في البداية وقبل الحديث عن الأهمية والتأكيد عليها، يجب التعرف على ماهية هذا الأمر وما هو مضمونه، فهو الأمر بتحقيق كل ما هو معروف من أوامر شرعية وإرشادات دينية، والنهي عن أي فعل محرم ومذموم، وهذا الأمر يعتبر من أعظم القربات التي يتقرب بها العبد إلى الله سبحانه وتعالى، وقد ورد الأمر به وبشدة في كتابه العزيز وفي سنة نبيه الكريم، ولا يتوقف الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر على قول اللسان ووعظ الناس فقط، بل يتعدى ذلك إلى إظهار الحق والباطل، وإعلاء شعارات الإسلام ورايات التوحيد، وإقامة العدل وإفشاء السلام.
والأمة الإسلامية اليوم بأمس الحاجة إلى من يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر، فقد انتشر فيها الفساد والظلم، ووصل حالنا إلى أن أصبح المنكر معروفاً والمعروف منكراً، وأصبح الفاضح عزيزاً والغيور ذليلاً، فكل الناس مشغولون بأنفسهم، كل منهم ينظر إلى نفسه فقط ولا يهتم بما يحدث حوله، ولا ينكر أي منكر يراه، بل يكتفي بمجرد الدعاء إلى الله أن يصلح حال المسلمين.
أهمية الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
فالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر له أهمية كبيرة وعظيمة في حياة المسلمين، ومن أبرز هذه الأهمية ما يلي:
1. إقامة شرع الله وإعلاء كلمته:
إن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر هو وسيلة لإقامة شرع الله سبحانه وتعالى وإعلاء كلمته، فالله سبحانه وتعالى خلق الإنسان وأرسل الرسل لهدايته إلى صراطه المستقيم، وشرع له منهج حياة واضح المعالم، فعندما يأمر العبد بالمعروف وينهى عن المنكر فإنه يسعى إلى إقامة هذا الشرع وإعلاء كلمة الله سبحانه وتعالى.
وهذا الأمر يعتبر من أعظم القربات وأفضل الأعمال، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “أفضل الجهاد كلمة حق عند سلطان جائر”.
كما قال الله سبحانه وتعالى في محكم تنزيله: “ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون”.
2. إصلاح المجتمع وجعله مجتمعاً فاضلاً:
إن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر له دور مهم وفعال في إصلاح المجتمع وتطهيره من كل ما هو منكر أو فاسد.
فالعبد عندما يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر فإنه يساهم في نشر الخير والفضيلة في المجتمع، وينهي عنه الشر والرذيلة، وهذا يؤدي إلى إصلاح المجتمع وجعله مجتمعاً فاضلاً تسوده روح المحبة والإخاء والتعاون.
كما قال الله سبحانه وتعالى: “وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان واتقوا الله إن الله شديد العقاب”.
3. حماية الأمة من الانحراف والضياع:
إن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر له دور كبير في حماية الأمة من الانحراف والضياع، فالعبد عندما يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر فإنه يمنع الناس من الوقوع في المعاصي والمنكرات، ويحفظهم من غضب الله سبحانه وتعالى.
وهذا الأمر يعتبر من أعظم الجهاد في سبيل الله سبحانه وتعالى، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف وفي كل خير”.
كما قال الله سبحانه وتعالى في محكم تنزيله: “يا أيها الذين آمنوا قاتلوا الذين يلونكم من الكفار وليجدوا فيكم غلظة واعلموا أن الله مع المتقين”.
4. تحقيق الأمن والاستقرار في المجتمع:
إن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر له دور مهم في تحقيق الأمن والاستقرار في المجتمع، فالعبد عندما يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر فإنه يساهم في نشر العدل والمساواة بين الناس، وينهي الظلم والفساد.
وهذا يؤدي إلى تحقيق الأمن والاستقرار في المجتمع، ويحمي الناس من الخوف والقلق.
كما قال الله سبحانه وتعالى في محكم تنزيله: “وإذا حكمتم بين الناس فاحكموا بالعدل إن الله يحب المقسطين”.
5. إصلاح ذات الشخص الآمر بالمعروف والناهي عن المنكر:
إن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر له دور مهم في إصلاح ذات الشخص الآمر بالمعروف والناهي عن المنكر، فالعبد عندما يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر فإنه يزكي نفسه وينقيها من كل ما هو سيء أو محرم.
وهذا يؤدي إلى إصلاح ذات الشخص الآمر بالمعروف والناهي عن المنكر وجعله إنساناً صالحاً فاضلاً.
كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “الدين النصيحة لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم”.
6. إعداد جيل صالح فاضل ينهض بالأمة:
إن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر له دور كبير في إعداد جيل صالح فاضل ينهض بالأمة، فالعبد عندما يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر فإنه يساهم في تربية وتعليم الجيل الجديد على الأخلاق الفاضلة والقيم السامية.
وهذا يؤدي إلى إعداد جيل صالح فاضل ينهض بالأمة ويحمل لواء الإسلام خفاقاً عالياً.
كما قال الله سبحانه وتعالى في محكم تنزيله: “يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم ناراً وقودها الناس والحجارة عليها ملائكة غلاظ شداد لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون”.
7. إنقاذ الناس من عذاب جهنم:
إن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر له دور مهم في إنقاذ الناس من عذاب جهنم، فالعبد عندما يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر فإنه يساهم في إرشاد الناس إلى طريق الصواب والهداية، وينقذهم من الوقوع في المعاصي والمنكرات.
وهذا يؤدي إلى إنقاذ الناس من عذاب جهنم وإدخالهم الجنة.
كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “الدال على الخير كفاعله”.
الخاتمة
وفي الختام، فإن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من أهم الواجبات التي يجب على كل مسلم ومسلمة القيام بها، وهو فريضة شرعية لا يجوز التهاون فيها، وهو طريق النجاة من عذاب جهنم والفوز بجنة عرضها السماوات والأرض، وهو من أعظم القربات التي يتقرب بها العبد إلى الله سبحانه وتعالى، وهو من أفضل الأعمال التي يمكن للإنسان أن يقوم بها في حياته، وهو سبيل إصلاح المجتمعات وإعلاء كلمة الله سبحانه وتعالى.