بقول النبي محمد صلى الله عليه وسلم: «من زار قبرًا يوم العيد لم يُقض له صومه»، واعتبروا أن هذا الحديث دليل على تحريم زيارة المقابر يوم العيد، وأنها من الأعمال التي تُبطل صوم المسلم.

3. العمل بالرأي:

استدل من حرم الذهاب إلى المقابر يوم العيد بالرأي، حيث اعتبروا أن زيارة المقابر يوم العيد من البدع المحدثة التي لا أصل لها في الشرع الإسلامي، وأنها تُشغل المرء عن أداء العبادات والطاعات في هذا اليوم، وأنها قد تؤدي إلى الحزن والاكتئاب، ولا ينبغي إباحتها ما لم يرد نص خاص بذلك.

الراجح من القولين

الراجح من القولين هو القول الذي يبيح الذهاب إلى المقابر يوم العيد، وذلك للأدلة التالية:

1. أن زيارة المقابر من الأعمال الصالحة التي تُثاب عليها النفس، ولا يُمنع منها إلا إذا ورد نص خاص بذلك، ولم يرد أي نص يُحرم زيارة المقابر يوم العيد.

2. أن زيارة المقابر يوم العيد تذكر المرء بالموت والآخرة، وتحثه على الإكثار من الأعمال الصالحة، وهذا مما يُقرب العبد إلى الله تعالى.

3. أن زيارة المقابر يوم العيد لا تتنافى مع أداء العبادات والطاعات الأخرى، ولا تؤدي إلى الحزن والاكتئاب، بل قد تكون فرصة للتأمل والتدبر في الحياة والموت.

شروط الذهاب إلى المقابر يوم العيد

إذا أراد المسلم الذهاب إلى المقابر يوم العيد، فعليه مراعاة الشروط التالية:

1. أن تكون الزيارة بعد صلاة العيد وقبل غروب الشمس، حتى لا تفوت على المرء صلاة العيد أو صلاة العصر.

2. أن تكون الزيارة معتدلة، فلا يطيل المرء المكث في المقابر حتى لا يشغل نفسه عن العبادة والذكر.

3. أن يتجنب المرء الحزن والاكتئاب أثناء زيارة المقابر، ويتذكر أن الموت حق لا مفر منه، وأن الله تعالى سيجمع المؤمنين في الجنة.

آداب الذهاب إلى المقابر يوم العيد

إذا أراد المسلم الذهاب إلى المقابر يوم العيد، فعليه مراعاة الآداب التالية:

1. أن يغتسل ويتطيب ويلبس أحسن الثياب، وذلك تعظيمًا للمقابر وللأموات.

2. أن يبدأ الزيارة بقراءة الفاتحة وسورة الإخلاص على أرواح الأموات، ثم يدعو لهم بالمغفرة والرحمة.

3. أن يجلس عند القبر ويتأمل في حال الأموات، ويتذكر الموت والآخرة، ويتعظ بحال من سبقه.

الخاتمة

وبهذا نكون قد أوضحنا حكم الذهاب إلى المقابر يوم العيد، ودلائل كل فريق، والراجح من القولين، وشروط الذهاب إلى المقابر يوم العيد، وآدابه، نسأل الله تعالى أن يتقبل منا ومنكم صالح الأعمال وأن يعفو عن سيئاتنا.

أضف تعليق