خطبة عن محاسبة النفس في نهاية العام

خطبة عن محاسبة النفس في نهاية العام

الخطبة: محاسبة النفس في نهاية العام

المقدمة:

الحمد لله الذي جعلنا من المسلمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فإن مما ينبغي للمسلم أن يحاسب نفسه في نهاية كل عام، لينظر فيما قدم وما أخّر، وما عمل وما ترك، حتى يتوب إلى الله تعالى مما فرط فيه، ويستمر في فعل ما وفّقه الله تعالى إليه، فالمحاسبة هي الميزان الذي يزن به المرء أفعاله وأقواله، وهي السبيل إلى معرفة النفس وتصحيح مسارها.

الحقيقة الأولى: أهمية محاسبة النفس

إن محاسبة النفس هي ركن أساسي في حياة المسلم، فهي تساعده على معرفة نفسه وتصحيح مسارها، كما أنها تجعله أكثر تقوى لله تعالى وأكثر حرصًا على طاعته، كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا، وزنوا أعمالكم قبل أن توزن عليكم”.

الحقيقة الثانية: خطوات محاسبة النفس

للمحاسبة خطوات يجب أن يتبعها المرء حتى تكون محاسبة صحيحة، ومن هذه الخطوات:

1- الوقوف مع النفس: ويقصد به أن يتوقف المرء عن أعماله وأقواله، وينظر في نفسه بحق ونزاهة، ويتأمل ما فعله وما تركه.

2- تقييم الأعمال: بعد أن يقف المرء مع نفسه، ينتقل إلى تقييم أعماله وأقواله، فيزنها بميزان الشرع، وينظر فيما وافق الشرع وما خالفه.

3- محاسبة النفس: بعد أن يقيم المرء أعماله وأقواله، يحاسب نفسه على ما فرط فيه من طاعة الله تعالى، وما اقترفه من ذنوب ومعاصي.

4- التوبة والاستغفار: بعد أن يحاسب المرء نفسه، عليه أن يتوب إلى الله تعالى مما فرط فيه، ويستغفره على ما اقترفه من ذنوب ومعاصي، ويجدد العهد مع الله تعالى على طاعته.

5- العزم على الإصلاح: بعد أن يتوب المرء إلى الله تعالى، عليه أن يعزم على إصلاح نفسه وتصحيح مسارها، وأن يبدأ صفحة جديدة في حياته، تكون فيها الطاعة لله تعالى هي الغاية والهدف.

الحقيقة الثالثة: محاسبة النفس في نهاية العام

إن محاسبة النفس في نهاية العام لها أهمية خاصة، لأنها فرصة للمرء أن يقف مع نفسه ويتأمل ما فعله وما تركه طوال العام، ويتوب إلى الله تعالى مما فرط فيه، ويجدد العهد معه على طاعته، كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “لا يزال العبد بخير ما حاسب نفسه، وعمل لما بعد الموت، ومن كانت الآخرة همه جعل الله غناه في قلبه، وجمع له شمله، وأتته الدنيا وهي راغمة، ومن كانت الدنيا همه فرّق عليه شتاته، وجعل فقره بين عينيه، ولم يأته من الدنيا إلا ما قُسِم له”.

الحقيقة الرابعة: فوائد محاسبة النفس

لمحاسبة النفس فوائد كثيرة، منها:

1- معرفة النفس: تساعد المحاسبة المرء على معرفة نفسه ومعرفة نقاط قوته وضعفه، حتى يتمكن من تطوير نقاط قوته ومعالجة نقاط ضعفه.

2- تقوى الله تعالى: تزيد المحاسبة من تقوى المرء لله تعالى، لأنها تجعله يقف مع نفسه ويتأمل ما فعله وما تركه، مما يجعله أكثر حذرًا في أفعاله وأقواله.

3- تجديد العهد مع الله تعالى: تجدد المحاسبة عهد المرء مع الله تعالى، لأنها تجعله يتوب إلى الله تعالى مما فرط فيه، ويجدد العهد معه على طاعته.

4- زيادة الإيمان: تزيد المحاسبة من إيمان المرء، لأنها تجعله يتأمل قدرة الله تعالى وعدله، مما يزيد من إيمانه بالله تعالى.

5- دخول الجنة: إن المحاسبة سبب من أسباب دخول الجنة، كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “من حاسب نفسه دخل الجنة”.

الحقيقة الخامسة: عقوبة من لا يحاسب نفسه

إن من لا يحاسب نفسه يعرض نفسه للعديد من العقوبات، منها:

1- غضب الله تعالى: إن من لا يحاسب نفسه يغضب الله تعالى عليه، كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “من لم يحاسب نفسه اليوم حُوسِب غدًا”.

2- دخول النار: إن من لا يحاسب نفسه يعرض نفسه لدخول النار، كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “من مات ولم يحاسب نفسه مات ميتة جاهلية”.

3- الحرمان من شفاعة رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن من لم يحاسب نفسه يحرم من شفاعة رسول الله صلى الله عليه وسلم، كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “لا يشفعني من أمتي من لقي الله وله درهمان”.

الحقيقة السادسة: وسائل محاسبة النفس

هناك العديد من الوسائل التي يمكن للمرء أن يحاسب بها نفسه، منها:

1- قراءة القرآن الكريم: إن قراءة القرآن الكريم من أفضل وسائل محاسبة النفس، لأنها تذكر المرء بالله تعالى وتحثه على طاعته.

2- ذكر الله تعالى: إن ذكر الله تعالى من أفضل وسائل محاسبة النفس، لأنها تجعل المرء يشعر بمحاسبة الله تعالى له، مما يجعله أكثر حذرًا في أفعاله وأقواله.

3- الصيام: إن الصيام من أفضل وسائل محاسبة النفس، لأنه يجعل المرء يشعر بالجوع والعطش، مما يجعله يتذكر آخرة ويشعر بمحاسبة الله تعالى له.

4- الحج والعمرة: إن الحج والعمرة من أفضل وسائل محاسبة النفس، لأنهما يجعلان المرء يقف مع نفسه ويتأمل قدرة الله تعالى وعدله، مما يزيد من إيمانه بالله تعالى.

5- الاعتكاف: إن الاعتكاف من أفضل وسائل محاسبة النفس، لأنه يجعل المرء ينقطع عن الدنيا ويتفرغ لعبادة الله تعالى، مما يزيد من تقواه لله تعالى.

الحقيقة السابعة: خاتمة

ختامًا، فإن محاسبة النفس هي ركن أساسي في حياة المسلم، وهي السبيل إلى معرفة النفس وتصحيح مسارها، وهي سبب من أسباب دخول الجنة، وهي سبب من أسباب النجاة من النار، وهي سبب من أسباب حصول شفاعة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فنسأل الله تعالى أن يرزقنا محاسبة أنفسنا وأن يتوب علينا ويغفر لنا ذنوبنا.

أضف تعليق