خطبة عن حرمة الدماء المعصومة

خطبة عن حرمة الدماء المعصومة

المقدمة

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. أما بعد، فإن حرمة الدماء المعصومة من أعظم المحرمات في الإسلام، وقد شدد الله تعالى ورسوله على حرمتها، وجعلها من الكبائر التي لا تغفر إلا بتوبة نصوح.

أولاً: حرمة الدماء في الإسلام

1. قال الله تعالى في كتابه العزيز: {وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُّتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا} [النساء: 93].

2. وقال الرسول صلى الله عليه وسلم: “من قتل نفسًا معاهدة بغير حق، حرم الله عليه الجنة، وريحها وإن كانت من مسيرة ألف عام” [البخاري].

3. وقال أيضًا: “لا يزال المرء في فسحة من دينه ما لم يصب دمًا حرامًا” [البخاري].

ثانيًا: عقوبة قتل النفس المعصومة

1. إن عقوبة قتل النفس المعصومة هي القصاص، حيث قال الله تعالى: {وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} [البقرة: 179].

2. والقصاص هو أن يقتل القاتل كما قتل، وذلك ليكون عبرة لغيره ويردعه عن ارتكاب مثل هذه الجريمة.

3. وإذا عفا أهل الدم عن القاتل، فلا يسقط القصاص، ولكن يعاقب القاتل تعزيرًا، وذلك ليكون عبرة لغيره ويردعه عن ارتكاب مثل هذه الجريمة.

ثالثًا: أسباب حرمة الدماء المعصومة

1. إن حرمة الدماء المعصومة نابعة من كون الإنسان مخلوقًا على صورة الله تعالى، كما قال الله تعالى: {وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً} [الإسراء: 70].

2. ولأن كل نفس لها حرمتها وقدسيتها، كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم: “لا يحل دم امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث: رجل زنى بعد إحصانه، ورجل قتل نفسًا بغير حق، ورجل خرج عن الإسلام مرتدًا” [البخاري].

3. ولأن قتل النفس المعصومة يؤدي إلى الفوضى والاقتتال وإراقة الدماء، كما قال الله تعالى: {وَإِن طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِن بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِن فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ} [الحجرات: 9].

رابعًا: حرمة قتل النفس المعصومة في الحرب

1. إن قتل النفس المعصومة في الحرب حرام أيضًا، إلا إذا كان ذلك ضرورة حتمية لإنقاذ الأرواح الأخرى أو لدفع خطر محقق.

2. وقد قال الرسول صلى الله عليه وسلم: “إذا التقيتم عدوكم من المشركين، فانضحوهم بالنبل، فإن أصابت منهم أحدًا، فلا تقربوه حتى يموت أو يقتل” [أبو داود].

3. وقال أيضًا: “لا تقتلوا امرأة ولا طفلًا ولا شيخًا كبيرًا ولا مريضًا ولا عاملاً في أرضه” [أبو داود].

خامسًا: حرمة قتل النفس المعصومة في الفتنة والاضطرابات

1. إن قتل النفس المعصومة في الفتنة والاضطرابات حرام أيضًا، وذلك لأن الفتنة والاضطرابات تؤدي إلى الفوضى وإراقة الدماء.

2. وقد قال الرسول صلى الله عليه وسلم: “إذا رأيتم الرايات السود، فانصرفوا عنها، فإنها فتنة لا ينجو منها أحد إلا من ذكر الله عز وجل” [أحمد].

3. وقال أيضًا: “لا يقتل مسلم مسلمًا في فتنة إلا كانا جميعًا في النار” [البخاري].

سادسًا: حرمة قتل النفس المعصومة في الخصومات الشخصية

1. إن قتل النفس المعصومة في الخصومات الشخصية حرام أيضًا، وذلك لأن الخصومات الشخصية لا تبرر قتل النفس المعصومة.

2. وقد قال الرسول صلى الله عليه وسلم: “من قتل مؤمنًا بغير حق، حرم الله عليه الجنة، وريحها وإن كانت من مسيرة ألف عام” [البخاري].

3. وقال أيضًا: “لا يزال المرء في فسحة من دينه ما لم يصب دمًا حرامًا” [البخاري].

سابعًا: حرمة قتل النفس المعصومة في الجرائم المنظمة

1. إن قتل النفس المعصومة في الجرائم المنظمة حرام أيضًا، وذلك لأن الجرائم المنظمة تؤدي إلى الفوضى وإراقة الدماء.

2. وقد قال الرسول صلى الله عليه وسلم: “من قتل نفسًا بغير حق، فقد كفر بالله العظيم” [البخاري].

3. وقال أيضًا: “لا يقتل مسلم مسلمًا في فتنة إلا كانا جميعًا في النار” [البخاري].

الخاتمة

إن حرمة الدماء المعصومة من أعظم المحرمات في الإسلام، وقد شدد الله تعالى ورسوله على حرمتها، وجعلها من الكبائر التي لا تغفر إلا بتوبة نصوح. ومن قتل نفسًا معاهدة بغير حق، حرم الله عليه الجنة، وريحها وإن كانت من مسيرة ألف عام.

أضف تعليق