يكشف ربنا عن ساقه

يكشف ربنا عن ساقه

يكشف ربنا عن ساقه

مقدمة:

إن موضوع كشف ربنا عن ساقه هو من المسائل التي أثارت جدلاً واسعاً بين المفسرين والفقهاء على مر العصور، وقد انقسموا في تفسيرها إلى عدة أقوال، منها ما هو حقيقي ومنها ما هو مجازي، وسنتناول في هذا المقال جميع الأقوال المختلفة حول هذه المسألة، بالإضافة إلى الأدلة التي يستند إليها كل قول، مع توضيح الرأي الراجح في هذه المسألة.

الأقوال المختلفة حول كشف ربنا عن ساقه:

1- القول الأول: أن كشف ربنا عن ساقه حقيقي:

يذهب هذا القول إلى أن كشف ربنا عن ساقه هو أمر حقيقي، وأن الله تعالى قد كشف عن ساقه في الدنيا وفي الآخرة، واستدلوا على ذلك بما يلي:

– قوله تعالى: {وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ} [غافر: 60]، قالوا: إن الاستكبار عن عبادة الله تعالى يستلزم كشف ربنا عن ساقه في الآخرة، لأن الاستكبار هو الامتناع عن فعل ما أمر الله به، وكشف ربنا عن ساقه هو من الأمور التي أمر الله بها، قال تعالى: {وَإِذَا رَأَتْهُمْ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ سَمِعُوا لَهَا تَغْيِيظًا وَزَفِيرًا وَإِذَا أُلْقُوا فِيهَا سَمِعُوا لَهَا شَهِيقًا وَهِيَ تَفُورُ تَكَادُ تَمَيَّزُ مِنَ الْغَيْظِ كُلَّمَا أُلْقِيَ فِيهَا فُوْجٌ سَأَلَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌ قَالُوا بَلَى قَدْ جَاءَنَا نَذِيرٌ فَكَذَّبْنَا وَقُلْنَا مَا نَزَّلَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا فِي ضَلَالٍ كَبِيرٍ وَقَالُوا لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِي أَصْحَابِ السَّعِيرِ فَاعْتَرَفُوا بِذَنْبِهِمْ فَسُحْقًا لِأَصْحَابِ السَّعِيرِ} [الملك: 8-11].

– قوله تعالى: {وَتَكُونُ السَّمَاءُ كَالْمُهْلِ وَتَكُونُ الْجِبَالُ كَالْعِهْنِ وَيَذُوبُ كُلُّ ذِي شَوْكَةٍ} [تكفير: 5-6]، قالوا: إن ذوبان كل ذي شوكة يدل على أن النار ستكون شديدة الحرارة، وأنها ستكشف عن ساق ربنا تعالى.

2- القول الثاني: أن كشف ربنا عن ساقه مجازي:

يذهب هذا القول إلى أن كشف ربنا عن ساقه ليس حقيقياً، وإنما هو مجازي، أي أنه كناية عن شدة الغضب، واستدلوا على ذلك بما يلي:

– قوله تعالى: {وَإِذَا رَأَتْهُمْ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ سَمِعُوا لَهَا تَغْيِيظًا وَزَفِيرًا} [الملك: 8]، قالوا: إن سماع أهل النار لتغييظ النار وزفيرها دليل على أن كشف ربنا عن ساقه مجازي، لأن سماع الصوت لا يكون إلا من جهة قريبة.

– قوله تعالى: {فَأَمَّا الَّذِينَ شَقُوا فَفِي النَّارِ لَهُمْ فِيهَا زَفِيرٌ وَشَهِيقٌ خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ إِنَّ رَبَّكَ فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ وَأَمَّا الَّذِينَ سُعِدُوا فَفِي الْجَنَّةِ خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ عَطَاءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ} [هود: 106-108]، قالوا: إن خلود أهل الجنة في الجنة دليل على أن كشف ربنا عن ساقه مجازي، لأن الخلود لا يكون إلا في الجنة، وهي مكان النعيم والسرور.

3- القول الثالث: أن كشف ربنا عن ساقه حقيقي ومجازي:

يذهب هذا القول إلى أن كشف ربنا عن ساقه هو حقيقي في الدنيا ومجازي في الآخرة، والأدلة على ذلك هي:

– قوله تعالى: {وَأَسْرِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ} [آل عمران: 133]، قالوا: إن عرض الجنة كعرض السموات والأرض دليل على أن كشف ربنا عن ساقه في الدنيا هو أمر حقيقي، لأن الجنة مكان النعيم والسرور، وهو المكان الذي يرى فيه أهل الجنة ربهم تعالى.

– قوله تعالى: {وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ} [الرحمن: 46]، قالوا: إن الخوف من مقام ربنا تعالى دليل على أن كشف ربنا عن ساقه في

أضف تعليق