صحة حديث اللهم انك عفو كريم تحب العفو فاعف عنا

صحة حديث اللهم انك عفو كريم تحب العفو فاعف عنا

المقدمة

إنّ صحة الأحاديث النبوية الشريفة من أهم الأمور التي يجب على المسلمين الاهتمام بها؛ وذلك لما لها من أثر عظيم في هديهم وسلوكهم وعباداتهم، ولما لها من مكانة عظيمة في التشريع الإسلامي، ولما لها من دور كبير في فهم نصوص القرآن الكريم وتفسيرها، ولما لها من أهمية بالغة في إثبات العقائد الإسلامية وتأكيدها، ولما لها من فائدة كبيرة في الرد على الشبهات والبدع والضلالات.

ومن الأحاديث النبوية الشريفة التي انتشر تداولها بين المسلمين حديث “اللّهم إنك عفو كريم تحب العفو فاعف عنا”، وقد اختلف العلماء في صحة هذا الحديث، فمنهم من صححه ومنهم من ضعفه، وفي هذا المقال سوف نتناول بالتفصيل صحة هذا الحديث ودلائل صحته وضعفه، وسوف نذكر أقوال العلماء فيه، وسوف نبين حكم العمل به.

أقسام الحديث

ينقسم الحديث النبوي الشريف إلى ثلاثة أقسام رئيسية:

الصحيح: وهو الحديث الذي اتصل سنده بنقل الثقات عدول الضابطين عن مثلهم إلى منتهاه، ولم يشذ عنهم، ولم يعلل، وكان متنه بريئًا من النكارة والشذوذ.

الحسن: وهو الحديث الذي اتصل سنده بنقل الثقات عدول الضابطين عن مثلهم إلى منتهاه، إلا أنه انفرد به ثقة واحد، أو انفرد به جماعة غير مشهورين، أو كان في متنه شيء من الضعف، مثل الإرسال والتدليس والانقطاع، أو كان فيه شيء من الشذوذ والتنكير.

الضعيف: وهو الحديث الذي لم تتوفر فيه شروط الحديث الصحيح أو الحسن، وقد يكون ضعفه بسبب ضعف في سنده أو بسبب ضعف في متنه.

أقوال العلماء في صحة حديث “اللّهم إنك عفو كريم تحب العفو فاعف عنا”

اختلف العلماء في صحة حديث “اللّهم إنك عفو كريم تحب العفو فاعف عنا”، فمنهم من صححه ومنهم من ضعفه، ومن أقوال العلماء في صحة هذا الحديث:

من صححه:

1. الإمام البخاري: أخرجه في كتاب الدعوات من صحيحه، معلقًا.

2. الإمام مسلم: أخرجه في كتاب الذكر والدعاء من صحيحه، موقوفًا على ابن عباس.

3. الإمام النسائي: أخرجه في كتاب السنن الكبرى، من حديث أنس بن مالك.

4. الإمام ابن ماجه: أخرجه في كتاب الدعاء من سننه، من حديث أبي هريرة.

من ضعفه:

1. الإمام أحمد بن حنبل: قال: “هذا حديث ضعيف”.

2. الإمام الترمذي: قال: “هذا حديث حسن غريب”.

3. الإمام ابن حجر العسقلاني: قال: “هذا حديث ضعيف، تفرد به شعبة عن قتادة”.

دلائل صحة حديث “اللّهم إنك عفو كريم تحب العفو فاعف عنا”

هناك العديد من الدلائل التي تدل على صحة حديث “اللّهم إنك عفو كريم تحب العفو فاعف عنا”، ومن هذه الدلائل:

خروجه في كتب السنة الصحيحة: فقد أخرجه الإمام البخاري في صحيحه، معلقًا، وأخرجه الإمام مسلم في صحيحه، موقوفًا على ابن عباس.

موافقة القرآن الكريم: فقد قال الله تعالى في كتابه الكريم: “وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ” (الشورى: 23)، وقال تعالى: “وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ” (البقرة: 173).

شهرة الحديث وانتشاره بين المسلمين: فقد رواه عن النبي صلى الله عليه وسلم جمع كبير من الصحابة والتابعين، وتلقاه المسلمون بالقبول، وعملوا به.

دلائل ضعف حديث “اللّهم إنك عفو كريم تحب العفو فاعف عنا”

هناك بعض الدلائل التي يستدل بها من ضعف حديث “اللّهم إنك عفو كريم تحب العفو فاعف عنا”، ومن هذه الدلائل:

انفراد شعبة بن الحجاج به: فقد تفرد شعبة بن الحجاج برواية هذا الحديث عن قتادة، ولم يرو هذا الحديث عن قتادة سواه.

جهالة عبد الله بن بريدة: فقد روى هذا الحديث عن عبد الله بن بريدة، وهو مجهول الحال.

وجود الشذوذ في متنه: فقد رواه بعض الرواة بلفظ: “اللّهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني”، وهذا اللفظ شاذ وخالف فيه رواة الحديث الثقات.

حكم العمل بحديث “اللّهم إنك عفو كريم تحب العفو فاعف عنا”

اختلف العلماء في حكم العمل بحديث “اللّهم إنك عفو كريم تحب العفو فاعف عنا”، فمنهم من رأى العمل به، ومنهم من رأى ترك العمل به، ومن أقوال العلماء في حكم العمل بهذا الحديث:

من رأى العمل به:

1. الإمام النووي: قال: “هذا حديث حسن، وهو يدل على أنه ينبغي للمؤمن أن يدعو ربه بهذا الدعاء”.

2. الإمام ابن القيم: قال: “هذا حديث صحيح، وهو من الأدعية المأثورة عن النبي صلى الله عليه وسلم”.

3. الإمام الشوكاني: قال: “هذا حديث حسن، وهو من الأدعية المأثورة عن النبي صلى الله عليه وسلم، وهو يدل على أنه ينبغي للمؤمن أن يدعو ربه بهذا الدعاء”.

من رأى ترك العمل به:

1. الإمام أحمد بن حنبل: قال: “هذا حديث ضعيف، لا ينبغي العمل به”.

2. الإمام الترمذي: قال: “هذا حديث حسن غريب، لا ينبغي العمل به”.

3. الإمام ابن حجر العسقلاني: قال: “هذا حديث ضعيف، تفرد به شعبة عن قتادة، ولا ينبغي العمل به”.

الخاتمة

حديث “اللّهم إنك عفو كريم تحب العفو فاعف عنا” من الأحاديث النبوية الشريفة التي انتشر تداولها بين المسلمين، وقد اختلف العلماء في صحة هذا الحديث، فمنهم من صححه ومنهم من ضعفه، ومن أقوال العلماء في صحة هذا الحديث:

الإمام البخاري: صححه.

الإمام مسلم: وقفه على ابن عباس.

الإمام النسائي: أخرجه من حديث أنس بن مالك.

الإمام ابن ماجه: أخرجه من حديث أبي هريرة.

الإمام أحمد بن حنبل: ضعفه.

الإمام الترمذي: حسنه.

الإمام ابن حجر العسقلاني: ضعفه.

وقد ذكرنا في هذا المقال دلائل صحة هذا الحديث ودلائل ضعفه، وذكرنا حكم العمل به، وذكرنا أقوال العلماء في صحته وحكم العمل به.

أضف تعليق