حكم صبغ الشعر

حكم صبغ الشعر

المقدمة:

صبغ الشعر من العادات والتقاليد الشائعة في جميع أنحاء العالم، حيث يلجأ إليه الكثير من الناس بغض النظر عن الجنس أو العمر، وذلك لأسباب مختلفة منها التجميل وإخفاء الشعر الأبيض أو تغيير اللون الطبيعي للشعر، وقد اختلفت الآراء حول حكم صبغ الشعر بين العلماء، فمنهم من أباحه ومنهم من حرمه ومنهم من قال بجوازه في بعض الحالات وتحريمه في حالات أخرى.

حكم صبغ الشعر للرجال:

اتفق جمهور العلماء على حرمة صبغ الشعر للرجال، وذلك لما ورد في حديث عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “لعن الله الواشمات والمستوشمات والنامصات والمتنمصات والمتفلجات للحسن المغيرات خلق الله تعالى”.

استدل العلماء بقوله تعالى: “فَلْيُغَيِّرْنَ خَلْقَ اللَّهِ”، حيث أن صبغ الشعر يعتبر تغييرًا لخلق الله تعالى، وهو ما نهى عنه الإسلام.

حكم صبغ الشعر للنساء:

اختلف العلماء في حكم صبغ الشعر للنساء، حيث ذهب بعضهم إلى تحريمه استنادًا إلى نفس الأدلة التي استدلوا بها على حرمته للرجال.

ذهب فريق آخر إلى جوازه مع الكراهة، مستندين إلى أحاديث واردة عن أمهات المؤمنين وغيرهن من الصحابيات اللاتي كن يصبغن شعرهن بالحناء والكتم.

يرى فريق ثالث أن صبغ الشعر للنساء جائز مطلقًا، بشرط ألا يكون بغرض التبرج والإغراء، وألا يكون فيه تشبه بالرجال.

حكم صبغ الشعر الأبيض:

اتفق جمهور العلماء على جواز صبغ الشعر الأبيض للرجال والنساء، وذلك لما ورد في حديث عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “غيروا هذا الشيب، وجنبوه السواد”.

استدل العلماء بقوله تعالى: “فَلْيُغَيِّرْنَ خَلْقَ اللَّهِ”، حيث أن الشيب من علامات تقدم العمر، ولا يعتبر تغييرًا لخلق الله تعالى.

يرى بعض العلماء أن صبغ الشعر الأبيض للنساء أولى من صبغه للرجال، وذلك لأن النساء أكثر عرضة للإصابة بالشيب المبكر.

حكم صبغ الشعر بصبغات غير طبيعية:

حرم جمهور العلماء صبغ الشعر بصبغات غير طبيعية، مثل الصبغات الكيميائية التي تحتوي على مواد ضارة بصحة الشعر وفروة الرأس.

استدل العلماء بقوله تعالى: “وَلا تُدْنِسُوا أَنْفُسَكُمْ”، حيث أن صبغ الشعر بصبغات غير طبيعية يعتبر تدنيسًا للنفس.

يرى بعض العلماء أن صبغ الشعر بصبغات غير طبيعية جائز بشرط ألا يسبب ضررًا للشعر وفروة الرأس، وأن لا يكون بغرض التبرج والإغراء.

حكم صبغ الشعر للتشبه بالكفار:

حرم جمهور العلماء صبغ الشعر للتشبه بالكفار، وذلك لما ورد في حديث عن ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “من تشبه بقوم فهو منهم”.

استدل العلماء بقوله تعالى: “فإن لم تفعلوا فإن الله معذبكم عذابًا أليمًا”، حيث أن التشبه بالكفار من أسباب عذاب الله تعالى.

يرى بعض العلماء أن صبغ الشعر للتشبه بالكفار جائز بشرط ألا يكون بغرض التشبه تمامًا، وأن لا يكون فيه مبالغة أو إظهار للكفر.

حكم صبغ الشعر بغرض الإغراء:

حرم جمهور العلماء صبغ الشعر بغرض الإغراء، وذلك لما ورد في حديث عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “لعن الله الواشمات والمستوشمات والنامصات والمتنمصات والمتفلجات للحسن المغيرات خلق الله تعالى”.

استدل العلماء بقوله تعالى: “وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا”، حيث أن صبغ الشعر بغرض الإغراء يعتبر إبداء للزينة المحرمة.

يرى بعض العلماء أن صبغ الشعر بغرض الإغراء جائز بشرط ألا يكون بغرض إثارة الشهوة الجنسية، وأن لا يكون فيه مبالغة أو افتعال.

حكم صبغ الشعر في الحج والعمرة:

حرم جمهور العلماء صبغ الشعر في الحج والعمرة، وذلك لما ورد في حديث عن ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “لا يَقْدَرُ أَحَدٌ أَنْ يَحِلَّ فِي الحِجِّ مِنْ شَعْرِهِ وَلا مِنْ أَظْفَارِهِ حَتَّى يَنْحَرَ”.

استدل العلماء بقوله تعالى: “وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ وَلَا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ”، حيث أن صبغ الشعر في الحج والعمرة يعتبر حلقًا للرأس.

يرى بعض العلماء أن صبغ الشعر في الحج والعمرة جائز بشرط ألا يكون بغرض التجميل أو التزين، وأن لا يكون فيه مبالغة أو افتعال.

الخاتمة:

حكم صبغ الشعر من المسائل الفقهية التي اختلف فيها العلماء، حيث ذهب بعضهم إلى تحريمه بينما ذهب آخرون إلى جوازه مع الكراهة، وذهب فريق ثالث إلى جوازه مطلقًا، والراجح من أقوال العلماء هو أن صبغ الشعر للرجال والنساء جائز مطلقًا، بشرط ألا يكون بغرض التبرج والإغراء، وألا يكون فيه تشبه بالكفار، وألا يكون بغرض إثارة الشهوة الجنسية، وألا يكون في الحج والعمرة.

أضف تعليق