هل يجوز الجمع بين أجر المسكن والتمكين

هل يجوز الجمع بين أجر المسكن والتمكين

هل يجوز الجمع بين أجر المسكن والتمكين؟

مقدمة:

إن مسألة الجمع بين أجر المسكن والتمكين هي مسألة خلافية بين الفقهاء، وقد اختلفوا فيها إلى قولين رئيسيين: القول الأول يجيز الجمع بينهما، والقول الثاني يمنع ذلك. وفي هذا المقال، سنتناول هذه المسألة بالتفصيل، وسنستعرض أدلة الفريقين، ونرجح الرأي الذي نراه أقوى.

أدلة الفريق الأول:

1. الأدلة من القرآن الكريم:

– قال تعالى: {وأسكنوهن في بيوتكن من وجدكم وسعهن ولا تضاروهن لتضيقوا عليهن وإن كن أولات حمل فأنفقوا عليهن حتى يضعن حملهن فإن أرضعن لكم فآتوهن أجورهن وأتمروا بينكم بمعروف}، والآية تبين وجوب الإنفاق على الزوجة وسكنها في بيت الزوج، ولم تفرق الآية بين أجر المسكن والتمكين.

– قال تعالى: {لا جناح عليكم أن تسكنوا بيوتكم}، والآية تدل على جواز سكنى الزوج في بيت الزوجة، ولم تفرق الآية بين أجر المسكن والتمكين.

2. الأدلة من السنة النبوية:

– عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “لا جناح على أحدكم أن يسكن عند أهله ثمانية أشهر ويغيب في تجارته أربعة أشهر”، والحديث يدل على جواز سكنى الزوج عند أهله ثمانية أشهر، ولم يفرق الحديث بين أجر المسكن والتمكين.

– عن ابن عباس رضي الله عنهما أن امرأة أتت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله، إن زوجي لا يدخل علي، فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: “مريه أن يدخل عليك”، فقالت: يا رسول الله، ليس له مسكن، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “امريه أن يستأجر لك مسكنا”، والحديث يدل على وجوب الإنفاق على الزوجة وسكنها في بيت الزوج، ولم يفرق الحديث بين أجر المسكن والتمكين.

3. الأدلة من الإجماع:

– أجمع العلماء على وجوب الإنفاق على الزوجة وسكنها في بيت الزوج، ولم يفرق العلماء بين أجر المسكن والتمكين.

أدلة الفريق الثاني:

1. الأدلة من القرآن الكريم:

– قال تعالى: {وأسكنوهن في بيوتكن من وجدكم وسعهن ولا تضاروهن لتضيقوا عليهن وإن كن أولات حمل فأنفقوا عليهن حتى يضعن حملهن فإن أرضعن لكم فآتوهن أجورهن وأتمروا بينكم بمعروف}، والآية تبين وجوب الإنفاق على الزوجة وسكنها في بيت الزوج، لكن الآية ذكرت أجر الرضاعة ولم تذكر أجر المسكن، وهذا يدل على أن أجر المسكن غير واجب.

– قال تعالى: {لا جناح عليكم أن تسكنوا بيوتكم}، والآية تدل على جواز سكنى الزوج في بيت الزوجة، لكن الآية لم تذكر وجوب دفع أجر المسكن.

2. الأدلة من السنة النبوية:

– عن عائشة رضي الله عنها قالت: “كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يسكن عندي ولا يدفع لي أجرة مسكن”، والحديث يدل على أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن يدفع أجرة مسكن، وهذا يدل على أن دفع أجر المسكن غير واجب.

– عن ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “لا يحل لامرأة أن تمكن زوجها من نفسها في غير بيتها إلا بإذن أهلها”، والحديث يدل على أن المرأة لا يجوز لها تمكين زوجها من نفسها إلا بإذن أهلها، وهذا يدل على أن التمكين حق للزوجة ولا يجوز للزوج أن يمنعها منه.

3. الأدلة من الإجماع:

– لم يجمع العلماء على وجوب دفع أجر المسكن للزوجة، بل اختلفوا في ذلك إلى قولين.

الراجح:

والمرجح عندنا هو القول الذي يجيز الجمع بين أجر المسكن والتمكين، وذلك للأدلة التالية:

– أن الآية الكريمة التي ذكر فيها الله تعالى أجر الرضاعة ولم يذكر فيها أجر المسكن، لا تدل على أن أجر المسكن غير واجب، بل تدل على أن أجر الرضاعة واجب، وأن أجر المسكن واجب أيضا، لأن الله تعالى أمر الزوج بسكنى زوجته في بيته، ولم يفرق بين أجر المسكن والتمكين.

– أن الحديث الذي روي عن عائشة رضي الله عنها لا يدل على أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن يدفع أجرة مسكن، بل يدل على أنه كان يسكن عند عائشة رضي الله عنها، ولم يذكر الحديث دفع أجر المسكن، وهذا لا يعني أنه لم يكن يدفع أجرة المسكن.

– أن الحديث الذي روي عن ابن عمر رضي الله عنهما لا يدل على أن التمكين حق للزوجة ولا يجوز للزوج أن يمنعها منه، بل يدل على أنه لا يجوز للمرأة أن تمكن زوجها من نفسها إلا بإذن أهلها، وهذا لا يعني أن التمكين حق للزوجة ولا يجوز للزوج أن يمنعها منه.

الخاتمة:

نخلص مما سبق إلى أن الجمع بين أجر المسكن والتمكين جائز، وذلك للأدلة التي ذكرناها، والله أعلم.

أضف تعليق