هل اسماء الله توقيفية

هل اسماء الله توقيفية

هل أسماء الله توقيفية؟

مقدمة:

أسماء الله الحسنى من أهم العقائد الإسلامية؛ لأن معرفتها وتوحيدها من مقتضيات الإيمان بالله تعالى، وقد ورد في القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة العديد من الآيات والأحاديث التي تؤكد على ضرورة الإيمان بأسماء الله الحسنى وتوحيدها، ومن أهم الأسئلة التي تُطرح في هذا المقام هو: هل أسماء الله توقيفية أم اجتهادية؟ أي هل هي محددة من قبل الله تعالى لا يمكن الزيادة عليها أو النقص منها، أم أنها متروكة للاجتهاد البشري؟.

1. مفهوم التوقيفية والاجتهادية في أسماء الله:

التوقيفية: هي القول بأن أسماء الله محددة من قبل الله تعالى لا يمكن الزيادة عليها أو النقص منها، وهي مستمدة من الوحي الإلهي، سواء في القرآن الكريم أو في السنة النبوية المطهرة، ولا يجوز لأي شخص أن يضع اسماً جديدًا لله تعالى أو أن يحذف اسمًا من أسمائه الحسنى.

الاجتهادية: هي القول بأن أسماء الله غير محددة من قبل الله تعالى، بل إنها متروكة للاجتهاد البشري، ويمكن لأي شخص أن يضع اسمًا جديدًا لله تعالى أو أن يحذف اسمًا من أسمائه الحسنى، بشرط أن يكون هذا الاسم مناسبًا لله تعالى ولا يتضمن أي شرك أو نقص في صفاته.

2. أدلة القائلين بالتوقيفية:

• أدلة من القرآن الكريم: قال الله تعالى في كتابه العزيز: ﴿وَللهِ الأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾ [الأعراف: 180]. وهذه الآية الكريمة تدل على أن أسماء الله محددة من قبل الله تعالى ولا يجوز لأي شخص أن يضع اسمًا جديدًا لله تعالى أو أن يحذف اسمًا من أسمائه الحسنى.

• أدلة من السنة النبوية المطهرة: ورد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم العديد من الأحاديث التي تؤكد على توقيفية أسماء الله الحسنى، منها ما رواه أبو هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ﴿لله تسعة وتسعون اسمًا، من حفظها دخل الجنة﴾. وهذا الحديث يدل على أن أسماء الله الحسنى محددة من قبل الله تعالى ولا يجوز لأي شخص أن يضع اسمًا جديدًا لله تعالى أو أن يحذف اسمًا من أسمائه الحسنى.

3. أدلة القائلين بالاجتهادية:

• أدلة من القرآن الكريم: قال الله تعالى في كتابه العزيز: ﴿وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ﴾ [الأنعام: 18]. وهذه الآية الكريمة تدل على أن الله تعالى له أسماء غير محدودة، وأنه يختار من هذه الأسماء ما يشاء متى يشاء، ولا يلزم أن تُذكر هذه الأسماء في القرآن الكريم أو في السنة النبوية المطهرة.

• أدلة من السنة النبوية المطهرة: ورد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم العديد من الأحاديث التي تدل على أن أسماء الله الحسنى غير محددة، منها ما رواه أبو هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ﴿إن لله تسعة وتسعين اسمًا، مائة إلا واحدًا، من أحصاها دخل الجنة﴾. وهذا الحديث يدل على أن أسماء الله الحسنى غير محددة، وأنه يمكن لأي شخص أن يضع اسمًا جديدًا لله تعالى أو أن يحذف اسمًا من أسمائه الحسنى، بشرط أن يكون هذا الاسم مناسبًا لله تعالى ولا يتضمن أي شرك أو نقص في صفاته.

4. أقوال العلماء في مسألة توقيفية أسماء الله:

اختلف العلماء في مسألة توقيفية أسماء الله الحسنى إلى ثلاثة أقوال:

• القول الأول: القول بالتوقيفية المطلقة: وهو القول بأن أسماء الله محددة من قبل الله تعالى لا يمكن الزيادة عليها أو النقص منها، وهو مذهب جمهور العلماء.

• القول الثاني: القول بالتوقيفية النسبية: وهو القول بأن أسماء الله محددة من قبل الله تعالى في الأصل، ولكن يمكن لأي شخص أن يضع اسمًا جديدًا لله تعالى أو أن يحذف اسمًا من أسمائه الحسنى، بشرط أن يكون هذا الاسم مناسبًا لله تعالى ولا يتضمن أي شرك أو نقص في صفاته.

• القول الثالث: القول بالاجتهادية المطلقة: وهو القول بأن أسماء الله غير محددة من قبل الله تعالى، بل إنها متروكة للاجتهاد البشري، ويمكن لأي شخص أن يضع اسمًا جديدًا لله تعالى أو أن يحذف اسمًا من أسمائه الحسنى، وهذا القول ضعيف مردود عليه.

5. الراجح في مسألة توقيفية أسماء الله:

الراجح في مسألة توقيفية أسماء الله هو القول بالتوقيفية المطلقة، وذلك للأدلة الكثيرة التي تدل على أن أسماء الله محددة من قبل الله تعالى لا يمكن الزيادة عليها أو النقص منها، قال العلامة ابن تيمية رحمه الله: “أسماء الله الحسنى توقيفية، أي: لا يجوز أن يطلق على الله اسم لم يرد في الكتاب والسنة، ولا يجوز الإخبار عنه بأنه موصوف بصفة لم يرد في الكتاب والسنة”.

6. الحكم الشرعي للتسمية بأسماء الله الحسنى:

يجوز التسمية بأسماء الله الحسنى، بل هو مستحب ومندوب إليه؛ لأن ذلك من تعظيم الله تعالى وإجلاله، قال العلامة ابن القيم رحمه الله: “التسمية بأسماء الله الحسنى من أعظم القربات إلى الله تعالى، فإنها من باب الإيمان بالله تعالى وتوحيده، ومن باب محبته وتعظيمه”.

7. آداب التسمية بأسماء الله الحسنى:

يجب على المسلم أن يتأدب عند التسمية بأسماء الله الحسنى، وذلك بأن يعتقد أن هذه الأسماء توقيفية من قبل الله تعالى لا يمكن الزيادة عليها أو النقص منها، وأن يتجنب التسمية بأسماء الله الحسنى في غير موضعها، وأن يتجنب التسمية بأسماء الله الحسنى على سبيل الاستهزاء أو السخرية.

خاتمة:

أسماء الله الحسنى توقيفية من قبل الله تعالى لا يمكن الزيادة عليها أو النقص منها، ولا يجوز لأي شخص أن يضع اسمًا جديدًا لله تعالى أو أن يحذف اسمًا من أسمائه الحسنى، ويجوز التسمية بأسماء الله الحسنى، بل هو مستحب ومندوب إليه؛ لأن ذلك من تعظيم الله تعالى وإجلاله، ويجب على المسلم أن يتأدب عند التسمية بأسماء الله الحسنى.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *