مقدمة
النذر هو عهد يلزم به الإنسان نفسه لله عز وجل بأن يفعل شيئًا معينًا إذا تحقق له أمر معين، أو امتنع عنه إذا لم يتحقق له. وقد شرع النذر في الإسلام ليكون وسيلة لتربية النفس على التقوى والورع، ولإظهار محبة العبد لله وشكره على نعمه. وجعل الله النذر واجب الوفاء به، فقال تعالى: {وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْئُولًا}[الإسراء: 34].
أنواع النذر
ينقسم النذر إلى ثلاثة أنواع رئيسية:
1. النذر المطلق: وهو النذر الذي لا يتعلق بتحقيق أمر معين أو امتناعه، مثل أن يقول الإنسان: ” لله عليّ نذر أن أصوم يوم الإثنين”.
2. النذر المقيد: وهو النذر الذي يتعلق بتحقيق أمر معين أو امتناعه، مثل أن يقول الإنسان: ” لله عليّ نذر أن أتصدق بمبلغ معين من المال إذا شفيت من مرضي”.
3. النذر المعين: وهو النذر الذي يتعلق بأداء عمل معين، مثل أن يقول الإنسان: ” لله عليّ نذر أن أعتكف في المسجد لمدة معينة”.
أحكام النذر
1. شروط صحة النذر: يشترط لصحة النذر أن يكون صادراً عن شخص عاقل بالغ مختار، وأن يكون متعلقاً بأمر مباح شرعاً، وأن يكون معلقاً على أمر محتمل الوقوع.
2. حكم النذر: يكون النذر واجب الوفاء به، ولا يجوز العدول عنه إلا في حالات الضرورة القصوى، بشرط أن يكون العدول عنه بفعل خير يعادل أو يزيد على ما نذر به.
3. كفارة النذر: إذا عجز الإنسان عن الوفاء بالنذر الذي نذره، فعليه أن يكفر عن يمينه بأن يطعم عشرة مساكين أو يكسوهم، أو يعتق رقبة، فإن لم يجد فليصم ثلاثة أيام.
مبطلات النذر
1. الجنون: إذا جن الإنسان بعد أن نذر نذراً، بطل نذره.
2. الإكراه: إذا أكره الإنسان على النذر، بطل نذره.
3. الجهل: إذا جهل الإنسان حكم النذر، بطل نذره.
حالات النذر المباح
1. النذر بالعمل الصالح: يجوز للإنسان أن ينذر بالعمل الصالح، مثل أن ينذر بالصيام أو الصدقة أو الاعتكاف أو الحج أو العمرة.
2. النذر بالترك عن المعصية: يجوز للإنسان أن ينذر بالترك عن المعصية، مثل أن ينذر بعدم شرب الخمر أو الزنا أو السرقة أو الكذب.
3. النذر بالمال: يجوز للإنسان أن ينذر بالمال، مثل أن ينذر بالتبرع بمبلغ معين من المال للمساكين أو بناء مسجد أو مدرسة.
حالات النذر المكروه
1. النذر بما لا طاقة للإنسان به: يكره للإنسان أن ينذر بما لا طاقة له به، مثل أن ينذر بصيام شهر كامل دون انقطاع، أو أن ينذر بالاعتكاف في المسجد لمدة طويلة دون خروج.
2. النذر بما فيه ضرر على الإنسان: يكره للإنسان أن ينذر بما فيه ضرر عليه، مثل أن ينذر بإيذاء نفسه أو غيره، أو أن ينذر بالتخلي عن أمر واجب عليه.
3. النذر بما فيه إضرار بالآخرين: يكره للإنسان أن ينذر بما فيه إضرار بالآخرين، مثل أن ينذر بمنعهم من دخول منزله أو منعهم من التصرف في أموالهم.
خاتمة
النذر من العبادات التي شرعها الله تعالى لعباده ليكون وسيلة لتربية النفس على التقوى والورع، ولإظهار محبة العبد لله وشكره على نعمه. ويجب على الإنسان أن يتحري الصدق في نذره، وأن يوفي به إذا تحقق له الأمر الذي نذر عليه، أو امتنع عنه إذا لم يتحقق له. وإذا عجز عن الوفاء بالنذر الذي نذره، فعليه أن يكفر عن يمينه بالكفارة المقررة شرعاً.