مراتب الايمان بالقدر

مراتب الايمان بالقدر

المقدمة:

الإيمان بالقدر ركن أساسي من أركان الإيمان الإسلامي، وهو اعتقاد جازم بأن الله سبحانه وتعالى هو وحده المدبر لكل شؤون الكون، وأنه لا يحدث في هذا الكون إلا بإرادته ومشيئته، وأن كل شيء مقدر ومكتوب عند الله منذ الأزل. وقد جعل الله تعالى الإيمان بالقدر من أركان الإيمان لفضله العظيم وأثره البعيد في حياة المسلم، فهو يربي في نفسه اليقين بالله تعالى، ويوطد في قلبه التوكل عليه، ويصونه من اليأس والقنوط، ويدفعه إلى العمل الصالح سعيًا وراء مرضاة الله تعالى.

أولاً: تعريف القدر:

القدر لغةً هو التقدير والتدبير، وشرعًا هو اعتقاد جازم بأن الله سبحانه وتعالى هو وحده المقدر لكل شيء، وأنه لا يحدث في هذا الكون إلا بإرادته ومشيئته، وأن كل شيء مقدر ومكتوب عند الله منذ الأزل.

ثانيًا: مراتب الإيمان بالقدر:

للإيمان بالقدر ثلاث مراتب:

1- الإيمان الجازم بأن الله سبحانه وتعالى هو وحده المقدر لكل شيء، وأنه لا يحدث في هذا الكون إلا بإرادته ومشيئته.

2- الإيمان بأن كل شيء مقدر ومكتوب عند الله منذ الأزل، وأن لا شيء يحدث في هذا الكون إلا بإرادته ومشيئته.

3- الإيمان بأن كل ما قدره الله تعالى هو خير وأن فيه حكمة عظيمة، وأن المسلم يجب أن يرضى بقضاء الله وقدره، وأن يحمده على كل حال.

ثالثًا: الأدلة على الإيمان بالقدر:

توجد العديد من الأدلة التي تدل على الإيمان بالقدر، منها:

1- الأدلة الشرعية: ورد في القرآن الكريم والسنة النبوية العديد من الآيات والأحاديث التي تدل على الإيمان بالقدر، ومنها قوله تعالى: “وَمَا تَشَاؤُونَ إِلَّا أَن يَشَاء اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ” (التكوير: 29)، وقوله تعالى: “لَا تَدْرِي نَفْسٌ مَّاذَا تَكْسِبُ غَدًا وَلَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ” (لقمان: 34).

2- الأدلة العقلية: إن العقل السليم يدل على وجود قدر يسيّر أمور الكون، فمن المستحيل أن يكون هذا الكون الهائل بلا مدبر أو متصرف، وأن تدور أموره بمحض الصدفة أو العشوائية.

رابعًا: فضل الإيمان بالقدر:

للإيمان بالقدر فضل عظيم وأثر كبير في حياة المسلم، ومن ذلك:

1- تربية اليقين بالله تعالى: إن الإيمان بالقدر يربي في نفس المسلم اليقين بالله تعالى، وأنه هو وحده المتصرف في شؤون الكون، مما يجعله يطمئن قلبه ويثبت إيمانه.

2- غرس التوكل على الله تعالى: إن الإيمان بالقدر يغرس في قلب المسلم التوكل على الله تعالى، وأنه هو وحده القادر على تغيير الأقدار وتدبير الأمور، مما يجعله يعتمد عليه في جميع شؤونه ويستعين به في كل أموره.

3- الوقاية من اليأس والقنوط: إن الإيمان بالقدر يقي المسلم من اليأس والقنوط، فمهما كانت الظروف صعبة وقاسية، فإنه يعلم أن ذلك هو قدر الله تعالى، وأنه لا بد أن فيه حكمة عظيمة، مما يجعله يتحمل الصعوبات والشدائد بصبر وثبات.

خامسًا: أثر الإيمان بالقدر على عمل المسلم:

لإيمان بالقدر أثر كبير على عمل المسلم، ومن ذلك:

1- تحفيزه على العمل الصالح: إن الإيمان بالقدر يحفز المسلم على العمل الصالح سعيًا وراء مرضاة الله تعالى، فإنه يعلم أن الله تعالى قد قدر له الخير والنجاح، وأن عمله الصالح هو الذي سيقربه من الله تعالى ويدخله الجنة.

2- صبره على البلاء والشدائد: إن الإيمان بالقدر يجعل المسلم صبورًا على البلاء والشدائد، فإنه يعلم أن ذلك هو قدر الله تعالى وأنه لا بد أن فيه حكمة عظيمة، مما يجعله يتحمل الصعوبات والشدائد بصبر وثبات.

3- رضاه بقضاء الله وقدره: إن الإيمان بالقدر يجعل المسلم راضيًا بقضاء الله وقدره، فإنه يعلم أن الله تعالى هو وحده الحكيم العليم، وأنه لا بد أن فيه حكمة عظيمة، مما يجعله يرضى بقضاء الله وقدره ويشكره على كل حال.

سادسًا: الشبهات حول الإيمان بالقدر:

هناك بعض الشبهات التي يثيرها بعض الناس حول الإيمان بالقدر، ومن ذلك:

1- شبهة الجبر: يرى بعض الناس أن الإيمان بالقدر يعني الجبر والإكراه، وهذا غير صحيح، فالإنسان مخير في أفعاله، ولا يجبره الله تعالى على فعل شيء معين.

2- شبهة الظلم: يرى بعض الناس أن الإيمان بالقدر يعني أن الله تعالى ظالم، لأنه يعاقب الناس على أفعالهم مع أنه هو الذي قدر عليهم تلك الأفعال. وهذا غير صحيح، فالله تعالى لا يعاقب الناس إلا على ما كسبوه بأيديهم، وهو لا يكلف نفسًا إلا وسعها.

3- شبهة التناقض: يرى بعض الناس أن الإيمان بالقدر يتناقض مع الإيمان بالمسؤولية الأخلاقية، وهذا غير صحيح، فالإنسان مسؤول أخلاقيًا عن أفعاله، وهو مطالب بتحمل عواقب أفعاله، سواء كانت جيدة أو سيئة.

سابعًا: الرد على الشبهات حول الإيمان بالقدر:

هناك العديد من الردود على الشبهات التي يثيرها بعض الناس حول الإيمان بالقدر، ومن ذلك:

1- الرد على شبهة الجبر: لا يعني الإيمان بالقدر الجبر والإكراه، فالإنسان مخير في أفعاله، ولا يجبره الله تعالى على فعل شيء معين. وقد قال الله تعالى: “وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ” (البلد: 10)، وهذا يدل على أن الإنسان مخير في أفعاله.

2- الرد على شبهة الظلم: لا يعني الإيمان بالقدر أن الله تعالى ظالم، لأنه يعاقب الناس على أفعالهم مع أنه هو الذي قدر عليهم تلك الأفعال. وهذا غير صحيح، فالله تعالى لا يعاقب الناس إلا على ما كسبوه بأيديهم، وهو لا يكلف نفسًا إلا وسعها. وقد قال الله تعالى: “لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا” (البقرة: 286).

3- الرد على شبهة التناقض: لا يتناقض الإيمان بالقدر مع الإيمان بالمسؤولية الأخلاقية. فالإنسان مسؤول أخلاقيًا عن أفعاله، وهو مطالب بتحمل عواقب أفعاله، سواء كانت جيدة أو سيئة. وقد قال الله تعالى: “وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ كِرَامًا كَاتِبِينَ يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ” (الانفطار: 10-12).

الخاتمة:

الإيمان بالقدر ركن أساسي من أركان الإيمان الإسلامي، وهو اعتقاد جازم بأن الله سبحانه وتعالى هو وحده المدبر لكل شؤون الكون، وأنه لا يحدث في هذا الكون إلا بإرادته ومشيئته، وأن كل شيء مقدر ومكتوب عند الله منذ الأزل. ولإيمان بالقدر فضل عظيم وأثر كبير في حياة المسلم، فهو يربي في نفسه اليقين بالله تعالى، ويوطد في قلبه التوكل عليه، ويصونه من اليأس والقنوط، ويدفعه إلى العمل الصالح سعيًا وراء مرضاة الله تعالى.

أضف تعليق