خطبة عن أصحاب الأعراف

خطبة عن أصحاب الأعراف

خطبة عن أصحاب الأعراف

المقدمة:

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

عباد الله، إننا اليوم نتحدث عن أصحاب الأعراف، وهم قوم وقفوا على حافة الجنة والنار، ولم يدخلوا في أي منهما، فما قصتهم؟ وما سبب وقوفهم على الأعراف؟ وما مصيرهم؟ هذا ما سنعرفه إن شاء الله تعالى في هذه الخطبة.

أولاً: من هم أصحاب الأعراف؟

أصحاب الأعراف هم قوم ذكرهم الله تعالى في سورة الأعراف، قال تعالى: {وعلى الأعراف رجال يعرفون كلًّا بسيماهم وناداهم أصحاب الجنّة أن سلام عليكم لم يدخلوها وهم يطمعون. وحين صرّفوا أبصارهم تلقاء أصحاب النّار قالوا ربّنا لا تجعلنا مع القوم الظّالمين. ونادى أصحاب الأعراف رجالاً يعرفونهم بسيماهم قالوا ما أغنى عنكم جمعكم وما كنتم تستكبرون. أهؤلاء الذين أقسمتم لا ينالهم الله برحمة ادخلوا الجنّة لا خوف عليكم ولا أنتم تحزنون} (الأعراف: 46-49).

فأصحاب الأعراف هم قوم عرفوا الله تعالى وعبدوه، ولكنهم لم يصلوا إلى درجة أهل الجنة، ولم يهبطوا إلى مرتبة أهل النار، فكانوا في منزلة بين المنزلتين، وقفوا على حافة الجنة والنار، ينظرون إلى أهل الجنة ونعيمهم، وينظرون إلى أهل النار وعذابهم، ويتمنون دخول الجنة، ويخافون من دخول النار.

ثانيًا: صفات أصحاب الأعراف:

وقد ذكر أهل العلم أن أصحاب الأعراف لهم صفات مشتركة، منها:

– العلم: فقد كانوا عالمين بالله تعالى وأسمائه وصفاته، وعالمين بأنبيائه ورسله، وعالمين باليوم الآخر.

– العمل: وقد عملوا الصالحات، ولكن أعمالهم لم تبلغ مرتبة أهل الجنة، ولم تصل إلى درجة أهل النار.

– الرجاء: وقد كانوا راجين لرحمة الله تعالى، ومتطلعين إلى دخول الجنة.

– الخوف: وقد كانوا خائفين من عذاب الله تعالى، ومتوجسين من دخول النار.

ثالثًا: سبب وقوف أصحاب الأعراف على الأعراف:

والسبب في وقوف أصحاب الأعراف على الأعراف هو أنهم لم يكونوا مخلصين في عبادتهم لله تعالى، فقد كانوا يعبدون الله تعالى خوفًا من عقابه، أو طمعًا في ثوابه، ولم يعبدوه تعالى من أجل محبته وشكره.

يقول ابن كثير رحمه الله: “وقوفهم على الأعراف هو من عدل الله تعالى وقسطه، حيث لم يعذبهم بعذاب أهل النار، ولم يثبهم بثواب أهل الجنة، وإنما جعل لهم منزلة بين المنزلتين، جزاء لهم على أعمالهم التي لم تكن خالصة لله تعالى”.

رابعًا: مصير أصحاب الأعراف:

وقد اختلف أهل العلم في مصير أصحاب الأعراف، فمنهم من قال إنهم سيبقون على الأعراف إلى الأبد، لا يدخلون الجنة ولا النار.

ومنهم من قال إنهم سيشفع لهم النبي صلى الله عليه وسلم، فيدخلون الجنة بعد أن يتطهرون من ذنوبهم.

ومنهم من قال إنهم سيدخلون الجنة برحمة الله تعالى، دون أن يشفع لهم أحد.

والراجح عند أهل العلم أن أصحاب الأعراف سيدخلون الجنة برحمة الله تعالى، بعد أن يتطهرون من ذنوبهم، فقد قال تعالى: {ادخلوا الجنّة لا خوف عليكم ولا أنتم تحزنون} (الأعراف: 49).

خامسًا: العبرة من قصة أصحاب الأعراف:

والعبرة من قصة أصحاب الأعراف كبيرة، وهي أن الإخلاص في العبادة لله تعالى هو أساس النجاة، وأن من عبد الله تعالى خوفًا من عقابه، أو طمعًا في ثوابه، فإنه لن ينال إلا ما كتبه الله تعالى له من ثواب، وقد يحرم من دخول الجنة.

أما من عبد الله تعالى من أجل محبته وشكره، فإن الله تعالى سيثيبه جزاءً وافرًا، وسيدخله الجنة برحمته تعالى.

سادسًا: كيف نكون مخلصين في عبادتنا لله تعالى؟

ولكي نكون مخلصين في عبادتنا لله تعالى، علينا أن نفعل الآتي:

– أن نعرف الله تعالى حق معرفته: وذلك من خلال دراسة أسمائه وصفاته، ودراسة صفاته وأفعاله.

– أن نحب الله تعالى من كل قلوبنا: وذلك من خلال التأمل في نعمه علينا، والتأمل في عظمته وجلاله.

– أن نخاف الله تعالى حق خشيته: وذلك من خلال التأمل في عذابه، والتأمل في قدرته على كل شيء.

– أن نشكر الله تعالى على نعمه: وذلك من خلال أداء العبادات المفروضة والنوافل، ومن خلال الدعاء لله تعالى والثناء عليه.

سابعًا: الخاتمة:

عباد الله، إن قصة أصحاب الأعراف عبرة لنا جميعًا، فنسأل الله تعالى أن يجعلنا من المخلصين في عبادتنا له، وأن يدخلنا الجنة برحمته تعالى.

وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

أضف تعليق