هل الروس هم الروم

هل الروس هم الروم

المقدمة:

لقد كان سؤال ما إذا كان الروس هم الروم، موضوع نقاش طويل بين المؤرخين واللاهوتيين والسياسيين. ومن المعروف أنه في القرن العاشر، أصبحت المسيحية الأرثوذكسية الروسية متأثرة إلى حد كبير بثقافة الإمبراطورية البيزنطية، مما أدى إلى ظهور فكرة أن الروس هم الروم، أو “الرومان الجدد”.

الجذور التاريخية لفكرة الروس الرومان:

1. تبني المسيحية الأرثوذكسية: في عام 988، اعتمد فلاديمير الأول المسيحية الأرثوذكسية كدين رسمي لروسيا القديمة، مما أدى إلى تقارب ثقافي وديني مع الإمبراطورية البيزنطية.

2. زواج فلاديمير الأول من الأميرة البيزنطية: تزوج فلاديمير الأول من الأميرة البيزنطية آنا، مما عزز العلاقات بين روسيا القديمة والإمبراطورية البيزنطية.

3. نقل العلوم والثقافة البيزنطية إلى روسيا: بعد اعتناق المسيحية الأرثوذكسية، قامت روسيا القديمة بنقل الكثير من العلوم والثقافة البيزنطية إلى أراضيها، بما في ذلك الفنون المعمارية والرسم والموسيقى.

الادعاءات الروسية على خلافة الإمبراطورية البيزنطية:

1. موسكو هي روما الثالثة: في القرن الخامس عشر، ظهرت فكرة أن موسكو هي روما الثالثة، وأن روسيا هي الوريث الشرعي للإمبراطورية البيزنطية.

2. زواج إيفان الثالث من الأميرة البيزنطية صوفيا باليولوج: تزوج إيفان الثالث من الأميرة البيزنطية صوفيا باليولوج، مما عزز الادعاءات الروسية على خلافة الإمبراطورية البيزنطية.

3. استخدام لقب “قيصر” من قبل الحكام الروس: بدأ الحكام الروس في استخدام لقب “قيصر”، الذي كان يستخدم من قبل أباطرة الإمبراطورية البيزنطية، مما دل على محاولتهم لإظهار أنهم ورثة الإمبراطورية.

الانتقادات لفكرة الروس الرومان:

1. عدم وجود صلة عرقية: الروس هم شعب سلافي، بينما الروم هم شعب لاتيني، وبالتالي لا توجد صلة عرقية بينهما.

2. اختلاف اللغة والثقافة: تختلف اللغة والثقافة الروسية عن اللغة والثقافة الرومانية بشكل كبير، مما يجعل من الصعب القول بأن الروس هم الروم.

3. الطبيعة السياسية لفكرة الروس الرومان: يرى بعض المؤرخين أن فكرة الروس الرومان كانت ذات طبيعة سياسية أكثر منها دينية أو ثقافية، وأنها كانت تستخدم لتبرير ادعاءات روسيا على الأراضي البيزنطية السابقة.

تأثير فكرة الروس الرومان على تاريخ روسيا:

1. التوسع الإقليمي الروسي: ادعى الروس أنهم ورثة الإمبراطورية البيزنطية، مما منحهم ذريعة للتوسع الإقليمي في مناطق كانت تحت سيطرة الإمبراطورية البيزنطية سابقًا.

2. الصراع مع الدولة العثمانية: أدى ادعاء الروس بأنهم الروم إلى صراع طويل مع الدولة العثمانية، التي كانت قد سيطرت على معظم أراضي الإمبراطورية البيزنطية السابقة.

3. ظهور القومية الروسية: أدت فكرة الروس الرومان إلى ظهور القومية الروسية، التي كانت تستند إلى فكرة أن روسيا هي الأمة المختارة التي تهدف إلى حماية المسيحية الأرثوذكسية ونشرها.

فكرة الروس الرومان في العصر الحديث:

1. استخدام فكرة الروس الرومان من قبل القوميين الروس: يستخدم القوميون الروس فكرة الروس الرومان لتبرير ادعاءاتهم على الأراضي التي كانت تحت سيطرة الإمبراطورية البيزنطية سابقًا.

2. موقف الكنيسة الأرثوذكسية الروسية: تؤيد الكنيسة الأرثوذكسية الروسية فكرة الروس الرومان، وتعتبرها جزءًا من الهوية الروسية.

3. موقف الحكومة الروسية: تتجنب الحكومة الروسية استخدام فكرة الروس الرومان بشكل رسمي، لكنها لا تعارض استخدامها من قبل القوميين الروس والكنيسة الأرثوذكسية الروسية.

الخاتمة:

لقد كانت فكرة الروس الرومان موضوع نقاش طويل ومعقد، وتأثرت بالعديد من العوامل، بما في ذلك التاريخ والثقافة والدين والسياسة. في العصر الحديث، لا تزال هذه الفكرة تستخدم من قبل القوميين الروس والكنيسة الأرثوذكسية الروسية لتبرير ادعاءاتهم على الأراضي التي كانت تحت سيطرة الإمبراطورية البيزنطية سابقًا.

أضف تعليق