رسائل خلف الوعد
مقدمة:
وعد الله لعباده-وإن كان الله لا يعد إلا بالحق-ووعيده في حال خرق ما وعد هي من الحتمية، وجعل الله وعوده وأوامره وقوانينه للكون والأرض حقًا على نفسه، وعند خرق ما وعد به يكون الله قد أخل بحقه على نفسه، وهذا مستحيل. ولا يمكن أن يحدث هذا.
1. الوعد والوعيد في الإسلام:
الوعد والوعيد هما من أهم مفاهيم العقيدة الإسلامية، وقد ورد ذكرهما في القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة في مواضع عديدة، ويعدان من أهم أسس التشريع الإسلامي.
الوعد هو ما وعد الله به عباده من ثواب وجزاء على الأعمال الصالحة التي يقومون بها، والوعيد هو ما حذر الله عباده منه من عقاب وعذاب على الأعمال السيئة التي يرتكبونها.
الوعد والوعيد هما من الأمور التي تحفز المسلم على العمل الصالح وتمنعه عن ارتكاب المعاصي، وقد جاء في الحديث النبوي الشريف: (من عمل صالحًا فله عشر أمثاله، ومن عمل سيئًا فلا يجزى إلا مثله).
2. أنواع الوعد والوعيد:
ينقسم الوعد والوعيد إلى قسمين: مطلق ومقيد.
الوعد المطلق هو الذي لا يشترط فيه شيء، مثل وعد الله لعباده بالجنة إذا عملوا الصالحات، والوعيد المطلق هو الذي لا يشترط فيه شيء، مثل وعيد الله لعباده بالنار إذا ارتكبوا المعاصي.
الوعد المقيد هو الذي يشترط فيه شيء، مثل وعد الله لعباده بالجنة إذا تابوا عن ذنوبهم، والوعيد المقيد هو الذي يشترط فيه شيء، مثل وعيد الله لعباده بالنار إذا ماتوا على الكفر.
3. شروط الوعد والوعيد:
يشترط لصحة الوعد والوعيد أن يكونا صادقيْن، وأن يكونا محددين، وأن يكونا ممكنين.
الصدق يعني أن الوعد والوعيد يجب أن يكونا مطابقين للواقع، ولا يجوز أن يكونا كاذبين أو مضللين.
التحديد يعني أن الوعد والوعيد يجب أن يكونا محددين في زمانهما ومكانهما وكيفيتهما، ولا يجوز أن يكونا عامين أو غامضين.
الإمكان يعني أن الوعد والوعيد يجب أن يكونا ممكنين التحقيق، ولا يجوز أن يكونا مستحيلين أو غير واقعيين.
4. من خلف الوعد:
تكثر حالات خلف الوعد لدى الناس، ولا يحدث خلف الوعد إلا في حالة واحدة وهي أن يكون الوعد أو العهد قد تم بطريقة فاسدة منذ البداية، مثل أن يقوم شخص ما بالإكراه والتهديد على قبول الوعد والالتزام به، وبالتالي يخلف الوعد، وهذا الوعد باطل أساسا منذ البداية.
5. خلف الوعد في القرآن:
وقد حذر القرآن الكريم خلف الوعد في سور عديدة من أهمها سورة آل عمران وسورة النحل، ومن الآيات الكريمة التي تناولت خلف الوعد في القرآن قوله تعالى: {وَأَوْفُواْ بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْؤُولاً} (الإسراء: 34).
ومنها: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ} (المائدة: 1).
ومنها: {وَأَوْفُواْ بِعَهْدِ اللَّهِ إِذَا عَاهَدْتُمْ وَلاَ تَنْقُضُواْ الأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا وَقَدْ جَعَلْتُمُ اللَّهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلاً إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ} (النحل: 91).
6. خلف الوعد في السنة النبوية:
في السنة النبوية أحاديث كثيرة تحذر من خلف الوعد وتحث على الوفاء به، ومنها حديث النبي صلى الله عليه وسلم: (آية المنافق ثلاث: إذا حدث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا ائتمن خان).
ومنها: (خمس من جاء بهن جاء يوم القيامة مكتوب بين عينيه مؤمن: من وفى بعهده، ومن أدى الأمانة، ومن صام رمضان إيمانًا واحتسابًا، ومن أحل حلالًا أو حرم حرامًا لوجه الله تعالى).
ومنها: (أربع من كن فيه كان منافقًا حقًا: من إذا حدث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا عاهد غدر، وإذا خاصم فجر).
7. عقوبة خلف الوعد:
جاء في الحديث النبوي الشريف: (من أخلف وعده أخلف الله وعده).
كما جاء عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنه قال: (من خلف الوعد حرم الرشد).
وعقوبة خلف الوعد في الآخرة عظيمة، فقد جاء في الحديث النبوي الشريف: (أشد الناس عذابًا يوم القيامة من خلف الناس وعده).
خاتمة:
وختامًا، فإن الوفاء بالوعد من أهم الفضائل الأخلاقية التي يجب أن يتحلى بها المسلم، وقد حث الإسلام على الوفاء بالوعد وذم خلفه، ووعد الوفين بالوعد بالجنة، وحذر الخالفين بالوعد من النار.