المقدمة:
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله وصحبه ومن اتبع هداه إلى يوم الدين، أما بعد:
فإن الاستغفار من أفضل العبادات التي يتقرب بها العبد إلى ربه، وهو من أعظم الأسباب التي تجلب المغفرة والرحمة، وقد حثنا الله تعالى ورسوله محمد صلى الله عليه وسلم على الاستغفار في مواطن كثيرة، قال الله تعالى: “فَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ” (هود: 90)، وقال تعالى: “وَاسْتَغْفِرْ رَبَّكَ ثُمَّ تُبْ إِلَيْهِ” (غافر: 3)، وقال الرسول صلى الله عليه وسلم: “من لزم الاستغفار غفر الله له ذنوبه وإن كانت مثل زبد البحر” (رواه الترمذي).
أفضل صيغة للاستغفار:
اختلف العلماء في أفضل صيغة للاستغفار، فمنهم من قال إن أفضل صيغة هي “أستغفر الله العظيم الذي لا إله إلا هو الحي القيوم وأتوب إليه”، ومنهم من قال إن أفضل صيغة هي “أستغفر الله العظيم وأتوب إليه”، ومنهم من قال إن الأفضل أن يجمع العبد في استغفاره بين الصيغتين، فيقول: “أستغفر الله العظيم الذي لا إله إلا هو الحي القيوم وأتوب إليه وأسأله التوبة والمغفرة”.
فضل الاستغفار:
للاستغفار فضل عظيم، فهو سبب لمغفرة الذنوب، وجالب للرحمة والرضوان من الله تعالى، وحافظ لصحة البدن والعقل، ورافع للدرجات في الآخرة، قال الله تعالى: “وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَن يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ” (آل عمران: 135)، وقال الرسول صلى الله عليه وسلم: “من لزم الاستغفار جعل الله له من كل هم فرجًا ومن كل ضيق مخرجًا ورزقه من حيث لا يحتسب” (رواه ابن ماجه).
شروط قبول الاستغفار:
يشترط لقبول الاستغفار عدة شروط، منها:
1- الإخلاص لله تعالى: فلا يستغفر العبد إلا الله وحده، ولا يقصد بعبادته غيره سبحانه.
2- الندم على الذنب: فلا بد أن يندم العبد على الذنب الذي اقترفه، ويعزم على تركه وعدم العودة إليه.
3- العزم على عدم العودة إلى الذنب: فعلى العبد أن يصمم على عدم العودة إلى الذنب الذي تاب منه، وأن يجاهد نفسه للهجرة عنه.
أسباب عدم قبول الاستغفار:
قد لا يقبل الله تعالى استغفار العبد لأسباب عدة، منها:
1- الاستمرار في الذنب: فلا يقبل الله استغفار من يصر على الذنب ولا يتوب منه.
2- عدم الندم على الذنب: إذا لم يندم العبد على الذنب الذي اقترفه، ولم يعزم على تركه، فإن استغفاره لا يكون مقبولًا.
3- عدم العزم على عدم العودة إلى الذنب: إذا لم يعزم العبد على عدم العودة إلى الذنب الذي تاب منه، فإن استغفاره لا يكون مقبولًا.
أوقات الاستغفار:
يستحب الاستغفار في جميع الأوقات، ولكن هناك أوقات يكون فيها الاستغفار أفضل وأكثر فضلًا، منها:
1- الثلث الأخير من الليل: ففي هذا الوقت ينزل الله تعالى إلى السماء الدنيا ويقول: “هل من سائل فأعطيه؟ هل من مستغفر فأغفر له؟” (رواه الترمذي).
2- عند السحر: ففي هذا الوقت يرحم الله عباده المؤمنين ويغفر لهم ذنوبهم، قال الله تعالى: “وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ” (الذاريات: 18).
3- بعد الصلوات المفروضة: ففي هذا الوقت تكون الطاعات مضاعفة، والاستغفار من أفضل العبادات.
كيفية الاستغفار:
يستحب الاستغفار على النحو التالي:
1- رفع اليدين إلى السماء: يرفع العبد يديه إلى السماء ويقول: “أستغفر الله العظيم الذي لا إله إلا هو الحي القيوم وأتوب إليه”.
2- قول الأذكار المأثورة: يردد العبد بعد ذلك الأذكار المأثورة، مثل: “سبحان الله وبحمده، سبحان الله العظيم، أستغفر الله”.
3- الدعاء: يدعو العبد بعد ذلك بما يشاء من الخير والبركات.
الاستغفار في الكتاب والسنة:
ورد ذكر الاستغفار في القرآن الكريم في أكثر من موضع، قال الله تعالى: “فَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ” (هود: 90)، وقال تعالى: “وَاسْتَغْفِرْ رَبَّكَ ثُمَّ تُبْ إِلَيْهِ” (غافر: 3)، وقال الرسول صلى الله عليه وسلم: “من لزم الاستغفار غفر الله له ذنوبه وإن كانت مثل زبد البحر” (رواه الترمذي).
الاستغفار عند السلف الصالح:
كان السلف الصالح يكثرون من الاستغفار، ويحرصون عليه في جميع الأوقات، وكانوا يعلمون أن الاستغفار من أفضل العبادات وأحبها إلى الله تعالى، وقد قال بعضهم: “لو أني استغفرت حتى انقطع لساني وذابت شفتاي لما آمنت أن الله تعالى يغفر لي”.
الخاتمة:
الاستغفار من أفضل العبادات التي يتقرب بها العبد إلى ربه، وهو من أعظم الأسباب التي تجلب المغفرة والرحمة، وقد حثنا الله تعالى ورسوله محمد صلى الله عليه وسلم على الاستغفار في مواطن كثيرة، ويستحب الاستغفار على النحو الذي ذكرناه، ونسأل الله تعالى أن يغفر لنا ذنوبنا وأن يتقبل استغفارنا إنه سميع مجيب الدعاء.