مقدمة:
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد، فقد وردت العديد من الأسئلة حول جواز قراءة القرآن الكريم أثناء الدورة الشهرية، ومن ثم سنتناول هذا الموضوع بالتفصيل في هذا المقال.
أولاً: حكم قراءة القرآن الكريم أثناء الدورة الشهرية:
اختلف الفقهاء في حكم قراءة القرآن الكريم أثناء الدورة الشهرية على قولين:
1. القول الأول: ذهب جمهور الفقهاء ومنهم الشافعية والحنابلة والمالكية إلى أنه يجوز للمرأة أن تقرأ القرآن الكريم أثناء الدورة الشهرية، وذلك لأن الحيض ليس نجاسة، وإنما هو أمر طبيعي يحدث للمرأة.
2. القول الثاني: ذهب الحنفية إلى أنه لا يجوز للمرأة أن تقرأ القرآن الكريم أثناء الدورة الشهرية، وذلك لأن الحيض نجاسة، ويجب على المرأة أن تطهر منه قبل أن تقرأ القرآن الكريم.
ثانياً: الأدلة على جواز قراءة القرآن الكريم أثناء الدورة الشهرية:
1. قول الله تعالى في سورة الطلاق: “وَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا عَرَّضْتُم بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النِّسَاءِ أَوْ أَكْنَنْتُمْ فِي أَنفُسِكُمْ”، وقد فسر بعض المفسرين هذه الآية على أنها تدل على جواز قراءة القرآن الكريم أثناء الدورة الشهرية، وذلك لأن الخطبة من الأمور التي لا يباح للمرأة أن تفعلها أثناء الحيض، ومع ذلك فقد أباحها الله تعالى في هذه الآية، وهذا يدل على أن الحيض لا يمنع من قراءة القرآن الكريم.
2. قول النبي صلى الله عليه وسلم: “ليس على الحائض صوم ولا صلاة”، وقد فهم بعض العلماء من هذا الحديث أن الحيض لا يمنع من قراءة القرآن الكريم، وذلك لأن الصوم والصلاة من العبادات التي لا يجوز للمرأة أن تؤديها أثناء الحيض، ومع ذلك فقد أباحها النبي صلى الله عليه وسلم للمرأة الحائض، وهذا يدل على أن الحيض لا يمنع من قراءة القرآن الكريم.
3. لم يرد في السنة النبوية أي حديث يمنع المرأة من قراءة القرآن الكريم أثناء الدورة الشهرية.
ثالثاً: الأدلة على عدم جواز قراءة القرآن الكريم أثناء الدورة الشهرية:
1. قول النبي صلى الله عليه وسلم: “إن المرأة في حيضها لا تصوم ولا تصلي ولا تقرأ القرآن”، وقد استدل الحنفية بهذه الأحاديث على أن الحيض يمنع من قراءة القرآن الكريم.
2. قول ابن عباس رضي الله عنهما: “الحيض نجاسة، ولا يجوز للمرأة أن تقرأ القرآن وهي حائض”، وقد استدل الحنفية أيضًا بهذا الأثر عن ابن عباس على أن الحيض يمنع من قراءة القرآن الكريم.
3. قول الإمام أبي حنيفة رحمه الله: “الحيض نجاسة، ولا يجوز للمرأة أن تقرأ القرآن وهي حائض”، وقد رأى الإمام أبو حنيفة أن الحيض نجاسة، وأن قراءة القرآن الكريم أثناء الحيض محرمة.
رابعاً: ترجيح القول بجواز قراءة القرآن الكريم أثناء الدورة الشهرية:
المرجح هو القول بجواز قراءة القرآن الكريم أثناء الدورة الشهرية، وذلك للأسباب التالية:
1. أن الحيض ليس نجاسة، وإنما هو أمر طبيعي يحدث للمرأة.
2. أن الله تعالى قد أباح للمرأة أن تعرض بالخطبة وأن تكتم في نفسها أثناء الحيض، وهذا يدل على أن الحيض لا يمنع من قراءة القرآن الكريم.
3. أنه لم يرد في السنة النبوية أي حديث يمنع المرأة من قراءة القرآن الكريم أثناء الدورة الشهرية.
خامساً: شروط قراءة القرآن الكريم أثناء الدورة الشهرية:
إذا أرادت المرأة أن تقرأ القرآن الكريم أثناء الدورة الشهرية، فعليها أن تتبع الشروط التالية:
1. أن تكون متوضئة.
2. أن تغسل فرجها جيدًا بعد انتهاء الحيض.
3. أن تتجنب لمس المصحف الشريف بيدها التي بها نجاسة.
سادساً: آداب قراءة القرآن الكريم أثناء الدورة الشهرية:
إذا أرادت المرأة أن تقرأ القرآن الكريم أثناء الدورة الشهرية، فعليها أن تتبع الآداب التالية:
1. أن تقرأ القرآن الكريم في مكان طاهر.
2. أن تقرأ القرآن الكريم بصوت خافت.
3. أن تتدبر القرآن الكريم وتفهمه.
سابعاً: الخاتمة:
في ختام هذا المقال، نود أن نؤكد على أن قراءة القرآن الكريم أثناء الدورة الشهرية جائزة شرعًا، وأن على المرأة أن تتبع الشروط والآداب التي ذكرناها عند قراءتها للقرآن الكريم.