مقدمة:
إن الزواج هو رباط مقدس جمع بين الرجل والمرأة، وهو أساس الأسرة والمجتمع، وقد أمر الله تعالى المسلمين بالمعاشرة بالمعروف بين الزوجين، كما قال الله تعالى: “وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ” [النساء: 19]، ومن المعاشرة بالمعروف أن يعامل الرجل زوجته بالحسنى، وأن ينفق عليها، وأن يوفر لها السكن والملبس والطعام، وأن يحترمها ويقدرها، وأن لا يهجرها ولا يظلمها.
أولا: تعريف الهجر:
الهجر هو ترك الرجل لزوجته وعدم معاشرتها، سواء بالكلام أو بالمعاملة أو بالمعاشرة الجنسية، وقد يكون الهجر صريحًا أو ضمنيًا، فالصريح هو أن يقول الرجل لزوجته أنه يهجرها، أو أن يغادر منزل الزوجية ويتركها فيه، وال ضمني هو أن يهجرها دون أن يتكلم معها أو يعاشرها بالمعروف.
ثانيًا: أنواع الهجر:
1. الهجر الجسدي: هو أن يترك الرجل منزل الزوجية ويقيم في مكان آخر، أو أن ينفصل عن زوجته في الفراش، فلا يجامعها ولا يقربها.
2. الهجر المعنوي: هو أن يهجر الرجل زوجته بالكلام، فلا يتحدث معها ولا يجيبها على أسئلتها، أو يهجرها بالمعاملة، فلا يعاملها بالحسنى ولا يكرمها.
3. الهجر النفسي: هو أن يتجاهل الرجل زوجته تمامًا، فلا ينظر إليها ولا يكترث بها ولا يهتم بشؤونها.
ثالثًا: أسباب الهجر:
1. المشاكل الزوجية: قد يحدث الهجر بسبب وجود مشاكل بين الزوجين، مثل الخلافات المالية أو الخلافات الأسرية أو الخلافات الجنسية.
2. تدخل الأهل: قد يتدخل أهل الزوج أو أهل الزوجة في حياة الزوجين، مما يؤدي إلى حدوث مشاكل بينهما، وقد يؤدي ذلك إلى هجر أحد الطرفين للآخر.
3. المرض: قد يصاب أحد الزوجين بمرض مزمن أو بإعاقة، مما يؤدي إلى إهمال الزوج الآخر له، وقد يؤدي ذلك إلى هجر أحد الطرفين للآخر.
4. الإدمان: قد يكون أحد الزوجين مدمنًا على الكحول أو المخدرات، مما يؤدي إلى إهماله للزوج الآخر، وقد يؤدي ذلك إلى هجر أحد الطرفين للآخر.
5. الخيانة الزوجية: قد يحدث الهجر بسبب خيانة أحد الزوجين للآخر، مما يؤدي إلى فقدان الثقة بينهما، وقد يؤدي ذلك إلى هجر أحد الطرفين للآخر.
رابعًا: آثار الهجر على الزوجة:
1. الضرر النفسي: يؤدي الهجر إلى إلحاق الضرر النفسي بالزوجة، فقد تشعر بالإحباط والاكتئاب والقلق والتوتر، وقد يؤدي ذلك إلى اضطرابات في النوم والشهية.
2. الضرر المادي: يؤدي الهجر إلى إلحاق الضرر المادي بالزوجة، فقد تفقد مصدر رزقها إذا كان الزوج هو من ينفق عليها، وقد تضطر إلى اللجوء إلى العمل لكسب قوتها.
3. الضرر الاجتماعي: يؤدي الهجر إلى إلحاق الضرر الاجتماعي بالزوجة، فقد تفقد مكانتها في المجتمع وتصبح عرضة للوصمة الاجتماعية، وقد تواجه صعوبات في الزواج مرة أخرى.
خامسًا: علاج الهجر:
1. الحوار والتفاهم: إذا كان الهجر ناتجًا عن مشاكل زوجية، فيجب على الزوجين محاولة حل هذه المشاكل بالحوار والتفاهم، ويمكنهما الاستعانة بمستشار أسري لمساعدتهما على ذلك.
2. العلاج النفسي: إذا كان الهجر ناتجًا عن مرض نفسي أو إدمان، فيجب على الزوج المصاب بالمرض أو الإدمان الخضوع للعلاج النفسي حتى يتمكن من التغلب على مشكلته.
3. التدخل الأسري: إذا كان الهجر ناتجًا عن تدخل الأهل، فيجب على الزوجين محاولة إقناع أهلهما بالتوقف عن التدخل في حياتهما، ويمكنهما الاستعانة بمستشار أسري لمساعدتهما على ذلك.
سادسًا: حكم الهجر في الإسلام:
الهجر حرام في الإسلام، وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن هجر الزوجة أكثر من أربع ليال، فقال: “لا يحل لامرئ أن يهجر امرأته فوق أربع ليال” [رواه أحمد والترمذي وابن ماجه].
سابعًا: عقوبة الهجر في الإسلام:
إذا هجر الرجل زوجته أكثر من أربع ليال، فإنها تستحق النفقة عليه، ويجوز لها أن تطلب الطلاق منه، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: “أيما امرأة هجرها زوجها فوق أربع ليال فهي أحق بمهرها” [رواه أحمد والترمذي وابن ماجه].
الخاتمة:
الهجر هو ظاهرة منتشرة في المجتمعات العربية والإسلامية، وهو ظلم كبير للزوجة، ولذلك يجب على الزوجين محاولة حل مشاكلهما بالحوار والتفاهم، وعدم اللجوء إلى الهجر، وإذا اضطر أحد الزوجين إلى هجر الآخر، فعليه أن يفعل ذلك وفقًا لتعاليم الإسلام، وأن لا يهجر زوجته أكثر من أربع ليال.