هل الاغاني حرام

هل الاغاني حرام

المقدمة

تُعد الأغاني أحد أشكال التعبير الفني التي تلازم البشر منذ القدم، وقد تطورت وتنوعت أشكالها وأنواعها عبر العصور. إلا أن الجدل حول شرعية الأغاني من الناحية الدينية ما زال مستمراً حتى يومنا هذا، سواء في الإسلام أو المسيحية أو اليهودية.

آراء الفقهاء في حكم الأغاني

اختلف الفقهاء في حكم الأغاني إلى ثلاثة أقوال رئيسية:

الجواز : يرى بعض الفقهاء أن الأغاني جائزة في حد ذاتها، بشرط أن لا تكون مصحوبة بمعازف محرّمة (مثل الطبول أو آلات النفخ) أو بكلمات خادشة للحياء أو تحض على الفسق والفجور. ومن هؤلاء الفقهاء الإمام الشافعي والإمام أحمد بن حنبل.

التحريم : يرى بعض الفقهاء الآخرين أن الأغاني محرّمة بشكل مطلق، سواء كانت مصحوبة بمعازف أم لا، وسواء كانت كلماتها حلالاً أم حراماً. ومن هؤلاء الفقهاء الإمام مالك والإمام ابن حزم الظاهري.

التفصيل : يرى بعض الفقهاء أن حكم الأغاني يختلف باختلاف نوعها وكلماتها وطريقة أدائها. فالأغاني التي تتضمن كلمات تحض على الفسق والفجور أو التي تُغنى بطريقة ماجنة أو مخلة بالحياء تُعتبر محرّمة. أما الأغاني التي تتضمن كلمات طيبة وتُغنى بطريقة لائقة فيجوز الاستماع إليها. ومن هؤلاء الفقهاء الإمام أبو حنيفة.

الأحاديث النبوية الواردة في حكم الأغاني

توجد العديد من الأحاديث النبوية التي وردت في حكم الأغاني، ومن أشهرها:

حديث أبي مالك الأشعري رضي الله عنه، قال: “لَعِبَتْ جَوَارِيٌ فِي حُجْرَةِ عَائِشَةَ، فَخَرَجَ عَلَيْهِنَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَعْرَضَ، فَقَالَتْ عَائِشَةُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَمَا تَنْظُرُ إِلَيْهِنَّ؟ قَالَ: إِنَّ فِي أَسَافِلِ سَرَاوِيلِهِنَّ مَا لَوْ رَأَيْتَهُ لَفَرَرْتَ”.

حديث ابن عمر رضي الله عنه، قال: “غَنَّى عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُغَنِّي بِبَعْضِ أَشْعَارِ الْجَاهِلِيَّةِ، فَأَنْصَتَ إِلَيْهِ حَتَّى فَرَغَ مِنْ غِنَائِهِ، ثُمَّ قَالَ: أَمَا لَوْ كَانَ الْحَقُّ مِثْلَ هَذَا لَكَانَ الْهَيْصَمُ أَحَقَّ بِهِ مِنْكَ”.

الأدلة العقلية على تحريم الأغاني

هناك العديد من الأدلة العقلية التي يستند إليها الفقهاء المحرمون للأغاني، ومن أهمها:

أن الأغاني تلهي عن ذكر الله والعبادة، وتشغل الإنسان عما هو نافع ومفيد.

أن الأغاني تدعو إلى الفسق والفجور وتضعف الإرادة وتُزيِّن للمرء المعاصي.

أن الأغاني تُثير المشاعر الجنسية وتُحرك الشهوات، وقد تؤدي إلى الزنا والفساد الأخلاقي.

الأدلة العقلية على جواز الأغاني

هناك أيضًا العديد من الأدلة العقلية التي يستند إليها الفقهاء المجيزون للأغاني، ومن أهمها:

أن الأغاني تُعد أحد أشكال التعبير الفني، وهي وسيلة للترويح عن النفس وإدخال البهجة والسرور على القلب.

أن الأغاني قد تُستخدم للتوعية والتثقيف والتوجيه الأخلاقي، ويمكن أن تُنقل من خلالها الرسائل الإيجابية إلى الناس.

أن الأغاني تُساعد على تنمية الذوق الفني والإبداع لدى الإنسان، وهي تُساهم في إثراء الثقافة الإنسانية.

الاستماع إلى الأغاني في القرآن الكريم والسنة النبوية

لم يرد في القرآن الكريم أو السنة النبوية أي نص صريح يُحرم الاستماع إلى الأغاني بشكل مطلق. إلا أن هناك بعض النصوص التي تُشير إلى أن الاستماع إلى الأغاني قد يكون مكروهاً أو غير مرغوب فيه، مثل قوله تعالى: “وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّخِذَهَا هُزُوًا أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ” (لقمان: 6).

الخاتمة

في الختام، فإن حكم الاستماع إلى الأغاني لا يزال محل خلاف بين الفقهاء المسلمين، ويختلف باختلاف نوع الأغاني وكلماتها وطريقة أدائها. ويبقى لكل فرد أن يُقرر بنفسه ما إذا كان سيستمع إلى الأغاني أم لا، وفقًا لقناعاته الدينية والأخلاقية.

أضف تعليق