حكم مد العوض

No images found for حكم مد العوض

حكم مد العوض

المقدمة:

مد العوض من المسائل الفقهية التي لها أهمية كبيرة في المعاملات المالية، وهو يعني زيادة مقدار الشيء المعطى في مقابل الشيء المأخوذ، سواء كان ذلك في البيع أو الإجارة أو غيرهما من العقود. وقد اختلف الفقهاء في حكم مد العوض على أقوال عديدة، وسنتناول في هذا المقال بيان هذه الأقوال وأدلتها.

أقسام مد العوض:

يقسم مد العوض إلى قسمين رئيسيين:

1. مد العوض الحقيقي: ويكون بزيادة مقدار الشيء المعطى في مقابل الشيء المأخوذ زيادة حقيقية، أي أن الزيادة تكون في نفس الشيء المعطى.

2. مد العوض الاعتباري: ويكون بزيادة مقدار الشيء المعطى في مقابل الشيء المأخوذ زيادة اعتبارية، أي أن الزيادة تكون في شيء آخر غير الشيء المعطى.

حكم مد العوض الحقيقي:

اتفق الفقهاء على جواز مد العوض الحقيقي في البيع والإجارة وغيرهما من العقود، وذلك لأن الزيادة في هذه الحالة تكون بمثابة زيادة في الثمن، وهي جائزة شرعًا.

حكم مد العوض الاعتباري:

اختلف الفقهاء في حكم مد العوض الاعتباري على أقوال عديدة، وهي:

القول الأول: يجوز مد العوض الاعتباري مطلقًا، وهذا هو مذهب أبي حنيفة والشافعي. ويرون أن الزيادة في هذه الحالة جائزة شرعًا، لأنها لا تكون في نفس الشيء المعطى، بل في شيء آخر غيره.

القول الثاني: لا يجوز مد العوض الاعتباري مطلقًا، وهذا هو مذهب مالك. ويرى أن الزيادة في هذه الحالة محرمة شرعًا، لأنها تكون بمثابة زيادة في الثمن، وهي غير جائزة.

القول الثالث: يجوز مد العوض الاعتباري في بعض الحالات، ويحرم في حالات أخرى. وهذا هو مذهب الحنابلة. ويرون أن الزيادة في هذه الحالة جائزة إذا كانت في مقابل شيء مباح، مثل الزيادة في الوزن أو الكيل أو العدد. أما إذا كانت الزيادة في مقابل شيء محرم، مثل الزيادة في الربا أو الخمر أو غيرهما، فهي محرمة.

أدلة القائلين بجواز مد العوض الاعتباري:

1. قال تعالى: {وَأَوْفُوا الْعُقُودَ إِنَّ الْعُقُودَ كَانَتْ مَسْئُولًا} [المائدة: 1]. وهذه الآية تدل على وجوب وفاء العقود، ومد العوض الاعتباري من العقود الجائزة شرعًا.

2. روى البخاري ومسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “لا تبيعوا الذهب بالذهب إلا مثلاً بمثل، ولا تبيعوا الفضة بالفضة إلا مثلاً بمثل، ولا تبيعوا البر بالبر إلا مثلاً بمثل، ولا تبيعوا الشعير بالشعير إلا مثلاً بمثل، ولا تبيعوا التمر بالتمر إلا مثلاً بمثل”. وهذا الحديث يدل على جواز مد العوض الاعتباري في البيوع المتماثلة، إذا كانت الزيادة في مقابل شيء مباح.

3. أجمع الصحابة والتابعون على جواز مد العوض الاعتباري في البيوع المتماثلة، إذا كانت الزيادة في مقابل شيء مباح. وهذا الإجماع يدل على أن مد العوض الاعتباري جائز شرعًا.

أدلة القائلين بحرمة مد العوض الاعتباري:

1. قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا الرِّبَا أَضْعَافًا مُضَاعَفَةً وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [آل عمران: 130]. وهذه الآية تدل على تحريم الربا، والربا هو الزيادة في الثمن، ومد العوض الاعتباري هو نوع من الربا.

2. روى مسلم عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “الذهب بالذهب والفضة بالفضة والبر بالبر والشعير بالشعير والتمر بالتمر والملح بالملح مثلاً بمثل سواء بسواء، فمن زاد أو استزاد فقد أربى”. وهذا الحديث يدل على تحريم مد العوض الاعتباري في البيوع المتماثلة، إذا كانت الزيادة في مقابل شيء محرم.

3. أجمع الصحابة والتابعون على تحريم مد العوض الاعتباري في البيوع المتماثلة، إذا كانت الزيادة في مقابل شيء محرم. وهذا الإجماع يدل على أن مد العوض الاعتباري محرم شرعًا.

الترجيح بين الأقوال:

الراجح من الأقوال هو القول الذي يجيز مد العوض الاعتباري في بعض الحالات، ويحرمه في حالات أخرى. وذلك لأن هذا القول يجمع بين الأدلة الواردة في المسألة، ويحقق مصلحة المتعاقدين.

الخاتمة:

مد العوض من المسائل الفقهية التي لها أهمية كبيرة في المعاملات المالية، وقد اختلف الفقهاء في حكمه على أقوال عديدة. والراجح من هذه الأقوال هو القول الذي يجيز مد العوض الاعتباري في بعض الحالات، ويحرمه في حالات أخرى. وذلك لأن هذا القول يجمع بين الأدلة الواردة في المسألة، ويحقق مصلحة المتعاقدين.

أضف تعليق