دعاء على شخص
مقدمة:
الدعاء هو من أعظم العبادات التي يتقرب بها العبد إلى ربه، وهو سلاح المؤمن الذي لا يغلب، وقد أمرنا الله -تعالى- بالدعاء في مواضع كثيرة من القرآن الكريم، فقال: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ} [البقرة: 186].
والدعاء على الظالمين والمفسدين جائز شرعاً، بل قد يكون واجباً في بعض الأحيان، وذلك لأن الدعاء عليهم هو وسيلة من وسائل رد عدوانهم وإبطال مكرهم، وقد ورد في السنة النبوية أحاديث كثيرة تحث على الدعاء على الظالمين والمفسدين، ومن ذلك ما رواه مسلم في صحيحه عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: “من ظلم شيئاً من عرض أخيه المسلم أو شيئاً من ماله، فليحله منه اليوم قبل أن لا يكون دينار ولا درهم، إن كان له عمل صالح أخِذ منه بقدر مظلمته، وإن لم يكن له عمل صالح أُخِذ من سيئات صاحبه، فحمل عليه”.
أنواع الدعاء على شخص:
1. الدعاء عليه بالهداية والرشاد:
وهذا من أفضل أنواع الدعاء على الظالم، لأنه يدل على رحمة الداعي بمن ظلمه ورغبته في هدايته وإصلاحه، ومن ذلك ما رواه البخاري في صحيحه عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: “اللهم اهدِ قومي فإنهم لا يعلمون”.
2. الدعاء عليه بالخسران والضياع:
وهذا النوع من الدعاء يدل على غضب الداعي على من ظلمه ورغبته في زوال نعمته وهلاك ماله، ومن ذلك ما رواه مسلم في صحيحه عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: “اللهم خذهم أخذ عزيز مقتدر”.
3. الدعاء عليه بالذل والهوان:
وهذا النوع من الدعاء يدل على رغبة الداعي في أن يذل الله الظالم ويجعله عبرة لغيره، ومن ذلك ما رواه أبو داود في سننه عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: “اللهم ذلِّ من ظلمني”.
4. الدعاء عليه بالانتقام والإهلاك:
وهذا النوع من الدعاء يدل على شدة غضب الداعي على من ظلمه ورغبته في أن ينتقم الله منه ويُهلكه، ومن ذلك ما رواه أحمد في مسنده عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: “اللهم انتقم من فلان”.
5. الدعاء عليه باللعنة والسخط:
وهذا النوع من الدعاء يدل على شدة غضب الداعي على من ظلمه ورغبته في أن يلعنه الله ويُسخط عليه، ومن ذلك ما رواه البخاري في صحيحه عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: “لعن الله من ظلم أجيراً أجره”.
6. الدعاء عليه بالعذاب والنكال:
وهذا النوع من الدعاء يدل على شدة غضب الداعي على من ظلمه ورغبته في أن يعذبه الله وينكل به، ومن ذلك ما رواه مسلم في صحيحه عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: “اللهم عذب فلاناً عذاباً نكيراً”.
7. الدعاء عليه بالخزي والفضيحة:
وهذا النوع من الدعاء يدل على رغبة الداعي في أن يُخزي الله الظالم ويُظهر عيوبه وذنوبه للناس، ومن ذلك ما رواه الترمذي في سننه عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: “اللهم خزِ فلاناً”.
آداب الدعاء على شخص:
1. الإخلاص لله تعالى:
أن يكون الداعي مخلصاً في دعائه لله وحده، ولا يقصد به غيره، ولا يبتغي منه إلا وجهه الكريم.
2. اليقين بالإجابة:
أن يكون الداعي على يقين بأن الله تعالى سيستجيب دعاءه، وأن ما دعاه به سيقع على من دعا عليه، وهذا اليقين من أهم أسباب استجابة الدعاء.
3. الدعاء في أوقات الإجابة:
أن يدعو الداعي على الظالم في أوقات الإجابة، مثل الثلث الأخير من الليل، ويوم الجمعة، وعند نزول المطر، وعند أذان الفجر.
4. الدعاء في أماكن الإجابة:
أن يدعو الداعي على الظالم في أماكن الإجابة، مثل المسجد الحرام، والمسجد النبوي، وعرفة، ومزدلفة، ومنى.
5. رفع اليدين في الدعاء:
أن يرفع الداعي يديه إلى السماء عند الدعاء، وهذا من السنة النبوية، وقد ورد في الحديث أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يرفع يديه إلى السماء عند الدعاء.
6. الدعاء بصوت خفيض:
أن يكون الداعي على الظالم داعياً بصوت خفيض، وهذا من الأدب مع الله تعالى، وقد ورد في الحديث أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يدعو بصوت خفيض.
7. الدعاء بإلحاح وتضرع:
أن يدعو الداعي على الظالم بإلحاح وتضرع، وهذا من أعظم أسباب استجابة الدعاء، وقد ورد في الحديث أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: “الدعاء هو العبادة”.
شروط الدعاء على شخص:
1. أن يكون الداعي مظلوماً:
لا يجوز الدعاء على الظالم إلا إذا كان الداعي مظلوماً، أما إذا كان ظالماً فلا يجوز له أن يدعو على غيره، لأن الظالم لا يظلم إلا نفسه.
2. أن يكون الدعاء في حقه:
أن يكون الدعاء على الظالم في حقه، أي أن يكون قد ظلم الداعي ظلماً بيّناً، أما إذا كانت مظلمته صغيرة أو لا تذكر فلا يجوز الدعاء عليه.
3. أن يكون الدعاء بالدعاء عليه فقط:
لا يجوز الدعاء على الظالم باللعن أو السب أو الشتم، لأن هذا من الكبائر، وإنما يجوز الدعاء عليه فقط، أي أن يدعو الداعي عليه بأن يهديه الله ويرشده، أو أن يدعو عليه بأن يرد الله ظلمه عليه، أو أن يدعو عليه بأن يُهلكه الله ونحو ذلك.
فوائد الدعاء على شخص:
1. إظهار مظلومية الداعي:
يُظهر الدعاء على الظالم مظلومية الداعي، ويُبين مدى الظلم الذي وقع عليه، وهذا من شأنه أن يردع الظالمين عن ظلم الناس.
2. استجابة الدعاء:
إذا دعا الداعي على الظالم بقلب خالص وصادق، فإن الله تعالى سيستجيب دعاءه، وهذا من شأنه أن يرد الظلم عن الداعي وينتقم له من الظالم.
3. راحة النفس:
يُساعد الدعاء على الظالم على راحة النفس، وتخفيف الألم الذي يشعر به الداعي بسبب ظلمه، وهذا من شأنه أن يُساعد الداعي على المضي قدماً في حياته.
خاتمة:
الدعاء على الظالمين جائز شرعاً، بل قد يكون واجباً في بعض الأحيان، وذلك لأن الدعاء عليهم هو وسيلة من وسائل رد عدوانهم وإبطال مكرهم، ويجب مراعاة الآداب والشروط الخاصة بالدعاء عليه، ومن أهمها أن يكون الداعي مظلوماً، وأن يكون الدعاء في حقه، وأن يكون الدعاء بالدعاء عليه فقط، والأهم من ذلك أن تكون نية الداعي صادقة وأن يكون راجيًا الإجابة.