الحكمة في شعر أبي تمام
مقدمة
أبو تمام حبيب بن أوس الطائي، شاعر عربي من العصر العباسي، اشتهر بشعره الحكيم الذي يحتوي على الكثير من الحكم والمواعظ، كما عرف بطريقته المميزة في استخدام المجاز والاستعارة، مما جعل شعره غنيًا بالصور والتشبيهات، وفي هذا المقال سنتحدث عن الحكمة في شعر أبي تمام.
1. الحكمة في شعر أبي تمام
يُعد أبو تمام أحد أبرز شعراء الحكمة في العصر العباسي، حيث تميز شعره بغنى مضامينه الحكيمة، وغالبًا ما يقدم حكمه ومواعظه في أبيات قليلة، مما يجعلها سهلة الحفظ والاستذكار، ومن أشهر الحكم التي وردت في شعره:
“وما المرء إلا كالشهاب وضوءه
ينيرُ، ولكن عاقبته رماد”
“ومن يصنع المعروف لا يعدم جوازيه
ولا يذهب العرف بين الله والناس”
“إذا لم تجد غير الجمال محببًا
فلا تطلبن غير البياض محببًا”
2. الحكمة في شعر أبي تمام وأثرها على الشعراء اللاحقين
كان لأبي تمام تأثير كبير على الشعراء اللاحقين، حيث تأثر شعره بالكثير من الشعراء الذين سبقوه، ومن أشهر الشعراء الذين تأثروا به:
المتنبي: تأثر المتنبي بأبي تمام في أسلوب شعره وطريقة استخدامه للغة، كما تأثر أيضًا بحكمه ومواعظه، ومن أشهر أبيات المتنبي التي تشبه حكم أبي تمام:
“إذا لم تستطع شيئًا فدعه
وجاوزه إلى ما تستطيع”
البحتري: تأثر البحتري أيضًا بأبي تمام في أسلوب شعره وطريقة استخدامه للغة، كما تأثر أيضًا بحكمه ومواعظه، ومن أشهر أبيات البحتري التي تشبه حكم أبي تمام:
“عليك بأحسن ما تستطيع فعله
فإن لكل امرئ ما هو صانعه”
3. الحكمة في شعر أبي تمام وارتباطها بالفلسفة
كان لأبي تمام ارتباط وثيق بالفلسفة، حيث كان يقرأ الكتب الفلسفية ويتأثر بها، ومن أشهر الفلاسفة الذين تأثر بهم:
أرسطو: تأثر أبو تمام بفلسفة أرسطو في نظريته عن الأخلاق، حيث يرى أرسطو أن الأخلاق هي صفات مكتسبة وليست غريزية، وأنها تتكون من خلال العادة والتكرار، وقد تأثر أبو تمام بهذه النظرية في شعره، حيث كتب الكثير من الأبيات التي تحث على اكتساب الأخلاق الحميدة والتخلص من الأخلاق الذميمة.
أفلاطون: تأثر أبو تمام أيضًا بفلسفة أفلاطون، حيث يرى أفلاطون أن هناك عالمين، عالم محسوس وعالم معقول، وأن العالم المحسوس هو مجرد ظل للعالم المعقول، وقد تأثر أبو تمام بهذه النظرية في شعره، حيث كتب الكثير من الأبيات التي تصف العالم المحسوس وتقارنه بالعالم المعقول.
4. الحكمة في شعر أبي تمام وأثرها على المجتمع
كان لشعر أبي تمام أثر كبير على المجتمع، حيث كان شعره مصدرًا للحكمة والموعظة للناس، وقد ساعد شعره على نشر القيم والأخلاق الفاضلة، كما ساعد أيضًا على تنمية الوعي الفكري لدى الناس، وقد كان لشعره دور في إصلاح المجتمع وتقويم سلوكيات الناس.
5. الحكمة في شعر أبي تمام وسياق العصر
عاش أبو تمام في العصر العباسي، وهو عصر شهد الكثير من التحولات السياسية والاجتماعية، وقد تأثر شعر أبو تمام بهذه التحولات، حيث كتب الكثير من الأبيات التي تصف حالة العصر وتنتقد الظلم والفساد، كما كتب أيضًا الكثير من الأبيات التي تحث على الوحدة والاتفاق بين المسلمين.
6. الحكمة في شعر أبي تمام وخصائصه الفنية
يتميز شعر أبي تمام بالعديد من الخصائص الفنية، ومن أهم هذه الخصائص:
استخدام المجاز والاستعارة: يستخدم أبو تمام المجاز والاستعارة بكثرة في شعره، مما يجعل شعره غنيًا بالصور والتشبيهات، ومن أشهر المجازت التي يستخدمها:
“كأن قلوب الطير رطّبها الصبا
فألقت على الأفنان دمعًا سجومًا”
الإيجاز والإطناب: يتنوع أسلوب أبي تمام بين الإيجاز والإطناب، فيستخدم الإيجاز في بعض الأبيات، والإطناب في أبيات أخرى، ومن أشهر الأمثلة على إيجازه:
“إذا المرء لم يدنس من اللؤم عرضه
فكل رداء يرتديه جميل”
ومن أشهر الأمثلة على إطنابه:
“ألم تر أن الشمس زينت طلوعها
بأنواع زهر ناضر اللون طيب
فأضحى كأن الأرض تبسم ضاحكًا
وقد حل فيها للربيع نصيب
فكاد لولا خوف ربي وأنني
أناجي الذي لولا إلهي ما وجبت
وإني وإن أخطأت غفران ربي
قريب فأغشاه وأنسى الذي وجبت”
7. الحكمة في شعر أبي تمام ونماذج من شعره
ومن نماذج شعره التي تدل على حكمته وحسن بلاغته وجميل ألفاظه قوله:
“إذا كان صرف الدهر لا بد منه
فما الحيلة إلا الصبر والتجلد
كما مات قوم قبلنا فعرفوا
بأن المصائب لا تدوم لأحد”
وقوله أيضًا:
“إذا أنت لم تملك سوى حلم ساعة
فلا تقطعن رأسًا وأنت غضوب
ولا نكح الحرة الكريم تسائلًا
فإنك لا تدري متى قد تطوب”
وقوله أيضًا:
“ليس الفتى من قال كان أبي
ولكن من قال ها أنا ذا”
خاتمة
وفي الختام، فإن الحكمة في شعر أبي تمام من أهم ما يميز شعره، حيث كان شاعرًا حكيمًا مفكرًا، واستطاع من خلال شعره أن ينقل حكمه ومواعظه إلى الناس، كما كان لشعره دور كبير في إصلاح المجتمع وتقويم سلوكيات الناس.