هل يجوز الدعاء على من ظلمني ؟
مقدمة:
الدعاء من العبادات التي شرعها الله تعالى لعباده، ولكن الدعاء على الظالم أمر فيه خلاف بين العلماء، فمنهم من يجيزه ومنهم من يرى أنه لا يجوز، وفي هذا المقال سنتناول حكم الدعاء على من ظلمني بالتفصيل، وسنذكر الأدلة من القرآن والسنة على الجواز أو المنع، كما سنذكر شروط الدعاء على الظالم وآدابه.
1. تعريف الدعاء:
الدعاء هو النداء على الله تعالى وطلب شيء منه، وقد يكون الدعاء بلفظ أو بقلب فقط، والدعاء من العبادات العظيمة التي يحبها الله تعالى ويثيب عليها، وقد حثنا الرسول صلى الله عليه وسلم على الدعاء فقال: “الدعاء مخ العبادة”
2. تعريف الظلم:
الظلم هو التعدي على حقوق الآخرين، وقد يكون الظلم بقول أو فعل، والظلم من أكبر الكبائر التي نهى الله عنها، وقد توعد الظالمين بالعقاب الشديد في الدنيا والآخرة.
3. الأدلة على جواز الدعاء على الظالم:
هناك عدد من الأدلة من القرآن والسنة على جواز الدعاء على الظالم، ومن هذه الأدلة:
قوله تعالى: “والذين إذا ظلموا انتصروا”، فهذه الآية تدل على أن الله تعالى يجيز للمظلوم أن ينتصر على ظالمه، والدعاء على الظالم من وسائل الانتصار عليه.
قوله صلى الله عليه وسلم: “لا يظلم عبد عبدًا إلا أمهله الله له حتى ينتصف منه يوم القيامة”، فهذا الحديث يدل على أن الله تعالى ينتقم من الظالم يوم القيامة، وهذا يعني أنه يجيز للمظلوم أن يدعو عليه.
قصة دعاء النبي إبراهيم عليه السلام على قومه الذين ظلموه، فقد دعا عليهم فقال: “اللهم إنهم أضلوا كثيرًا من الناس فمن تبعني فإنه مني ومن عصاني فإنك غفور رحيم”.
أن من دعاء سيدنا يونس فى بطن الحوت دعاء على الظالمين له فأنقذه الله.
4. الأدلة على منع الدعاء على الظالم:
هناك أيضًا عدد من الأدلة من القرآن والسنة على منع الدعاء على الظالم، ومن هذه الأدلة:
قوله تعالى: “ولا تزر وازرة وزر أخرى”، فهذه الآية تدل على أن كل إنسان يتحمل وزر عمله ولا يتحمل وزر غيره، وهذا يعني أنه لا يجوز للمظلوم أن يدعو على الظالم.
قوله صلى الله عليه وسلم: “لا تدعوا على أنفسكم ولا على أولادكم ولا على خدمكم فإنكم تدعون في وقت لا يستجاب فيه الدعاء”، فهذا الحديث يدل على أن الدعاء في أوقات معينة لا يستجاب، وهذا يعني أنه لا يجوز للمظلوم أن يدعو على الظالم في هذه الأوقات.
أن الدعاء على الظالم قد يكون من باب الشماتة، والشماتة من الصفات المذمومة التي نهى الله عنها.
5. شروط الدعاء على الظالم:
إذا جاز الدعاء على الظالم فيجب أن يكون مستوفيًا لعدد من الشروط، ومن هذه الشروط:
أن يكون الدعاء بالحق، أي أن يكون الظالم قد ظلم المظلوم فعلاً.
أن يكون الدعاء في حدود المعقول، أي أن لا يكون الدعاء بالهلاك أو العذاب الشديد.
أن يكون الدعاء خالصًا لوجه الله تعالى، أي أن لا يكون الدافع وراء الدعاء هو الانتقام أو الشماتة.
6. آداب الدعاء على الظالم:
إذا استوفي الدعاء على الظالم الشروط السابقة، فيجب أن يكون مستوفيًا أيضًا لعدد من الآداب، ومن هذه الآداب:
أن يكون الدعاء سراً، أي أن لا يعلن المظلوم دعاءه على الظالم أمام الناس.
أن يكون الدعاء بالدعاء على الظالم بتلاوة آيات من القرآن الكريم.
أن يكون الدعاء مستمراً، أي أن لا ييأس المظلوم من الدعاء على الظالم حتى يستجيب الله لدعائه.
7. الدعاء على الظالم في الإسلام:
الإسلام دين الرحمة والتسامح، ولذلك فإن الدعاء على الظالم في الإسلام لا ينبغي أن يكون إلا في حدود المعقول، ولا ينبغي أن يكون بدافع الانتقام أو الشماتة. ويفضل أن يكون الدعاء على الظالم بالدعاء له بالهداية والتوبة، وأن يعود إلى رشده ويتخلى عن ظلمه.
الخاتمة:
الدعاء على الظالم أمر فيه خلاف بين العلماء، فمنهم من يجيزه ومنهم من يرى أنه لا يجوز، وقد ذكرنا في هذا المقال الأدلة من القرآن والسنة على الجواز أو المنع، كما ذكرنا شروط الدعاء على الظالم وآدابه. ويبقى الأمر في النهاية إلى المظلوم، فإن شاء دعا على ظالمه وإن شاء لم يدع عليه.