هل تحرير القدس قبل المهدي

هل تحرير القدس قبل المهدي

المقدمة:

لا يزال تحرير القدس من أشد الأمنيات والأهداف التي يتوق إليها كل مسلم، ففلسطين أرض مقدسة عند المسلمين، فيها المسجد الأقصى الذي هو أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين، وقد بارك الله محيطه وجعله أرضا مباركة، وارتبط تحرير القدس بعقيدة المسلمين، وانتظر المسلمون ذلك اليوم الموعود الذي يتم فيه تحرير القدس، فهل يتحقق هذا التحرير قبل ظهور المهدي المنتظر؟ وما هي الأدلة على ذلك؟

1- أدلة النصوص الدينية:

ورد في السنة النبوية أحاديث كثيرة تدل على أن تحرير القدس سيحدث قبل ظهور المهدي المنتظر، منها ما رواه الإمام أحمد في مسنده عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا تقوم الساعة حتى ينزل الروم بالأعماق أو بدابق، فيخرج إليهم جيش من المدينة، من خيار أهل الأرض يومئذ، فيقاتلونهم، فينهزم ثلثهم، ويقتل ثلثهم، ويفتتح الثلث، لا يفتتحون شيئا أبدا بعدها).

ومن ذلك أيضًا ما رواه الإمام مسلم في صحيحه عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا تقوم الساعة حتى تغزو الروم المدينة، فيخرج إليهم أهل المدينة، فإذا اصطفوا للقتال قال الروم: خلوا بيننا وبين الذين سبونا، فنقاتلهم، فيقتتلون، حتى إذا كثر القتل بينهم، قال الروم: خلوا بيننا وبين الذين أسلموا منكم، فنقاتلهم، فيكثر القتل بينهم، ثم يقولون: خلوا بيننا وبين الذين استعبدتموهم، فنقاتلهم، فيكثر القتل بينهم، حتى إذا لم يبق إلا المهاجرون والأنصار وأهل البيت، قالوا: لا والله لا نفارق إخواننا، فيقاتلونهم، حتى يأتيهم الله النصر).

وهذه الأحاديث تدل على أن تحرير القدس سيحدث قبل ظهور المهدي المنتظر، وأن ذلك سيكون نتيجة لمعركة فاصلة بين المسلمين والروم، وأن هذه المعركة ستكون عظيمة وشديدة، وستؤدي إلى تحرير القدس.

2- أدلة من التاريخ:

حدثت معركة حطين في عام 1187 م، والتي انتصر فيها المسلمون بقيادة صلاح الدين الأيوبي على الصليبيين، وأدت هذه المعركة إلى تحرير القدس من الصليبيين، وظلت القدس تحت سيطرة المسلمين حتى عام 1244 م، عندما استعادها الصليبيون، ثم استعادها المسلمون مرة أخرى في عام 1260 م.

حدثت معركة عين جالوت في عام 1260 م، والتي انتصر فيها المسلمون بقيادة الظاهر بيبرس على المغول، وأدت هذه المعركة إلى تحرير كامل الشام من المغول، ومنع تقدمهم نحو مصر، كما أدت إلى تحرير القدس من الصليبيين مرة أخرى، وظلت القدس تحت سيطرة المسلمين حتى عام 1917 م، عندما احتلها البريطانيون.

حدثت معركة الكرامة في عام 1968 م، والتي انتصر فيها الفدائيون الفلسطينيون على الجيش الإسرائيلي، وأدت هذه المعركة إلى رفع الروح المعنوية للفلسطينيين، وإحباط مخططات إسرائيل لاحتلال الأراضي الفلسطينية، كما أدت إلى زيادة الوعي العالمي بالقضية الفلسطينية.

وهذه المعارك التاريخية تدل على أن تحرير القدس ممكن، وأن المسلمين قادرون على تحريرها من الاحتلال الإسرائيلي، وأن هذا التحرير لن يحدث إلا بالقتال والجهاد.

3- أدلة من الواقع المعاصر:

تزايد الوعي العالمي بالقضية الفلسطينية، وازدياد التعاطف الدولي مع الفلسطينيين، ودعم حقوقهم المشروعة في إقامة دولتهم المستقلة وعاصمتها القدس.

تزايد قوة المقاومة الفلسطينية، وتطور قدراتها العسكرية، ونجاحها في صد العدوان الإسرائيلي، وإلحاق الهزيمة بجيش الاحتلال الإسرائيلي.

تزايد انقسام المجتمع الإسرائيلي، وتراجع التأييد الشعبي لحكومة الاحتلال الإسرائيلي، وازدياد رفض سياساتها العنصرية والقمعية تجاه الفلسطينيين.

4- عوامل تؤخر تحرير القدس:

الدعم الأمريكي غير المحدود لإسرائيل، وتوفير الحماية لها في المحافل الدولية، وإمدادها بالسلاح والعتاد العسكري، وتقديم الدعم المالي والاقتصادي لها.

ضعف وتشرذم الأمة العربية والإسلامية، وانشغالها بصراعاتها الداخلية، وعدم قدرتها على توحيد صفوفها ودعم الفلسطينيين في نضالهم من أجل تحرير القدس.

وجود اتجاهات في بعض الدول العربية والإسلامية تدعو إلى التطبيع مع إسرائيل، والاعتراف بها كدولة يهودية، والتخلي عن القضية الفلسطينية.

5- مسؤولية المسلمين تجاه تحرير القدس:

نصرة الفلسطينيين ودعم مقاومتهم المشروعة ضد الاحتلال الإسرائيلي، وتوفير الدعم المالي والعسكري والسياسي لهم.

فضح جرائم الاحتلال الإسرائيلي بحق الفلسطينيين، وفضح سياساته العنصرية والقمعية في المحافل الدولية.

العمل على توحيد صفوف الأمة العربية والإسلامية، ودعم القضية الفلسطينية كقضية مركزية للأمة.

دعم الجهود الدبلوماسية الرامية إلى حل القضية الفلسطينية على أساس قرارات الشرعية الدولية، وإقامة دولة فلسطينية مستقلة وعاصمتها القدس.

6- أهمية تحرير القدس للمسلمين:

تحرير القدس يعني تحرير أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين، وهو انتصار كبير للإسلام والمسلمين.

تحرير القدس يعني إفشال المخططات الصهيونية الرامية إلى تهويد المدينة المقدسة وطرد الفلسطينيين منها.

تحرير القدس يعني إنهاء معاناة الفلسطينيين تحت الاحتلال الإسرائيلي، وإقامة دولتهم المستقلة وعاصمتها القدس.

7- دور المهدي المنتظر في تحرير القدس:

يعتقد المسلمون أن المهدي المنتظر سيظهر في آخر الزمان، وسيقود المسلمين إلى تحرير القدس من الاحتلال الإسرائيلي.

يعتقد المسلمون أن المهدي المنتظر هو من نسل النبي محمد صلى الله عليه وسلم، وأنه سيظهر في وقت تكون فيه الأمة الإسلامية في أشد حالاتها ضعفًا وانقسامًا.

يعتقد المسلمون أن المهدي المنتظر سيملأ الأرض عدلاً وقسطًا بعد أن امتلأت ظلمًا وجورًا، وأنه سيقيم دولة العدل الإلهي.

الخاتمة:

تحرير القدس هدف إسلامي كبير، وهو حلم كل مسلم، وقد وردت في النصوص الدينية وأحداث التاريخ والواقع المعاصر أدلة كثيرة على أن هذا التحرير ممكن، وأن المسلمين قادرون على تحقيقه، ولكن هذا التحرير لن يحدث إلا بالوحدة والتعاون بين المسلمين، ونصرتهم للفلسطينيين، ودعم مقاومتهم المشروعة ضد الاحتلال الإسرائيلي.

أضف تعليق